ـ لو أخذ الله علياً بما يناسب وضعه لما استحق إلا العذاب.

ـ لسان حال علي: أنا يا رب أهل للعذاب.

ـ لسان حال علي: أنا في مقام العاصي، والمذنب.

ـ علي يسأل الله أن يغفر له الذنوب التي تميت القلب.

ـ علي يسأل الله أن يغفر له الذنوب التي تضع القلب في التيه، والضلالة.

ـ علي يتوسل ليسأل الله مغفرة كل ذنب، وكل خطيئة.

ـ علي يطلب السماح عن خطاياه، وذنوبه.

ـ علي يطلب مغفرة الذنوب التي تمس كيانه وشخصيته.

ـ علي يطلب مغفرة الذنوب التي تجعل شخصيته متهالكة، وضـعيفة.

ـ يطلب مغفرة الذنوب التي تفقد شخصيته دورها الإيماني الفاعل.

ـ يطلب مغفرة الذنوب التي تحوله الى ركام هامشي لا دور له، ولا موقع.

ـ يطلب مغفرة الذنوب التي تجعله فارغاً مضطرباً سقيماً.

ـ يطلب مغفرة الذنوب التي تجعله فاشلاً وساقطاً.

ـ علي لا يثق بعمله.

ـ قد يكون في عمل علي غش كثير.

 

وفي سياق لغة الحديث مع علي ـ عليه السلام ـ نذكر النصوص الإضافية التالية:

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

 

"ويختم الإمام دعاءه بأن يسأل الله تعالى أن يتخذ بحقه ما يناسب ساحة قدسه تعالى من الرحمة، والعفو والمغفرة، لأنه تعالى (أهل التقوى والمغفرة)، لا أن يأخذه بما يناسب وضعه، لأنه لو أخذه بما يناسب وضعه لما استحق سوى العذاب.

فلسان حال علي (ع) يقول:

أنت، يا رب، (أهل التقوى والمغفرة) أي بيدك أن تغفر، وتتوب، وتسامح لا بيد أحد سواك، وحدك المؤهل لأن تتجاوز عن السيئات والأخطاء والمعاصي، فلأنك أنت الرب الرحيم، الرحمن، الحنان، المنان، المفضل المعطي، الجواد، الكريم، الشفيق، العطوف.. بينما أنا يا رب أهل للعذاب، استأهل العذاب، لأني في مقام العاصي، والمذنب، والمقصر بحقك وواجباتك. ولذا، يا رب، أسألك بحق محمد وآل محمد، أن تحاسبني بما أنت أهل له، لأن في ذلك نجاتي، ولا تأخذني بما أنا أهل لأن في ذلك خسراني وعذابي، وصل على محمد والأئمة الميامين من آله وسلم تسليماً كثيراً" [ في رحاب دعاء كميل ص275-276]

 

ويقول:

"هذا الشعور نتمثله في كلمات الإمام (ع): (اللهم إني أسألك سؤال خاضع متذلل خاشع أن تسامحني وترحمني)، عندما يطلب الرحمة من الله، والسماح من الله، حول ما أسلف من خطايا وما قام به من ذنوب، إنه يقول لله: أنا أطلب منك يارب الرحمة والسماح بروح الإنسان الذي يشعر أن له عليك حقاً، ليس لأحد في الكون حق عليك، حقك على الناس كلهم"  [ في رحاب دعاء كميل ص108]

 

ويقول:

"فكيف يمكن لمن ابتعد ونأى بنفسه عن الله تعالى أن تصيبه رحمته برذاذها، أو يلامسه لطفه تعالى بأنامل الحب والحنان ؟ كيف يمكن لمن تحجر قلبه حتى بات صلداً أن ينفجر منه الماء، ماء الأمل والحياة.

ولذا يسأل علي (ع) الله سبحانه وتعالى أن يغفر له الذنوب التي تميت القلب، والتي تضع القلب في التيه، والضلالة، حتى يبقى على صلة الأمل بالله تعالى"  [ في رحاب دعاء كميل ص82]

 

ويقول:

"ويبدو، من سياق سؤاله ـ عليه السلام ـ أن المراد بالخطيئة هنا هو المعنى الثاني لا المعنى الأول، أي المراد مطلق الخطأ.

