ـ لعل انفعال النبي لشخصه يتجاوز انفعاله لأجل الله.

ـ التسلية للنبي لعلها لتخليصه من حالة ذاتية ترهقه.

ـ قد يحزن النبي لمسألة شخصية ككون التكذيب موجهاً إليه كشخص.

ـ قد يواجه النبي الموقف بالمشاعر الذاتية بدلاً من العقلية الواقعية.

ـ قد يواجه النبي الموقف بالمشاعر الذاتية بدلاً من الذهنية المرنة.

ـ تسلية النبي بالإيحاء إليه أن التكذيب موجه إلى الله لا إلى شخصه هو.

ـ محاولة تأكيد الفكرة في ضمير النبي لكي يفرغ ذاته من الإنفعال.

ـ النبي يواجه صدمات انفعالية صعبة ـ شخصية ـ تثقل حركته في الدعوة.

ـ ردة الفعل لدى النبي يجب أن تبتعد عن الذات والذاتيات.

ـ التكذيب لله وهو فوق الإنفعال لا للنبي الذي ليس كذلك.

ـ النبي قد يرى العمل مرتبطاً بذاته لا بمسؤوليته.

ـ لو أن النبي اعتبر العمل مرتبطاً بمسؤوليته لا بذاته لعمل بموضـوعية، وهدوء.

ـ النبي قد يفهم القضية أمراً شخصياً له.. ولا يفهمها مرتبطة بالنطاق العام للرسالة.

ـ هناك حالة بشرية في النبي تحب التمرد.

ـ هناك حالة بشرية في النبي تحب الهروب من المسؤولية.

ـ مواجهة حالة التمرد والهروب بمنطق الواقع.

ـ الواقع يفرض الهدوء النفسي، وحالة النبي البشرية ليست كذلك.

ـ الواقع يفرض الإتزان العاطفي، والحالة البشرية في النبي خلاف ذلك.

ـ الواقع يفرض الثبات العقلي، والحالة البشرية في النبي ليست كذلك.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"هل كان الرسول يشعر بالحزن الروحي على ما يواجهه به قومه من تكذيب؟ وهل كانت المسألة تمثل بالنسبة إليه حالة ذاتية ترهقه ليحتاج إلى التسلية التي تبعد الموضوع عن التحدي الذاتي، وتجعله بمنأى عن النتائج السلبية المؤثرة على المشاعر الخاصة، وذلك بالإيحاء له بأن التكذيب ليس موجهاً إليه، بل موجه إلى الله من خلال ما يكذب به الظالمون من آيات الله؟

وهل إن مثل هذا الأسلوب يريح النبي محمداً (ص)؟ وإذا كان الأمر على هذا الشكل، فهل يمكننا أن نفهم أن انفعاله الشخصي يتجاوز انفعاله لله؟ وأخيراً، هل ينسجم مع شخصية النبي في ما نعرفه عن إخلاصه لرسالته لربه؟

هذه هي علامات الاستفهام التي قد ترتسم أمام القارئ لهذه الآيات عندما يواجه معانيها من خلال الفهم الحرفي لألفاظها.

 ولكننا نفهم منها أسلوباً قرآنياً يتحدث عن تحليل الموقف الرسالي للرسول، ولكل الرساليين الذين يتبعون خطاه، في ما يمكن أن يخضع له البشر من نوازع ذاتية أمام التحديات، فهو يوحي بوجود شيء من هذا القبيل، كفرضية قابلة للحدوث، ولكن ليس من الضروري أن تكون قد حدثت بالفعل، لينتقل من خلال ذلك إلى الإيحاء بأن الموضوع لا يتحمل أية صدمة انفعالية صعبة، تثقل حركة الذات في الدعوة.

فإذا كانت صفة الرسالة هي التي تطبع شخصية الرسول فإن كل ردة فعل سلبية أو إيجابية ترتبط بتلك الشخصية يجب أن تكون بعيدة عن الذات والذاتيات.

