ـ الزهراء ترى الرجال وتحادثهم.

ـ الرجال يرون الزهراء ويحادثونها.

يقول البعض حول حديث:

خير للمرأة أن لا ترى الرجل ولا الرجل يراها:

"أنها (ع) ـ وهي قائلة هذا القول كانت تلتقي بالرجال وتتحدث معهم أثناء الأزمة التي واجهتها مع الذين هاجموا بيتها وغصبوا فدكا، وقد التقت مع أبي بكر وعمر، حينما جاءا ليسترضياها، وتحدثت معهما بشكل طبيعي، وكانت عليها السلام تخرج مع من يخرجن في غزواته ليقمن بشؤون الحرب".

ويقول أيضاً:

"حتى الزهراء (ع) فإنها على ما ينقل لنا تاريخها، كانت ترى الرجال، وتحادثهم كما كان الرجال يرونها ويحادثونها، ويجادلونها، الأمر الذي يدل على أن ـ الحديث ـ لو صح، فلأنه يتحرك في دائرة الأخلاقيات العليا التي لم يكلف الإنسان بها، وإنما وضعت أمامه كقمة يتطلع إليها ويستوحيه لتكون محفزا له لاستسهال ما دونها من أحكام وتعاليم، والعمل بها" [الزهراء القدوة: ص226]

ونقول:

1 ـ إن السيد فضل الله قد ذكر في الصفحة المقابلة للصفحة التي جاء فيها هذا النص: أن الزهراء عليها السلام قد خطبت المهاجرين والأنصار خطبتها المعروفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجاء في النص ما يلي:

(فلاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله).

حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، (يعني ستاراً)فجلست ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء فارتج المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم، وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه.. الخ) [الزهراء القدوة ص227]

2 ـ إن السيد فضل الله نفسه يوثق هذه الخطبة، فهو يقول:

"الظاهر أنه يمكن حصول الوثوق بصدور هذه الخطبة عن سيدتنا فاطمة الزهراء (ع)، لأنها مشهورة ومعروفة، وذكرها المؤرخون القدامى، وقد كان أهل البيت والعلويون يتناقلونها كابراً عن كابر، ويعلمونها ويحفظونها لصبيانهم، ما يدل على أنها من المسلمات عندنا، هذا مضافاً إلى أن متنها قوي ومتناسب مع المضمون الفكري الإسلامي" [الزهراء القدوة ص 238]  و [الندوة ج1 ص 429]

3 ـ والسؤال هو: إذا كانت الزهراء ترى الرجال وتحادثهم، كما كان الرجال يرونها ويحادثونها، فلماذا؟

ألف: نيطت دونها هذه الملاءة يا ترى؟! وقد كان ذلك بأمرها هي!! مع أنه قد كان بإمكانها أن تلتف بعباءتها، وتقف بينهم وتلقي خطبتها.

وكيف يمكنه بعد هذا أن يثبت لنا: أنها (عليها السلام) كانت ترى الرجال، ويراها الرجال؟!

وبقية الكلام حول كلام السيد فضل الله في كتاب مأساة الزهراء ج1 ص 258 فما بعدها..

ب: ويوم وصل السبايا إلى الكوفة:

(خطبت أم كلثوم بنت علي (عليه السلام) في ذلك اليوم، و من وراء كلتها الكلة: الستار رافعة صوتها بالبكاء) البحار45/112 عن اللهوف ص 65

ج: وعندما حمل السبايا ورأس الحسين (عليه السلام) إلى الشام يقول الراوي: (فلقد حدثني جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة أنهم كانوا يسمعون بالليالي نوح الجن على الحسين (عليه السلام) إلى الصباح. وقالوا: (فلما دخلنا دمشق ادخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشفات الوجوه) البحار45/155 عن أمالي الصدوق مجلس 33 رقم 3

د: و يقول ابن طاووس: (و حمل نساؤه على اطلاس اقتاب بغير وطاء، مكشفات الوجوه بين الأعداء) البحار45/107 عن اللهوف عن أهل الطفوف ص 60

هـ: عن علي (عليه السلام) أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عليها أعمى فحجبته فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله) لما حجبته وهو لا يراك ؟