فنحن نجد في سؤاله هذا ـ عليه السلام ـ توسعاً في الطلب، فبعد أن سأل ـ عليه السلام ـ الله أن يغفر بعض الذنوب كتلك التي (تهتك العصم) و (تغير النعم) و (تنـزل النقم)، (وتقطع الرجاء).. توسع في سؤال المغفرة ليشمل كل ذنب، وكل خطيئة، وفي ذلك استبطان عميق، واستشعار مرهف لرحمة الله تعالى، وجوده، وكرمه، ولطفه، وإحسانه، فهو ـ عليه السلام ـ يدفع بأمله إلى أقصى الحدود، هذا الأمل الذي ما كان ليتوقد ويسطع لولا التعلق برحمة الله تعالى، وعدم الوقوع في فخ القنوط واليأس من روحه تعالى، ولولا استحضار ما هو عليه الله سبحانه وتعالى من الجود، والكرم، والتجاوز، والمغفرة، فهو الرحمن الرحيم، وهو الجواد الكريم، وهو التواب الغفور" [ في رحاب دعاء كميل ص86]

 

ويقول:

"يقول الإمام ـ عليه السلام ـ: يا رب أنا ليس لي ثقة بعملي، لأنه قد يكون فيه غش كثير، فالدعاء ضمانة بيدي، كما أن كل شيء بيدك، يا الله، فافعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله" [ في رحاب دعاء كميل ص270]

 

ويقول:

"إن علياً ـ عليه السلام ـ يشرع في هذا المقطع من دعائه في تبيان ما من أجله كان يتوسل مقسماً بأسماء الله تعالى، وصفاته.

وهو يبدأ بسؤال المغفرة للذنوب التي من شأنها أن تمس كيانه وشخصيته، فتحيلها إلى شخصية متهالكة، ضعيفة، لا حول لها، ولا قوة، فاقدة لأي اعتبار أو موقع، أو دور فاعل وإيماني في الحياة.

وفي قوله ـ عليه السلام ـ إشعار بأن هناك من الذنوب، ما من شأنه أن يفتك بكينونة الإنسان، ويحوله إلى مجرد ركام ليس له من الحياة إلا صورتها، فهو يعيش على الهامش من دون أي حضور أو موقع أو دور، فهو إنسان تفتك به الأمراض المعنوية من كل حدب وصوب، فإذا به إنسان فارغ مضطرب، سقيم فاشل وساقط لا يكاد يلوي على شيء.

إن أخطر الأمراض وأفدحها هي تلك التي تصيب شخصية الإنسان، أي تصيب روح الإنسان لأنها تفتك بالبعد الرئيسي من أبعاد وجوده وتميزه، وتصيب محل كماله، ومستودع آفاقه وآماله، ومرتكز مصيره.

ولذا فإنه ـ عليه السلام ـ يسأل الله سبحانه وتعالى، أن يغفر له الذنوب التي لها أمثال هذه النتائج، لكي يصلح سره وعلانيته معاً، فيستعيد مكانته وموقعه في الحياة"  [ في رحاب دعاء كميل ص72]

ونقول:

إن السيد محمد حسين فضل الله حين تصدى لشرح بعض الأدعية ـ كدعاء كميل وغيره ـ قد أوقع نفسه في ورطة كبيرة، حين ظهر أنه يتعامـل في تعـابيره ـ على الأقل ـ مع الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين، من حيث التوقير والإحترام المطلوب بما هو أقل مما يتعامل به مع الخدم والحشم ومع المرافقين فضلاً عن الأولاد والأحفاد، أو سائر الناس العاديين.

وقد ذكرنا هنا وفي مواضع متعددة من هذا الكتاب شطراً من كلماته التي تظهر هذا الأمر..

وكنا نتمنى له أن يوفق لإصلاح ظواهر كلماته.. خصوصاً.. وأن ما سجله في حق الأئمة (عليهم السلام) إذا رجع إليه من لا يعرف الإسلام، ولا الأنبياء، ولا الأوصياء، نعم.. إذا رجع إليه وقرأ ذلك بهدف استخلاص ملامح الصورة عن هذا الإمام، وعن ذلك النبي (ص) باعتبار أنه يرجع إلى أحد أتباع تلك الشخصية والعارفين بأحوالها. فسيخرج بتصور مغاير تماماً للصورة الحقيقية لهم (عليهم السلام)، وذلك حين يجده يصورهم على أنهم يرتكبون من الكبائر ما ينقصم الظهر لكل واحدة منها.. وسيجد أن غرائزهم وأهواءهم تقودهم إلى ارتكاب الجرائم الخطيرة.. وما إلى ذلك..

ولكن ـ للأسف ـ فإن السيد فضل الله ليس فقط لم يبادر إلى إصلاح ظواهر تعابيره ـ بل ذهب ليتلمس التأويلات البعيدة، وغير المقبولة.. والغائمة.. فكان أن زاد الطين بلة والخرق اتساعاً..

ولا نريد أن نقول هنا أكثر من هذا، ولبحث وبيان فساد تلك التأويلات والتوجيهات موضع آخر إن شاء الله.

واللافت: أن السيد فضل الله ليس فقط لا يتعامل مع الأنبياء والأوصياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بما يليق بشأنهم من التوقير والاحترام.

