ـ ربما كان القبطي مستحقا للقتل (أي وربما كان لا يستحق القتل فيكون قتله جريمة).

ـ موسى يفعل أمرا محرّماُ بغير قصد.

ـ موسى (ع) يقر على نفسه بالضلالة وعدم الهدى.

ـ موسى يعترف بجهله بالنتائج السلبية لقتله القبطي.

ـ كان موسى حين قتل القبطي ضالاً، لم يحدد لنفسه الطريق المستقيم المنطلق من قواعد الشريعة.

ـ الضعف البشري قبل النبوة بسبب فقد الهداية التفصيلية.

ـ موسى ارتكب ما لو كان في الموقع الذي هو فيه بعد النبوة لما فعله.

ـ لم يكن قتل القبطي ضروريا.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

".. كيف اعترف موسى على نفسه بالضلال؟

{قال فعلتها إذاً} أي حينئذ {وأنا من الضالين} أي الجاهلين بالنتائج السلبية التي تترتب عليّ فيما أدى إلى أكثر من مشكلة اعترضت حياتي وأبعدتني عن أهلي وبلدي، مع أن القضية كانت تحل بغير ذلك.. فلم أفعلها في حال الرسالة لتكون تلك نقطة سوداء تسجلها علي في موقعي الرسالي، بل فعلتها قبل أن يلهمني الله الهدى المتحرك في خط الرسالة، عندما كنت ضالاً لم أحدّد لنفسي الطريق الواضح المستقيم المنطلق من قواعد الشريعة المنزلة القائمة على التوازن فيما يصلح الإنسان أو يفسده.. وبذلك نستوحي من الفقرة في الآية أن الضلال ليس بالمعنى الوجودي المضاد الذي يعبر عن الإنحراف، بل بالمعنى السلبي المعبر عن عدم معرفة طريق الهدى، الذي يضيء عمق الأمور على أساس المصلحة الحقيقية للإنسان.

القرآن يثير نقاط الضعف البشري في الأنبياء        وفي ضوء ذلك، نفهم كيف يقدّم لنا القرآن شخصية النبي من نقاط الضعف البشري قبل النبوة، عندما كان بعيدا عن الإهتداء التفصيلي بالشريعة والمنهج، خلافا للفكرة المعروفة لدى الكثيرين من العلماء الذين لا يوافقون على أن النبي يمكن أن يضعف أمام عوامل الضعف الذاتي قبل النبوة أو بعدها، حتى فيما لا يشكّل معصية، أو انحرافاً خطيراً عن الخط المستقيم.

وهكذا واجه موسى الموقف بشجاعة الإعتراف بما فعله قبل أن يُبعث بالرسالة، ويهتدي بالحق من خلال الوحي النازل من الله.. فلم يسقط أمام التحدي الذي وجهه فرعون للرسالة على أساس ما وجهه لشخصه من عمل سابق.. بل أكده في مواقعه الذاتية قبل الرسالة قبل أن ينزل عليه الهدى الذي يدعو إليه الناس الآن، فارتكب ما ارتكبه في الجوّ الذي لو كان في الموقع الذي هو فيه الآن لما فعله، لا لأنه فعل حراماً فلم يكن متعمداً للمسألة، وربما كان الشخص يستحق القتل، بل لأنه لم يكن ضروريا بالمستوى الذي وصلت إليه القضية في نتائجها السلبية على مستوى حياته الشخصية فيما أدت إليه من إرباك وتعقيد.." [ من وحي القرآن ج17ص98-100ط2]

ونقول:

إن ما ذكره السيد محمد حسين فضل الله قد تضمن عدة نقاط لا يمكن قبولها وهي التالية:

1 ـ قلنا فيما تقدم من هذا الكتاب: إن جواب موسى(ع) لفرعـون، حين ذكـر فعلته بقتله للقبطي: {قال فعلتها إذن، وأنا من الضالين} يراد به السخرية من كلام فرعون بقرينة كلمة (إذن). وقد شرحنا ذلك هناك بما يناسب المقام فليراجع.

ولم يكن موسى (ع) بصدد الإعتراف بالجهل بالنتائج السلبية لما فعله، فإنه حتى الإنسان الغبي يدرِك النتائج المترتبة على قتل إنسان مّا من أيّ فئة كانت، فكيف إذا كان يعلم أن وراء هذا المقتول أمة بأسرها، بما فيها حاكمها المستكبر المدعي للألوهية؟.

2 ـ ولا ندري كيف حكم السيد فضل الله على موسى (ع) أنه حين قتل القبطي كان ضالاً لا يعرف قواعد الشريعة؟!..

مع أن السيد فضل الله قد فسر قوله تعالى: {لقد جئت شيئاً نكراً} (في مسألة قتل الغلام مع العبد الصالح بحضور موسى) بأنه قتل النفس أمر ينكره العقل و الشرع و العرف الأمر الذي يبطل كلامه هنا.

ألم يكن موسى (ع) على علم بشريعة إبراهيم التي كان البشر كلهم مطالبين بالعمل بها؟!..

ولنفترض أنه لم يكن على علم بتفاصيل أحكام الشريعة الربانية، فهل كان ما فعله من الأمور الغامضة، التي تحتاج في الإقدام عليها إلى معرفة تفاصيل الشريعة؟!.

وهل كان يحتمل أحد أن تأبى الشريعة قتل هذا الكافر المحارب المتعدي على الأبرياء، والذي يحاول قتلهم؟!

3 ـ كيف عرف السيد فضل الله أن موسى (ع) قد ارتكب قبل النبوة ما لا يفعله بعدها؟! فإن هذا الحكم الجازم ليس له ما يبرره! كما أن هذا مخالف لما عند الشيعة الامامية من أن النبي معصوم مطلقاً قبل البعثة وبعدها.

4 ـ ومن أين عرف أن موسى (ع) لم يكن نبيا من أول أمره.؟

5 ـ ومن أين عرف أيضا أن قتل القبطي لم يكن ضروريا حتى أدركه هو، ولم يدركه موسى آنذاك؟!.

6 ـ ومن أين استنتج أن قتل القبطي عائد إلى وجود ضعف بشري لدى موسى (ع) قبل نزول النبوة، ثم استنتج من ذلك بطلان ما يذهب إليه السيد فضل الله من تنزيه الأنبياء عن أي ضعف بشري قبل النبوة وبعدها؟.

وهل هذه إلا دعوى ليس لها ما يبررها، لا من عقل ولا من نقل؟.

كما أنه هو نفسه يصرح في نفس كتابه (من وحي القرآن) بأن كل ما كان يريده موسى هو أن يدافع عن الذي من شيعته، ويخلصه من بين يدي القبطي، فحصل القتل منه من دون قصد.

إذن فلم يكن في الأمر جريمة ناتجة عن ضعف بشري ولا غيره..

7 ـ وأخيراً فإن السيد فضل الله يجوّز على الأنبياء أن يرتكبوا جرائم قبل النبوة حتى بمستوى قتل النفس البريئة، وفقا لما احتمله في كتابه في هذا المورد بالذات، وهذا أمر مرفوض في عقائد الشيعة الإمامية كما هو معلوم، إذ قتل النفس المحترمة هو من الكبائر التي توعّد الله فاعلها بالنار؟!.

العودة