وجوب طاعة العترة يستلزم كون الإمامة فيهم:

3 ـ وإذا وجب طاعة العترة الكريمة وأهل البيت (عليه السلام) فلابد من كون الإمامة فيهم، إذ ليست إمامة الإمام إلا كونه قدوة للمأمومين، بحيث يجب عليهم أن يطيعوه ويتابعوه. ولا يمكن أن تجب على الأمة طاعتهم، وتكون الإمامة في غيرهم، فيكون الحاكم محكوماً، والسائس مسوساً. وذلك أظهر من أن يحتاج إلى بيان.

4 ـ وإذا كانت الإمامة في العترة ووجبت طاعتهم فسيد العترة أمير المؤمنين الإمام علي(عليه أفضل الصلاة والسلام) بلا منازع.

ولاسيما بعد أن فسّر حديث الثقلين العترة بأهل البيت (صلوات الله عليهم). حيث تظافرت النصوص عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن أهل البيت في عصره (صلى الله عليه وآله وسلم) هم خصوص أمير المؤمنين، والصديقة فاطمة الزهراء، والسبطين: الحسن والحسين (صلوات الله عليهم). ففي حديث عائشة: ((خرج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي، فأدخله، ثم جاء الحسين، فدخل معه، ثم جاءت فاطمة، فأدخلها، ثم جاء علي، فأدخله، ثم قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)))(1).

وفي حديث أم سلمة قالت: ((في بيتي نزلت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) قالت: فأرسل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي وفاطمة  والحسن والحسين، فقال: هؤلاء أهل بيتي))(2)… إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة. ولذا شاع بين المسلمين تفسير أهل البيت بهم عند الإطلاق، بحيث يحتاج تعميمه لغيرهم إلى عناية.

وحينئذٍ لا ريب في أن المؤهل والمتعين منهم للخلافة والإمامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أمير المؤمنين، لا غير. ولذا أراد العباس بن عبدالمطلب مبايعته، وكان ولداه الحسنان (صلوات الله عليهما) منقادين لحكمه. وكان بنو هاشم ومن والاهم أو كان على خطهم ينادون باسمه، وكان هو المؤهل الوحيد للخلافة في قبال أبي بكر، بعد خمود دعوة الأنصار. وذلك كله يكون متمماً لدلالة حديث الثقلين على إمامته وخلافته (صلوات الله عليه)، ووجوب بيعته على الأمة بالخصوص.

ويؤكد ذلك أن من جملة المناسبات التي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الحديث فيها هو خطبته في غدير خم، مقدمة لنصبه لأمير المؤمنين (عليه السلام)، كما سبق.

نعم الحديث بنفسه لو بقي وحده لا يدل إلا على وجوب طاعة أهل البيت(صلوات الله عليهم) ولزوم متابعتهم، المستلزم لكون الإمامة فيهم، وعدم خروجها عنهم، من دون تعيين لشخص الإمام منهم، وإنما يتعين أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بضميمة ما سبق.

__________

1- صحيح مسلم ج:4 ص:1883 كتاب فضائل الصحابة: باب فضائل أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم). تحفة الأحوذي ج:9 ص:49.

2- المستدرك على الصحيحين ج:3 ص:158 كتاب معرفة الصحابة: في مناقب أهل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)