وإنما هو يظهر إلى جانب ذلك من الإكرام والإحترام والمجاملة لأهل الضلال، ومن بشاشة ولطف وانعطاف تجاه الفساق والمنحرفين والمنحطين إلى الدرك الأسفل، ممن عملهم دائب في سبيل محق دين محمد(صلى الله عليه وآله). ما يثير العجب. إن ذلك لا يقاس بما يظهر من ذلك البعض تجاه أهل الإيمان، حيث إنه حين تصل النوبة إليهم، فإن الأمر يتخذ منحى خطيراً في نقده اللاذع والمغرق في القسوة والبالغ في الشدّة والحدة، بل إن هذه الشدة والحدة والقسوة البالغة منه لم يسلم منها حتى الأنبياء.

ومهما يكن من أمر، فإننا قد ذكرنا شطراً من كلماته التي تضمنت طائفة من تعابيره فيما يتعلق بأمير المؤمنين عليه السلام في هذا الكتاب عسى أن تكون كافية في إيضاح المقصود.

 

كيف نفســر أدعية الأئمة والأنبياء (ع):

وقد حاول السيد فضل الله أن يفسر أدعيتهم عليهم السلام بما ينسجم مع الأفكار التي يحملها عنهم.. الأمر الذي دعانا إلى إعطاء مفردات موجزة تسهل على القارئ معرفة الوجه والمنحى الصحيح لتلك التعابير من حيث انسجامها مع واقع العصمة لهم صلوات الله وسلامه عليهم.

ويمكن بيان حقيقة الأمر فيما يرتبط بالدعاء الصادر عن المعصومين مما يتضمن توبتهم واستغفارهم من الذنوب التي تهتك العصم، وتنزل النقم، وتقطع الرجاء و.. الخ، مع أن شيئاً من ذلك لم يصدر منهم! في ضمن النقاط التالية:

أولاً: إن الله سبحانه حين شرّع أحكامه، قد شرعها على البشر كلهم، على النبي والوصي المعصوم، وعلى الإنسان العادي غير المعصوم، وعلى العالم والجاهل، وعلى الكبير الطاعن في السن والشاب في مقتبل العمر، وعلى المرأة والرجل، وعلى العربي والأعجمي، وعلى العادل والفاسق.

فيجب على الجميع الصلاة والزكاة والحج، والصدق والأمانة، و.. الخ.. وقد رتبت على كثير من التشريعات مثوبات، وعلى مخالفتها عقوبات.. ينالها الجميع، وتنال الجميع بدون استثناء أيضاً. حتى لو لم يفهموا معاني ألفاظها، ولم يدركوا عمق مراميها، كما لو كانوا لا يعرفون لغة العرب، أو كانوا أميين لم يستضيئوا بنور العلم.

فالثواب المرسوم لمن سبّح تسبيحة الزهراء(ع) هو كذا حسنة.. لكل من قام بهذا العمل استحق هذه الحسنات.

كما أن لهذه العبادات آثاراً خاصة تترتب على مجرد قراءتها، حتى لو لم يفهم قارؤوها معاني كلماتها، فمن قرأ آخر سورة الكهف مثلاً، وأضمر الإستيقاظ لصلاة الصبح في الساعة الفلانية، فإن الإستيقاظ سيتحقق، كما أن من كتب نصاً بعينه يشفي من الحالة الكذائية، فإن الشفاء يتحقق.

كما أن المعراجية للمؤمن المترتبة على الصلاة في قوله(ع): الصلاة معراج المؤمن. أو القربانية في قوله (ع): الصلاة قربان كل تقي. سوف تتحقق بالصلاة حتى لو لم يفهم المصلي معاني كلماتها، ومرامي حركاتها فإن نفس هذا الاتصال بالله سبحانه بطريقة معينة ومحدودة على شكل صلاة أو زيارة، أو تسبيح وغير ذلك مما شرعه الله سبحانه، يحقق هذه الآثار، ويقود إليها، إذا كان مع نية القربة وظهور الانقياد والتعبد لله سبحانه وفق تلك الكيفيات المرسومة من قبله تعالى، وذلك يحقق غرضاً تربوياً، وإيحائياً تلقينياً يريد الله سبحانه له أن يتحقق.

ولأجل ذلك نجد: أن النبي (ص) يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويقول في الأذان والإقامة:

أشهد أن محمداً رسول الله.. ويقول ذلك غيره.. ولا يصح منه الأذان ولا الإقامة، ولا يحصل على ثوابهما، ولا على ثواب الصلاة ولا على آثارها بدون الإتيان بكل ما هو مرسوم فيها.

والرجل والمرأة يقرآن في دعاء واحد: ومن الحور العين برحمتك فزوّجنا.. ولا يعني ذلك: أن تقصد المرأة مضمون هذه الفقرة بالذات وبصورة تفصيلية بل هي تقصد الإتيان بالمرسوم والمقرر.

