س4ـ الإمام المهدي المنتظر عند السنة هو غير الإمام المهدي عند الشيعة. هل يمكن القول بصحة الرأيين معاً أم لا. وما وجه الصواب أهو عند السنة أم عند الشيعة؟

ج: يحسن التعرض في جواب ذلك لأمور..

1 ـ الإمام المهدي المنتظر عند المسلمين جميعاً واحد، وهو الذي أخبر عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)  والأئمة (عليهم السلام) من بعده. وإنما الخلاف بين المسلمين..

 

(أولاً): في نسَبه.

فقد أجمع الشيعة على أنه من ذرية الإمام أبي عبد الله الحسين السبط الشهيد (صلوات الله عليه)، وأنه تاسع الأئمة من ذريته، وآخر الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام).

ووافقهم على ذلك جماعة من علماء السنة. ويشهد له أخبار كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من آله (صلوات الله عليهم) دلت على ذلك نصاً، أو استفيد منها بضميمة أدلة أخر.

وذهب جمع آخرون من علماء السنة إلى أنه من ذرية الإمام أبي محمد الحسن السبط الزكي (صلوات الله عليه)، لأخبار رووها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

(وثانياً): في أنه هل ولد، وهو موجود فعلاً، أو لا، بل سوف يولد عند أوان قيامه؟

وقد أجمع الإمامية على الأول، واعتقدوا أنه الإمام الغائب الذي ينتظر إذن الله تعالى له بالظهور. ووافقهم على ذلك أيضاً جماعة من علماء السنة.

وذهب جماعة كثيرة من علماء السنة إلى الثاني.

والإمامية ومن وافقهم يحتجون بأخبار وأدلة قامت على ولادته. أما الفريق الثاني فالظاهر أنه ليس له أدلة تنفي ولادته، بل هو لم ينظر في أدلة الإمامية على ولادته، أو لم يقتنع بتلك الأدلة. ولما لم تثبت عنده ولادته، واستبعد بقاءه هذه المدة الطويلة، حكم بعدم ولادته، واضطر للبناء على أنه سوف يولد عند أوان قيامه.

2 ـ أما القول بصحة القولين معاً فلا مجال له بعد كون المهدي شخصاً واحداً بشّر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). إذ الشخص الواحد لا يجمع الحالتين المختلفتين المتضادتين. بل لابد من صحة أحد الرأيين دون الآخر، بعد انحصار الأمر بهما وعدم خروجه عنهما. وعلى ذلك فإذا تمت الحجة على صحة أحد القولين كانت بنفسها حجة على بطلان القول الآخر.

3 ـ أما الصواب من الرأيين فمن الطبيعي أن نذهب إلى أنه رأي الشيعة الإمامية، لوفاء الأدلة عندنا بذلك. ومن الظاهر أنه لا يهمك معرفة رأينا بقدر اهتمامك بمعرفة أدلتنا.

وحيث كان الإمام الغائب (عجل الله فرجه) هو خاتم الأئمة الإثني عشر، فالحديث عن وجوده وإمامته يبتني على تمامية دعوى الشيعة الإمامية في الإمامة والخلافة، وتمامية الأدلة التي استدلوا بها على دعواهم، في مقابل دعوى السنة في الإمامة والخلافة وأدلتهم عليها.

والحديث في ذلك متشعب وطويل جداً، لا يسعنا استيفاؤه واستقصاؤه في هذه العجالة. وعلى طالب الحقيقة أن يتولى ذلك بنفسه.