فقالت: إن لم يكن يراني فأنا أراه وهو يشم الريح فقال النبي (ص) (اشهد انك بضعة مني) مسند فاطمة ص 337 مناقب ابن المغازلي 381 البحار 43/91 عن نوادر الراوندي ص 13 فاطمة بهجت قلب المصطفى ص 258 عوالم ج 11 ص 123 إحقاق الحق10/258 و مستدرك الوسائل ج 14 ص 289 و 182 و في هامشه عن الجعفريات ص 95 و دعائم الإسلام ج 2 ص 214 و البحار ج 43 ص 91 و 92 ج 100 ص 250

و: استأذن ابن أم مكتوم على النبي (صلى الله عليه وآله) وعنده حفصة فقال (صلى الله عليه وآله): قوما فادخلا البيت فقالتا إنه أعمى فقال إن لم يكن يراكما فإنكما تريانه وسائل الشيعة ج 20 ص 232 الكافي ج 5 ص 534

وعن أم سلمة: كنت عند رسول الله، و عنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، و ذلك بعد أن أمر بالحجاب.

فقال: احتجبا.

فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى؟!

قال: افعمياوان أنتما؟! الستما تبصرانه ؟ الوسائل ج 20 ص 232 عن مكارم الأخلاق ص 233 و مسند احمد ج 6 ص 296 و الجامع الصحيح للترمذي ج 15 ص 102

ز: و تذكر رواية أخرى أنها أرادت أن تأتي إلى أبيها فتبرقعت ببرقعها، ووضعت خمارها على رأسها، تريد النبي راجع بحار الأنوار ج 39 ص 207 عن بشارة المصطفى ص 122 و 123

والرواية: وان كان فيها إشكال من جهة أخرى لكن هذه الفقرة سليمة عن الإشكال.. فان كان ثمة تصرف في الرواية فإنه في غير هذا المورد.

ح: في حديث زواج الزهراء (عليها السلام) بأمير المؤمنين (عليه السلام): أن أم سلمة أتت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي. ثم اخذ بيدها فوضعها في يدي علي) مسند فاطمة الزهراء ص 200إلى 205 عن أمالي الطوسي ج 1ص39 بحار الأنوار ج43 ص-94 96

ط: قد خطبت السيدة زينب أمام يزيد لعنه الله، فكان مما قالته: (أمن العدل يابن الطلقاء، تخديرك حرائرك و اماءك، و سوقك بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا قد هتكت ستورهن، و أبديت وجوههن، يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، و يستشرفهن أهل المناقل، و يبرزن لأهل المناهل، و يتصفح وجوههن القريب و البعيد، و الغائب والشاهد والشهيد.. الخ) الاحتجاج ج 2 ص 125 و البحار ج 45 ص 158 و بلاغلات النساء ص 21 و الملهوف ص 127 و مثير الأحزان ص 101 و اعلام النساء ج 2 ص 504 و غير ذلك

إشارة و تذكير:

بقي أن نشير إلى أن قول السيد محمد حسين فضل الله بأن الزهراء كانت ترى الرجال، و يراها الرجال، ثم استشهاده له بمجيء الشيخين إليها لاسترضائها..

لا يمكن قبوله لسببين:

الأول: أن النص التاريخي يصرح بأنها حين جاءا لاسترضائها (شدت قناعها، وحولت وجهها إلى الحائط، فدخلا) بحار الأنوار ج 43 ص 198 ـ 199 عن كتاب سليم بن قيس ص 249 و العوالم [حياة الزهراء (عليها السلام)] ص222

الثاني: النصوص المتقدمة الصريحة بأنها كانت تتبرقع، و في أنها تضرب بينها و بين الرجال ستائر، و تخاطبهم من خلفها.. و غير ذلك من نصوص.

4 ـ وأما فيما يرتبط بخروج النساء في الحرب فإنما كن يخرجن ليسقين العطشى، ويداوين المرضى، فلا دليل على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يسمح للشابات بذلك في غير حالات الضرورة.

5 ـ والغريب في الأمر هنا: أن السيد محمد حسين فضل الله كلاماً ما يوحي بأن السيدة الزهراء عليها السلام كانت تخرج مع النساء لتقوم بشؤون الحرب أيضاً.. ولا ندري من أين جاءنا بهذا الخبر.. إذ لا نجد بين أيدينا سوى قصة مداواتها لجرح أبيها في واقعة أحد.

فلماذا يحاول إيهام القارئ بما هو أبعد من ذلك؟!

وهل يمكنه أن يقول لنا: أي شأن من شؤون الحرب تولته السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها؟!

العودة