وإذا سألت: هل يعقل أن تكون صلاة النبي(ص) والولي عليه السلام كصلاة أي إنسان عادي آخر من حيث ثوابها، وتأثيراتها؟

فإن الجواب هو: إن التفاوت إنما يكون فيما ينضم لذلك المرسوم من حالات الإخلاص أو ما يصاحبه من تعب وجهد، فالثواب إنما هو بإزاء خصوصية إضافية (كالخشية) التي أنتجتها عوامل أخرى كمعرفة الله سبحانه، وكمال العقل، والسيطرة على الشهوات والميول.. أو أي جهد آخر إضافي قد بذل ووعد الله عليه بالمثوبة المناسبة له على اعتبار: أن أفضل الأعمال أحمزها..

فاتضح مما تقدم: أن إتيان المعصوم بالعبادات المرسومة، ومنها الأدعية لا يستلزم أن يكون قد أصبح موضعاً لكل ما فيها من دلالات، فلا يكون استغفاره دليلاً على وقوع الذنب منه.

ثانياً: يقول بعض المهتمين بقضايا العلم: إن أجهزة جسم الإنسان تقوم بوظائف لو أردنا نحن أن نوجدها بوسائلنا البشرية لاحتجنا ربما إلى رصف الكرة الأرضية بأسرها بالأجهزة: هذا على الرغم من أنه إنما يتحدث عن وظائف الجسد وخلاياه التي اكتشفت، مع أنه لم يتم اكتشاف الكثير الكثير منها حتى الآن فضلاً عن سائر جهات وجود هذا الإنسان.

فالله سبحانه يفيض الوجود والطاقة والحيوية على كل أجهزة هذا الجسد وخلاياه لحظة فلحظة وهذه الفيوضات وطبيعة المهام التي تنتج عنها، وكل هذا التنوع وهذه التفاصيل المحيرة تشير إلى عظمة مبدعها في علمه وفي إحاطته، وفي حكمته، وفي تدبيره، وفي غناه، وفي قدرته ووو..

فإذا كان النبي والولي المعصومان يدركان هذه النعم التي لولا الله سبحانه لاحتجنا لإنجازها إلى أجهزة تغلف الأرض بكثرتها.

ويعرف أيضاً: بعمق أنه المحل الأعظم لتلك النعم ويعرف عظمتها وتنوعها في مختلف جهات وجوده ويجد ويحس بآثارها في جسده، وفي روحه ونفسه، وكيف أن كل ذرّة في الكون مسخرة لأجله، ولأجل البشر كلهم حسبما صرّح به القرآن الكريم، ويعرف الكثير من أسرار ملكوت الله سبحانه..

وخلاصته:

أن النبي والولي يحس أكثر من كل أحد بقيمة وعظمة واتساع النعم التي يفيضها الله عليه.

فلا غرو إذن إذا كان يرى نفسه ـ مهما فعل ـ مذنباً، ومقصراً لعدم قيامه بواجب الشكر لذلك المنعم العظيم.. بل هو يبكي.. ويبكي من أجل ذلك، ولا يكف عن بذل الجهد.. وحين يقال:

يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر؟ نجده يقول: أفلا أكون عبداً شكوراً.

ونوضح ذلك بالمثال، فنقول: إن من يريد تقديم هدية لسلطان أو ملك، فإنه قد لا يجد فيما يقدمه ما يناسب جلال السلطان وأبهة الملك، فيرى نفسه مقصراً فيما قدّمه إليه.. بل ومذنباً في حقه.. تماماً كما كان لسان القبّـرة التي أهدت لسليمان جرادة كانت في فيها، وذلك لأن الهدايا على مقدار مهديها.

وواضح: أن حال المعصوم مع الله تختلف عن حالنا، فهو يعرف الله حق معرفته، ولأجل ذلك فإن عبادته له ليست خوفاً من ناره ولا طمعاً في جنته، بل لأنه يراه أهلاً للعبادة، فهو يعبده عبادة العارفين، والعالمين.. كما أنه يعرف أيضاً أن موقعه يجب أن يكون موقع العبودية التامة، والخالصة، لأنه واقف على حقيقة ذاته في ضعفه، وفي واقع قدراته، وحقيقة قصوره وحاجته إليه في كل آن، كما هو واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.. ويرى نفسه مذنباً في هذا التقصير.. وقد يجر عليه ذلك فقدان لطف الله به، وهتك العصم التي يكون بها قوته وثباته، ثم قطع الرجاء، وحبس الدعاء.. الخ.

ثالثاً: وبتقريب آخر نقول: إن نسيج الأدعية والأذكار حين يراد له أن يكون دعاءً أو ذكراً مرسوماً للبشر كلهم بجميع فئاتهم، ومختلف طبقاتهم ويلائم جميع حالاتهم، وتوجهاتهم، فإنه يكون ـ بما له من المعنى ـ بحيث يتسع لتطبيقات عامة ومتنوعة، ويجمعها نظام المعنى العام.

