ـ درجات الأنبياء في الكمال تتفاوت حسب مواقعهم الإيمانية.

ـ استعجال يونس العذاب لقومه بسبب ضعفه البشري.

ـ استسلام الأنبياء للضعف البشري تابع لدرجاتهم.

ـ يونس لم يصبر لتبلغ الرسالة مداها في تحقيق شروط النجاح، أو نهاية التجربة.

ـ ليس ضروريا أن يكون الاستسلام للضعف في حجم المعصية.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"من إيحاءات الآية: وقد نستوحي من هذه الوصية للنبي أن لا يكون كصاحب الحوت الذي ضاق صدره بتكذيب قومه، فاستعجل العذاب لهم، ولم يصبر على الامتداد في تبليغ الرسالة لتبلغ مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة.

قد نستوحي من ذلك، أن الأنبياء يستسلمون لنقاط الضعف البشري تبعا لدرجاتهم.. وقد لا يكون من الضروري أن يكون ذلك في حجم المعصية، لأنهم ربما انطلقوا من معطيات إيمانية في الغضب لله ولرسوله ولكن ذلك يعني أن درجاتهم في الكمال تتفاوت حسب تفاوت مواقعهم الإيمانية الروحية" [ من وحي القرآن ج23ص60ط2]

ونقول:

قد شرحنا هذه الآيات فيما مضى من هذا البحث.. وأوضحنا أن الحديث فيها عن صبر يونس لا يتجه إلى اتهام يونس بالاستسلام للضعف البشري وعدم صبره إلى أن تبلغ الرسالة مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة ليقول لنا السيد فضل الله بعد ذلك: هل إن ذلك في حجم المعصية أم لا؟.

1ً ـ ولكن الذي لفت نظرنا هنا هو قول هذا الرجل:

 "قد لا يكون من الضروري أن يكون ذلك في حجم المعصية، لأنهم ربما انطلقوا من معطيات إيمانية الخ..".

فإن هذا الكلام يستبطن احتمال المعصية في حق يونس عليه السلام كما يفهم من قوله:

" قد لا يكون من الضروري!!".

وقوله:

"لأنهم ربما انطلقوا".

وهذا الأمر مرفوض في حق الأنبياء حتى على مستوى الاحتمال.

2ً ـ ولفت نظرنا أيضا: ما أطلقه في حق الأنبياء من أن استسلامهم لنقاط الضعف البشري يكون تبعا لدرجاتهم.

فلو فرضنا جدلاً: أنهم يستسلمون لنقاط الضعف البشري، فمن أين استنتج أنهم يختلفون في درجات الاستسلام هذه تبعاً لدرجاتهم، فما هي القرينة في الآية المباركة التي تدل على ذلك؟ فالآية قد جاءت خطابا للنبي (ص) وهي تدل إذن على أن ذلك ممكن في حق نبينا (ص) كما هو ممكن في حق يونس (ع) مع علمنا باختلاف الدرجة فيما بينهما.

هذا بالإضافة إلى أن السيد فضل الله يزعم عدم ثبوت تفضيل النبي (ص) على سائر الأنبياء [من وحي القرآن ج5ص8ط2] ثم يشرح حقيقة ما فضل الله به بعض الأنبياء على بعض فيقول:

"..{ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} سورة الإسراء الآية 55 بما ميزناهم من مواقع العمل، وطبيعة المعجزة، ونوعية الكتب، وذلك بمقتضى الحكمة التي أقام الله عليها الحياة [من وحي القرآن ج14ص149ط2]

3ً ـ ولفت نظرنا أيضا ما زعمه من أن استعجال يونس العذاب لقومه، إنما هو لأن صدره قد ضاق بتكذيبهم.

فهل ذلك يعني أن يونس عليه السلام كان متسرعا، وأن المسألة قد انطلقت من ضعف يونس الذي ألجأه إلى مواجهة ألوف من الناس بالعذاب الماحق، وبالخطر الداهم والساحق، الأمر الذي يعني أن قومه قد ذهبوا ضحية ضعفه البشري.؟!

وهذه تهمة خطيرة في حق أنبياء الله صلوات الله عليهم.

والأدهى من ذلك أن الله سبحانه قد جارى نبيه هذا الضعيف في ذلك حتى رأوا نذير العذاب بالفعل..

4ً ـ ثم هو ينسب إلى نبي من أنبياء الله أنه لم يصبر على الامتداد في تبليغ الرسالة، حتى تبلغ مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة.

وهذا معناه تسجيل تهمة على هذا النبي أنه لم يقم بمهمة التبليغ الرسالي على الوجه الأكمل والأمثل، لأنه لم يصبر على الرسالة لتحقق شروط النجاح. مع أنه هو نفسه يسلم بعصمة النبي في مقام التبليغ، ولا بد أن يكون ذلك يشمل صورتي الخطأ والتقصير في التبليغ على حد سواء.

العودة