بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المكرمين.

إلى السيد العلامة فضيلة الشيخ  محمد سعيد الحكيم. حفظكم الله تعالى وأطال عمركم..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد..

 فقد وصلني بحمد الله تعالى ردكم على الأسئلة التي وجهتها لكم. وهو جواب فيه جهد عظيم مشكور. فلكم الشكر الخاص بتوليكم للإجابة عليها، وعلى وسع صدركم، بأن فتحتم الحوار بين أهل السنة ومعاشر الشيعة. وهو موضوع في غاية الأهمية، وخاصة فيما يتعلق بفهم القضايا الشيعية حسب تصوراتهم الشرعية، مما يؤدي لإزالة الغموض والتفسير الخاطئ لدى بعض أهل السنة، فيتم تحديد موقفهم اتجاه الآراء الشيعية تحديداً منصفاً، يتسم بالموضوعية.

وربما كانت هناك بعض التعليقات على هذه الأجوبة. لكنها ـ كما تعلمون ـ تحتاج إلى جهد كبير جداً، إذ لابد من قراءة هذه الأجوبة بدقة وتمعن شديدين، وكذا معرفة رأي علماء أهل السنة في بلدنا، وموقفهم من هذا الحوار وهذه الأجوبة، وإعلامكم بذلك بمراسلات أخرى إن شاء الله تعالى.

نعم تيسر لنا ـ والحمد لله تعالى ـ بعض الأسئلة الأخرى تحمل نفس الهدف. وها أنا أرسلها إليكم، وأرجو من فضيلتكم الإجابة عليها، من أجل التعرف على وجهة نظركم.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

إلى الأخ الكريم (......................) المحترم (زيد توفيقه)..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ونبتهل إلى الله جل شأنه في أن يوفقك وإخوانك، ويجعلكم من عباد الله المتقين ((الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) (1)، وأن يفيض عليكم من رحمته ما يصلـح به أمركم في دينكم ودنياكم، ومنقلبكم ومثواكم، إنه أرحم الراحمين، وولي المؤمنين.

وبعد.. فقد وصلنا كتابك الكريم، فسرّنا ما تضمنه، حيث ظهر منه أن الحوار المذكور كان نافعاً في كشف الحقيقة، ورفع الغموض فيها لو كان فيها غموض.

وإن كنا على قناعة تامة بأنها من الوضوح والجلاء بحيث لا تحتاج إلى أكثر من الاهتمام بها والنظر في مصادرها. كما لعله ظهر من حوارنا السابق، ويتضح من حوارنا هذا إن شاء الله تعالى.

 

لابد من كون الغرض من البحث عن الحقيقة أداء حقها

 ونحن في الوقت الذي نرحب فيه بالحوار الموضوعي الهادئ، من أجل معرفة الحقيقة، والوصول إليها، نؤكد على أنه لابد من أن يكون الغرض من البحث عن الحقيقة والتعرف عليها هو أداء حقها، بالعمل عليها، والخروج عن عهدتها، فإن من عمل بما علم كفي ما لم يعلم(2)، والعلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر(3)، كما ورد عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله(عليهم السلام).بل لو خلت المعرفة عن العمل أضرت بصاحبها، لأنها تتم الحجة عليه أو تؤكدها، وتزيد في مسؤوليته إزاء الحقيقة التي عرفها، والتي قد فرضها الله تعالى، وكان هو المطالب بها، والمحاسب عليها، يوم ((لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً)) (4).

وهو يوم قد يأتي بغتة، من دون سابق إنذار، فلابد من التهيؤ له، والتحفظ من مخاطره، وإحراز العذر مع الله تعالى فيه.ولا نريد بذلك أن ندعو للتسرع في أمر العقائد الدينية، من دون بصيرة وبيّنة، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ  بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤولاً)) (5). بل كل ما نريده أن يتحرر الباحث من رواسبه، ويبعد عن اللجاج والتحكم، ويحكّم وجدانه وضميره في أمر الحقيقة التي يبحث عنها، فإذا وصلت واتضحت أدّى حقها، ليخرج عن مسؤوليتها  مع الله سبحانه وتعالى.أما متى تتضح وكيف تتضح، فهو أمر موكول للباحث نفسه، وهو الذي يحدده بوجدانه، و((الإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)) (6). والله جل شأنه هو الحاكم العدل بعد ذلك، إما له، وإما عليه. ونسأله سبحانه التوفيق والتسديد لنا، ولكم، ولجميع من يهمه معرفة الحق والوصول إليه، والخروج عن تبعته.

ــــــــــــــــــــ

(1) سورة الزمر الآية: 18.

(2) التوحيد للشيخ الصدوق ص:416. بحار الأنوار ج:2 ص:30،281. نور البراهين ج:2 ص:447

(3) عيون الحكم والمواعظ ص:340. محاسبة النفس ص:166.

(4) سورة الأنعام الآية: 158.

(5) سورة الإسراء الآية: 36.

(6) سورة القيامة الآية: 14.