ويساعد على اتساع نطاق تلك التطبيقات، ويزيد في تنوعها مدى المعرفة بمقام الألوهية، ومعرفة أياديه ونعمه وأسرار خلقه وخليقته تبارك وتعالى وما إلى ذلك.. من جهة.. ثم معرفة الإنسان بنفسه، وبموقعه، وحالاته.. و.. من جهة أخرى. فبملاحظة هذا وذاك يجد المعصوم نفسه ـ نبياً كان أو إماماً ـ في موقع التقصير، ويستشعر من ثم المزيد من الذل والخشية، والخشوع له تعالى.

فالقاتل والسارق والكذاب حين يستغفر الله ويتوب إليه، فإنما يستغفر ويتوب من هذه الذنوب التي يشعر بلزوم التخلص من تبعاتها، ويرى أنها هي التي تحبس الدعاء وتنزل عليه البلاء، وتهتك العصم التي تعصمه، ويعتصم بها، وتوجب حلول النقم به.

أما من ارتكب بعض الذنوب الصغائر، كالنظر إلى الأجنبية، أو انه سلب نملة جلب شعيرة، أو لم يهتم بمؤمن بحسب ما يليق بشأنه.. وما إلى ذلك..

فإنه يستغفر ويتوب من مثل هذه الذنوب أيضاً، ويرى أنها هي التي تحبس دعاءه، وتهتك العصم التي تعصمه ويعتصم بها، وتحل النقم به من أجلها.

وهناك نوع آخر من الناس لم يقترف ذنباً صغيراً ولا كبيراً، فإنه حين يقصّر في الخشوع والتذلل أمام الله سبحانه، ولا يجد في نفسه التوجه الكافي إلى الله في دعائه وابتهاله، بل يذهب ذهنه يميناً وشمالاً.. فإنه يجد نفسه في موقع المذنب مع ربه، والعاقّ لسيده، والمستهتر بمولاه. وهذه ذنوب كبيرة بنظره، لا بد له من التوبة والاستغفار منها.. وهي قد توجب عنده هتك العصم التي اعتصم بها، وحلول النقم، وحبس الدعاء، وقطع الرجاء، وما إلى ذلك.

أما حين يبلغ في معرفته بالله سبحانه مقامات سامية، كما هو الحال بالنسبة لأمير المؤمنين عليه السلام، أو بالنسبة لرسول رب العالمين، فإنه لا يجد في شيء مما يقوم به من عبادة ودعاء وابتهال: أنه يليق بمقام العزة الإلهية.

بل هو يعد الالتفات إلى أصل المأكل والمشرب والاقتصار على مثل هذه الطاعات تقصيراً خطيراً يحتاج إلى الخروج عنه إلى ما هو أسمى وأسنى، وأوفق بجلال وعظمة الله سبحانه، وبنعمه وبفضله وإحسانه وكرمه..

وهذا التقصير ـ بنظره ـ لا بد أن ينتهي إلى الحرمان من النعم الجلّى، التي يترصّدها، حينما لا يصل إلى درجات تؤهله لتقبلها، وكذلك الحال بالنسبة إلى نفوذ دعائه وحجبه عن أن يستنـزل العطايا الإلهية الكبرى، أو يرتفع به إلى مقامات سامية يطمع بها، ويطمح إليها.. كما أن النبي والوصي قد يجد نفسه غير متمكن من العصم التي يريد لها أن تكون منطلقاً قوياً يدفع به إلى ما هو أعلى وأسمى، وأجل.

وبعبارة أخرى: إنهم يرون: أن عملهم هو من القلّة والقصور بحيث يوجب حجب الدعاء، ووقوعهم بالبلاء، ومن حيث أنه غير قادر على النهوض بهم بصورة أسرع وأتم ليفتح لهم تلك الآفاق التي يطمحون لارتيادها، ما دام أن شوقهم إلى لقاء الله يدعوهم إلى الطموح إلى طي تلك المنازل بأسرع مما يمكن تصوره.

فما يستغفر منه الأنبياء والأوصياء، وما يعتبرونه ذنباً وجرماً.. إنما هو في دائرة مراتب القرب والرضا وتجليات الألطاف الإلهية.. وكل مرتبة تالية تكون كمالاً بالنسبة لما سبقها، وفي هذه الدائرة بالذات يكون تغيير النعم، ونزول النقم، وهتك العصم الخ.. بحسب ما يتناسب مع الغايات التي هي محطّ نظرهم عليهم السلام.

والخلاصة: إن كل فئة من هؤلاء إنما تقصد الاستغفار والتوبة تطبيقاً للمعنى الذي يناسب حالها، وموقعها وفهمها ووعيها، وطموحاتها وخصوصيات شخصيتها، وحياتها وفكرها وواقعها الذي تعيشه، أي أنهم يقرؤون الأدعية ويفهمونها، ويقصدون من تطبيقات معانيها ما يناسب حال كل منهم، وينسجم مع معارفهم، وطموحاتهم.. ولكنها على كل حال أدعية مرسومة على البشر كلهم، وللبشر كلهم.