وبهذا تكون القضية متعلقة بالله الذي لا يضيره شيء من تكذيبهم، وجحودهم كما لا ينفعه شيء من إيمانهم وتصديقهم، لأنه الغني عن ذلك كله، فلا مجال لأي انفعال لأن الذات لا علاقة لها بالموضوع، والرسالة المنزلة من الله لا تتأثر بذلك، إن الله فوق الإنفعال، فماذا يبقى في الساحة؟

إن المسألة ـ بكل بساطة ـ هي أن يواجه الرسول الموقف بعقلية واقعية، وذهنية عملية مرنة، بعيداً عن كل الحالات الشعورية الذاتية، وبذلك تستمر القافلة الرسالية في سيرها الطبيعي، لتصل إلى أهدافها الكبيرة في نهاية المطاف.

وفي ضوء ذلك، تتحول هذه الآيات إلى خطة تربوية للعمل الرسالي، يواصل من خلالها ذاك العمل طريقه بكل موضوعية وهدوء، تماماً كأي عمل يرتبط بمسؤوليته ولا يرتبط بذاته، حيث يتحرك الداعية على أساس المعطيات الواقعية، ومدى انسجامها مع خط المسؤولية في عمله، فيعيش التجرد من كل ما لا يرتبط بالعمل، مما يجعل للحركة فاعلية قوية، ويقود الموقف إلى خطوات الواقع.

وهكذا تخرج القضية من النطاق الشخصي، لتتصل بالنطاق العام للرسالة، وللرسول، فلا تعود شيئاً شخصياً للنبي، بل تتحول إلى قاعدة عامة لكل الرسل، والرسالات، ومن هنا تتساقط كل علامات الاستفهام أمام شمولية القاعدة وثباتها.

إن القرآن يريد أن يؤكد الفكرة ـ الخط ـ في ضمير النبي الداعية، ليفرّغ ذاته من الإنفعال، فهناك حالة بشرية تحب التمرد والمواجهة، والهروب من المسؤولية، فلا بد من مواجهتها من منطق الواقع الذي يبحث في الأرض عن الإمكانيات الحاضرة، والمستقبلية لانتصار الدعوة في حركتها الفاعلة، مما يفرض المزيد من الهدوء النفسي والإتزان العاطفي، والثبات العقلي.

فالدعوة تمثل رسالة الله، والتكذيب يواجه هذه الرسالة، فهو يواجه الله في النهاية" [ من وحي القرآن ج9ص82-83]

 

ونقول:

لقد طرح السيد فضل الله أسئلته أولاً حول سبب حزنه (ص) لتكذيب قومه له، وأنه هل هو حالة ذاتية له، أو هل أن انفعاله الشخصي يتجاوز انفعاله لله وغير ذلك..؟ ثم قرر في إجابته عنها: أن ليس من الضروري أن يكون ذلك كله قد حدث بالفعل، ولكنها تبقى فرضية قابلة للحدوث عنده، واحتمال كونها كذلك يساوق القول بإمكانها، وذلك يعني أنه لا مانع من وقوعها.. ثم أفاض في تفاصيل عناصر هذا الأمر القابل للحدوث لكل من النبي، والداعية على حد سواء.. فجاء هذا السيل من التصريحات التي حاولنا أن نشير إلى أكثرها في العناوين التي صدّرنا بها الفقرات المنقولة منه حرفياً فاقرأ، وأعجب ما بدا لك!!

ـ فهل يصح احتمال ذلك كله في حق الأنبياء؟

ـ وهل يجتمع احتمال هذه الأمور مع الاعتقاد بعصمتهم؟

ـ وإذا كانت عصمتهم إجبارية فما معنى احتمال أمور كهذه في حقهم؟!

ـ وأي نبي هذا الذي يخلط بين التكذيب لشخصه والتكذيب لله؟!

ـ وأي نبي هذا الذي يسلّيه، ويريحه أن يكذّب الناس الله؟ ويحزنه أن يكون التكذيب موجهاً لشخصه..؟!.

إلى غير ذلك من الأسئلة التي لا بد أن تدور بذهن كل منصف عاقل.. وهل يصح بعد هذا كله أن يدعي السيد فضل الله أنه يعتقد بعصمة الأنبياء، وبكفاءتهم العلمية والإيمانية لتحمل شمولية الرسالة؟!.

العودة