ـ مع موت الدماغ لا يجب وضـع أجهزة التنفس، ولا يحرم قطعها.

ـ إذا تحقق موت الدماغ لا يجب التغذية.

ـ لا بد للطبيب أن يستأذن ولي المريض في إنهاء هذا النوع من الحياة.

ـ الميت دماغياً لديه حياة الخلية لا حياة الإنسان.

ـ الموت الطبي ليس محرزاً بالدليل الشرعي.

سئل السيد محمد حسين فضل الله:

قد تصل حالة المريض إلى أن يتعطل العقل (الدماغ) ويموت، ويحاول الدكتور المحافظة على حياة المريض عبر أجهزة التنفس والتغذية التي بدونها لا يستطيع المريض أن يتنفس أو يتغذى، مما يؤدي إلى الموت، فنحن في حيرة، هل يجوز رفع هذه الأجهزة عن المريض؟ وهل يعتبر رفعها قتلاً؟ علماً أن الدماغ قد مات، وموته يعني موت الإنسان طبّياً، فإلى من نرجع في هذه الأمور؟

فأجاب:

"إذا تحقق موت الدماغ باليقين، فلا يجب وضع أجهزة التنفس والتغذية، ولا يحرم رفعها إذا كانت موجودة، ولا يعتبر ذلك من القتل المحرَّم" رؤى ومواقف ج1ص141

ويُسأل السيد محمد حسين فضل الله مرة أخرى:

(الموت الرحيم) هل يرجع تحديده للطبيب، أم للحاكم الشرعي، أم للمريض نفسه؟

فيجيب:

"إذا كان المقصود من الموت الرحيم، الموت الذي يريح المريض، باعتبار أن الآلام تصل إلى حد لا تطاق عادة، فإن هذا لا يجوز، فإن قتل الإنسان حتى لو كان ذلك رأفةً به لا يجوز.

وإذا كان المراد بالموت الرحيم، هو قتل المريض تخفيفاً على أهله من جهة أنه ميؤوس منه، باعتبار أنه سيموت بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أيام قطعاً، فهذا لا يجوز أيضاً، لأنه لو بقيت لهذا المريض ساعة من الحياة، لما جاز لنا أن نسلبها هذا الإنسان.

أما إذا كان المراد بالموت الرحيم حالة الموت الدماغي، كما لو افترضنا أن المريض مات طبياً، بمعنى توقف الدماغ بالطريقة التي لا مجال فيها ولو بنسبة 1% بعودته إلى العمل، ففي هذه الحالة نرى أنه لا يجب وضع الجهاز الذي يطيل أمد الحياة للجسد بمعنى حركة القلب، ولا يحرم إزالة الجهاز، لو كان موجوداً في هذه الحالة.

وهذه المسألة يرجع تحديدها للطبيب المشرف على المريض، كما أنها تكليف الأهل لتمكين الطبيب من ذلك، حيث لا سلطة للطبيب على أن ينهي حياة هذا الإنسان أو ينهي هذا النوع من الحياة، لأن للمريض ولياً، ولا بد للطبيب من مراجعته في هذا الشأن. حيث يجوز للولي نتيجة تشخيص الحالة من قبل الطبيب أن يسمح له بإجراء هذه العملية. ولعل الأساس في ذلك أن الأدلة التي تدل على وجوب إنقاذ حياة المريض لا تشمل هذا النوع من الحياة التي هي حياة الخلية لا حياة الإنسان، تماماً كما هو مظهر الحياة في ذنب الأفعى أو الوزغ بعد الموت، كما أن الدليل الذي دلّ على حرمة إنهاء الحياة للإنسان بالقتل لا يشمل هذا المورد.

وليس الأساس هو صدق الموت على الموت الطبي، لأن ذلك ليس محرزاً بحسب الأدلة الشرعية، والله العالم" [ فقه الحياة 158-159]

ونقول:

إننا قبل أن ندخل في بيان مواضع الخلل في كلام السيد محمد حسين فضل الله يشير إلى أن علينا أن نعترف بالعجز عن فهم فقرة وردت والسؤال حيث يفهم منه أنه يمكن الرجوع إلى الميت (بالموت الرحيم) في تحديد الموت الرحيم..

وبعد هذه الملاحظة نقول:

1 ـ هل يستطيع السيد محمد حسين فضل الله الجزم بأن هذا الموت الدماغي هو الموت الحقيقي، الذي يكون فيه عزرائيل قد أتم قبض روح ذلك الشخص، وصعد بها إلى الملأ الأعلى.. بحيث يصح أن نقول جزماً: إنه قد أصبح جسداً لا روح فيه؟!.

2 ـ ما معنى تعليله لزوم إجازة ولي المريض للطبيب بقوله:

"حيث لا سلطة للطبيب على أن ينهي حياة هذا الإنسان، أو هذا النوع من الحياة، لأن للمريض ولياً".

فإذا كانت حياة فكيف جاز إزهاقها؟!. وإذا لم تكن حياة فلماذا احتاج الطبيب إلى إجازة الولي؟!.