لفت نظر:

وأخيراً.. فإننا نلفت القارئ الكريم إلى الأمور التالية:

أولاً: إن إنكار السيد فضل الله أن يكون دعاء النبي (ص) أو الإمام (عليه السلام) تعليمياً، ليس في محله، إذ لا ريب في أن ثمة أدعية قد جاءت على سبيل التعليم للناس، وبالأخص بعض الأدعية التي تعالج حالات معينة كالأدعية التي لبعض الأمراض أو لدفع الوسوسة أو لبعض الحاجات، وما إلى ذلك.. أو تريد بيان التشريع الإلهي للدعاء في مورد معين وقد لا يكون النبي (ص) أو الإمام (عليه السلام) مورداً لذلك التشريع لسبب أو لآخر..

ثانياً: قوله إن الإمام إنما يدعو الله من حيث هو إنسان، لا يحل المشكلة، فإنه إذا كان هذا الإنسان لم يرتكب ذنباً، ولا اقترف جريمة، فلماذا يطلب المغفرة الإلهية؟ ولماذا يبكي و يخشع؟! فإن الإنسانية من حيث هي لا تلازم كونه عاصياً.

وإن كان قد أذنب و أجرم بالفعل، فأين هي العصمة؟ وأين هو الجبر الإلهي ـ المزعوم من قبل هذا البعض ـ في عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟!.

ثالثاً: إن من الواضح أن الذنوب المشار إليها في الأدعية لم يرتكبها الداعي جميعا، فكيف إذا كان هذا الداعي هو المعصوم كما اعترف به السيد فضل الله.. وذلك يشير إلى صحة ما ذكرناه في الوجوه التي أشرنا إليها آنفاً وخصوصاً الأخيرة منها.

رابعاً: إن المراد بالمغفرة في بعض نصوص الأدعية خصوصاً بالنسبة الى المعصوم، هو مرحلة دفع المعصية عنه، لا رفع آثارها بعد وقوعها..

كما أن الطلب والدعاء في موارد كثيرة قد يكون وارداً على طريقة الفرض والتقدير، بمعنى أنه يعلن أن لطف الله سبحانه هو الحافظ، والعاصم.. ولكن المعصوم يفرض ذلك واقعاً منه لا محالة لو لم يكن الله يكفي بلطف منه، فهو على حد قول أمير المؤمنين (عليه السلام)..

(لست بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني)

 

الكافي ج 8 ص 293 وبحار الأنوار ج 27 ص 253 و ج 41 ص 154 وج 74 ص 358 / 359 ونهج البلاغة ص 245 ط دار التعارف بيروت

 

راجع كتاب (لست بفوق أن أخطئ) للسيد جعفر مرتضى العاملي في بحث مستقل ، بهذه الكلمة  فليراجعه من أراد..

 

هذه المقاطع هي كلمات السيد فضل الله التي أوردها في كتابه من في رحاب دعاء كميل..
نوردها كما هي مع فارق بسيط وهو استبدال اسم أمير المؤمنين عليه السلام بـ اسم فضل الله..  

و نسأله أيرضى بذلك لنفسه أم لا. ؟؟

1 ـ فلأن الله سبحانه وتعالى هو خير مرجو وأكرم مدعو فان (فضل الله) يقسم عليه بعزته أن لا يحجب عنه دعاءه بسبب مما اقترفته يداه من الذنوب، أو بما كسب قلبه من الآثام.
وكأن لسان حال (فضل الله ) في كل ذلك: يا رب أنت العزيز الذي لا يذل، وأنا الذليل أمامك، وأنت الرب الرحيم، أنا أدعوك وأتضرع إليك، أريد منك شيئا واحدا، وهو أن لا يحجب عنك دعائي وهو في طريقه إليك، ولا تجعل ذنوبي تمنع عنك دعائي، فالمهم عندي بمكان أن يخرج دعائي من قلبي ويصل إليك. إجعل قلبي ودعائي منفتحا عليك، لأن دعائي إذا وصل إليك فإنك تتقبل الدعاء، لأنك " خير مرجوّ، (و) أكرم مدعوّ. ويتابع (فضل الله) ببيان حاله قائلا: "ولا تفضحني بخفي ما اطلعت عليه من سري (يا رب هنالك الكثير من الأشياء التي أقوم بها من دون أن يراني أحد، أو أتكلم بشيء ولا يسمعني أحد، وأنت الساتر الرحيم. فيا رب، لا تفضحني في الدنيا وفي الآخرة، وأعدك بأني سأتراجع عن خطئي وإساءتي ومعصيتي " في رحاب دعاء كميل ص159

2 ـ "فلسان حال (فضل الله ) يقول: أنت يا ربي أهل التقوى والمغفرة أي بيدك أن تغفر وتتوب، وتسامح، لا بيد أحد سواك، وحدك المؤهل لأن تتجاوز عن السيئات، والأخـطاء والمعاصي، فلذلك أنت الرب الرحيم، الحنـّان، المنّان، المفضل المعطي، الجواد الكريم، الشفيق العطوف،.. بينما أنا يا رب أنا أهل للعذاب، استأهل العذاب، لأني في مقام العاصي، والمذنب، والمقصر بحقك وواجباتك.
ولذلك يا رب أسألك بحق محمد وآل محمد أن تحاسبني بما أنت أهل له، لأن في ذلك نجاتي ولا تؤاخذني بما أنا أهل له لان في ذلك خسراني وعذابي" في رحاب دعاء كميل ص 275/276.

 

3 ـ ماذا نشعر ونحن نرى (فضل الله ) يسأل المغفرة تلو المغفرة، ثم لا يكتفي بذلك بل يتجاوزه إلى سؤال شفاعة الله سبحانه وتعالى له. ألا تشعر: أن (فضل الله ) لا يزال خائفا، ولا سيما أن الذنوب والخطايا التي طلب من الله سبحانه وتعالى أن يغفرها له، هي من الذنوب الكبيرة التي يكفي ذنب واحد لينقصم الظهر منها" في رحاب دعاء كميل ص94

4 ـ ف(فضل الله ) يقول: يا رب، لقد خلقت لي هذه الغرائز، ومن حولي أجواء تثير هذه الغرائز، تستيقظ غرائزي عندما تحف بها الروائح والأجواء الطيبة التي تثيرها.
أعطيتني عقلا ولكن غرائزي في بعض الحالات تغلب عقلي فأقع في المعصية" في رحاب دعاء كميل ص 169

 

5 ـ ويختم (فضل الله ) دعاءه بأن يسأل الله تعالى أن يتخذ بحقه ما يناسب ساحة قدسه تعالى من الرحمة، والعفو والمغفرة، لأنه تعالى (أهل التقوى والمغفرة)، لا أن يأخذه بما يناسب وضعه، لأنه لو أخذه بما يناسب وضعه لما استحق سوى العذاب. فلسان حال (فضل الله ) يقول:
أنت، يا رب، (أهل التقوى والمغفرة) أي بيدك أن تغفر، وتتوب، وتسامح لا بيد أحد سواك، وحدك المؤهل لأن تتجاوز عن السيئات والأخطاء والمعاصي، فلأنك أنت الرب الرحيم، الرحمن، الحنان، المنان، المفضل المعطي، الجواد، الكريم، الشفيق، العطوف.. بينما أنا يا رب أهل للعذاب، استأهل العذاب، لأني في مقام العاصي، والمذنب، والمقصر بحقك وواجباتك. ولذا، يا رب، أسألك بحق محمد وآل محمد، أن تحاسبني بما أنت أهل له، لأن في ذلك نجاتي، ولا تأخذني بما أنا أهل لأن في ذلك خسراني وعذابي، وصل على محمد والأئمة الميامين من آله وسلم تسليماً كثيراً"  في رحاب دعاء كميل: ص 275 و 276

 

6 ـ "هذا الشعور نتمثله في كلمات (فضل الله ): (اللهم إني أسألك سؤال خاضع متذلل خاشع أن تسامحني وترحمني)، عندما يطلب الرحمة من الله، والسماح من الله، حول ما أسلف من خطايا وما قام به من ذنوب، إنه يقول لله: أنا أطلب منك يا رب الرحمة والسماح بروح الإنسان الذي يشعر أن له عليك حقاً، ليس لأحد في الكون حق عليك، حقك على الناس كلهم  في رحاب دعاء كميل: ص 108

 

7 ـ "فكيف يمكن لمن ابتعد ونأى بنفسه عن الله تعالى أن تصيبه رحمته برذاذها، أو يلامسه لطفه تعالى بأنامل الحب والحنان ؟ كيف يمكن لمن تحجر قلبه حتى بات صلداً أن ينفجر منه الماء، ماء الأمل والحياة ولذا يسأل (فضل الله ) الله سبحانه وتعالى أن يغفر له الذنوب التي تميت القلب، والتي تضع القلب في التيه، والضلالة، حتى يبقى على صلة الأمل بالله تعالى. في رحاب دعاء كميل: ص 82

 

8 ـ "ويبدو، من سياق سؤاله ـ (فضل الله ) ـ أن المراد بالخطيئة هنا هو المعنى الثاني لا المعنى الأول، أي المراد مطلق الخطأ.  فنحن نجد في سؤاله هذا ـ (فضل الله ) ـ توسعاً في الطلب، فبعد أن سأل ـ (فضل الله ) ـ الله أن يغفر بعض الذنوب كتلك التي (تهتك العصم) و (تغير النعم) و (تنـزل النقم)، (وتقطع الرجاء).. توسع في سؤال المغفرة ليشمل كل ذنب، وكل خطيئة، وفي ذلك استبطان عميق، واستشعار مرهف لرحمة الله تعالى، وجوده، وكرمه، ولطفه، وإحسانه، فهو ـ عليه السلام ـ يدفع بأمله إلى أقصى الحدود، هذا الأمل الذي ما كان ليتوقد ويسطع لولا التعلق برحمة الله تعالى، وعدم الوقوع في فخ القنوط واليأس من روحه تعالى، ولولا استحضار ما هو عليه الله سبحانه وتعالى من الجود، والكرم، والتجاوز، والمغفرة، فهو الرحمن الرحيم، وهو الجواد الكريم، وهو التواب الغفور" في رحاب دعاء كميل: ص 86