إلا إذا كان المقصود هو إجازته من حيث التصرُّف في جسد الميت.

ويجاب عنه: أن رفع الأجهزة قد لا يكون فيه تصرُّف في المريض يحتاج إلى إجازة، لا سيما إذا كانت الأجهزة ملكاً للطبيب.

3 ـ وإذا كانت حياة أو نوعاً من الحياة فكيف جاز للولي الإجازة بإزهاق روح هذا المريض وإنهاء حياته؟! أو فقل: إنهاء هذا النوع من الحياة. ومن أين جاءته السلطة على ذلك؟!، وما هو الدليل على جواز أن يسمح للطبيب بإجراء هذه العملية؟! فإن ولايته بالنسبة إلى المريض لا تعني جواز قتله، أو جواز إنهاء هذا النوع من الحياة.

4 ـ أما بالنسبة لإطلاق الأدلة. فنقول: ما هو الوجه الذي قيد إطلاقها وجعله لا يشمل هذا النوع من الحياة؟!. ولماذا لا يشمل دليل حرمة القتل هذا المورد.. مع اعترافه بعدم صدق الموت على الموت الطبي. ومع اعترافه بأن الأدلة الشرعية غير قادرة على شمول الموت الطبي.

5 ـ وهل يلتزم السيد محمد حسين فضل الله بوجوب غسل مسّ الميت لمن مسّ إنساناً قد مات دماغه؟!.. وهل يجيز دفنه وهو في هذه الحالة؟!. وهل تعتدّ زوجته منذ بدء هذا الموت الدماغي عدة الوفاة، ثم تتزوج بغيره؟! خصوصاً إذا امتد وضع الأجهزة إلى أشهر عديدة ولو أنه صلى عليه وغسله غسل الميت وهو في هذه الحالة هل يلتزم بإجزاء هذه الصلاة، وذلك الغسل، وعدم لزوم إعادتهما بعد فصل الأجهزة عنه وتوقف قلبه؟!..

وإذا قالوا: إن الاحتياط يقتضي عدم ترتيب كل هذه الآثار، ويقتضي إعادة ما يحتاج إلى إعادة..

فإننا نقول: لماذا لا يقتضي الاحتياط عدم إبعاد الأجهزة عنه والإقدام على قتله؟!

6 ـ ما معنى تشبيه هذه الحالة بحالة ذنب الأفعى أو الوزغ بعد الموت؟ فإن كان التحرك نتيجة عملية خروج الروح منه، فإن الموت لا يصدق إلا بعد انتهاء خروجها، وإن كانت مجرّد تقلّصات للخلايا بعد خروج الروح، فلماذا لا يصدق عليه أنه موت بحسب الأدلة الشرعية حسب اعترافه؟!.

7 ـ من الذي قال السيد محمد حسين فضل الله إن هذا المستوى من المرض مهما كان خطيراً يجيز له أن يحرم المريض من أنفاسٍ بقيت له يُنيله الله من خلالها الثواب الجزيل، والأجر العظيم على ما يعانيه في هذه الدنيا. فلماذا يريد أن يحرمه من هذا الثواب؟‍.

8 ـ وبعد.. ألم يسمع السيد محمد حسين فضل الله بالكثير من الحالات التي تم فيها شفاء مريض قد يئس الأطباء من شفائه؟ وشخّصوا موته دماغياً؟، وأعلن ذلك في تقارير نشرت في الصحف، وعلى شاشات التلفاز؟ فلماذا يحرمه من هذه الفرصة. أو على الأقل يحرم أهله من الدعاء والابتهال إلى الله لشفائه؟ ومن ثواب هذا الدعاء.. ويحرمهم من الصبر على المعاناة، ومن ثواب وأجر الصابرين؟.. ويدفعهم إلى ارتكاب جريمة في حق إنسان يعترف هو نفسه بأن الأدلة الشرعية لا تساعد على اعتباره ميتاً..

9 ـ وإذا كان الموت الطبي غير محرز بالأدلة الشرعية، فكيف أحرز عدم وجوب تغذية ذلك المريض؟!..

فإن كان ذلك خوفاً على الأموال، فالأموال إنما هي للمريض نفسه، أو من بيت المال.

وكيف أحرز جواز أن يأذن الولي بإنهاء هذا النوع من الحياة؟!.

10 ـ والأغرب من ذلك والأعجب: أنه حكم على هذا النوع من الحياة: أنه حياة الخلية ـ كما هو الحال في ذنب الأفعى ـ لا حياة الإنسان.. ثم هو يقول:

"إن الموت الطبي غير محرز بالأدلة الشرعية"!!.

فإذا كان قد أحرز أنها حياة الخلية فقط.. لا حياة الإنسان، فإن عليه أن يحرز موته طبياً.

11 ـ إن حياة الجنين قبل ولوج الروح فيه هي الأخرى حياة الخلية أو حياة النباتية فلماذا حرم الشارع المساس بها. ومنع الحامل من محاولة الإسقاط؟!

العودة