 

9 ـ "يقول (فضل الله ): يا رب أنا ليس لي ثقة بعملي، لأنه قد يكون فيه غش كثير، فالدعاء ضمانة بيدي، كما أن كل شيء بيدك، يا الله، فافعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله" في رحاب دعاء كميل: ص 270

 10 ـ "إن (فضل الله ) يشرع في هذا المقطع من دعائه في تبيان ما من أجله كان يتوسل مقسماً بأسماء الله تعالى ، وصفاته  .

وهو يبدأ بسؤال المغفرة للذنوب التي من شأنها أن تمس كيانه وشخصيته، فتحيلها إلى شخصية متهالكة، ضعيفة، لا حول لها، ولا قوة، فاقدة لأي اعتبار أو موقع، أو دور فاعل وإيماني في الحياة.
وفي قوله ـ (فضل الله ) ـ إشعار بأن هناك من الذنوب، ما من شأنه أن يفتك بكينونة الإنسان، ويحوله إلى مجرد ركام ليس له من الحياة إلا صورتها، فهو يعيش على الهامش من دون أي حضور أو موقع أو دور، فهو إنسان تفتك به الأمراض المعنوية من كل حدب وصوب، فإذا به إنسان فارغ مضطرب، سقيم فاشل وساقط لا يكاد يلوي على شيء.إن أخطر الأمراض وأفدحها هي تلك التي تصيب شخصية الإنسان، أي تصيب روح الإنسان لأنها تفتك بالبعد الرئيسي من أبعاد وجوده وتميزه، وتصيب محل كماله، ومستودع آفاقه وآماله، ومرتكز مصيره. ولذا فإنه ـ (فضل الله ) ـ يسأل الله سبحانه وتعالى، أن يغفر له الذنوب التي لها أمثال هذه النتائج، لكي يصلح سره وعلانيته معاً، فيستعيد مكانته وموقعه في الحياة". في رحاب دعاء كميل: ص72 

التعليق :

 أن ما سجله السيد محمد حسين فضل الله في حق الأئمة (عليهم السلام) إذا رجع إليه من لا يعرف الإسلام، ولا الأنبياء، ولا الأوصياء، نعم.. إذا رجع إليه وقرأ ذلك بهدف استخلاص ملامح الصورة عن هذا الإمام، وعن ذلك النبي (ص) باعتبار أنه يرجع إلى أحد أتباع تلك الشخصية والعارفين بأحوالها. فسيخرج بتصور مغاير تماماً للصورة الحقيقية لهم (عليهم السلام)، وذلك حين يجده يصورهم على أنهم يرتكبون من الكبائر ما ينقصم الظهر لكل واحدة منها.. وسيجد أن غرائزهم وأهواءهم تقودهم إلى ارتكاب الجرائم    الخطيرة.. وما إلى ذلك واللافت: أن فضل الله ليس فقط لا يتعامل مع الأنبياء والأوصياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بما يليق بشأنهم من التوقير والاحترام. وإنما هو يظهر إلى جانب ذلك من الإكرام والإحترام والمجاملة لأهل الضلال، ومن بشاشة ولطف وانعطاف تجاه الفساق والمنحرفين والمنحطين إلى الدرك الأسفل، ممن عملهم دائب في سبيل محق دين محمد(صلى الله عليه وآله). ما يثير العجب. إن ذلك لا يقاس بما يظهر من ذلك البعض تجاه أهل الإيمان، حيث إنه حين تصل النوبة إليهم، فإن الأمر يتخذ منحى خطيراً في نقده اللاذع والمغرق في القسوة والبالغ في الشدّة والحدة، بل إن هذه الشدة والحدة والقسوة البالغة منه لم يسلم منها حتى الأنبياء. نسألك هل تقبل أن توصف أو يوصف فضل الله أو اي شخص صالح بهذه الأوصاف التي وصف بها أمير المؤمنين (عليه السلام) وذلك بأي معنى أراده هو أو أنت ؟ ثم إذا جاء شخص رآك تعتذر من أبيك أو صاحبك مع أنه لم تسيء إليه وإنما الإعتذار من باب أنك ترى انك مقصر في حقه، فجاء هذا الشخص ثم انهال عليك بالضرب و الشتم ثم قال لك إن هذا من أجل انك مقصر في حق صاحبك أو أبيك... ماذا يكون جوابك؟
أتعذره؟..

العودة