كلمات أخر لمعاوية

8 ـ وروى نصر أيضاً كتاباً لمعاوية إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)  يقول فيه: ((أما بعد فإن الله اصطفى محمداً بعلمه، وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى خلقه، واجتبى له من المسلمين أعواناً أيده الله بهم، فكانوا في منالهم ((منازلهم.ظ)) عنده على قدر فضائلهم في الإسلام. فكان أفضلهم في إسلامه، وأنصحهم لله ولرسوله، الخليفة من بعده، وخليفة خليفته، والثالث الخليفة المظلوم عثمان. فكلهم حسدت، وعلى كلهم بغيت. عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وفي قولك الهجر، وفي تنفسك الصعداء، وفي إبطائك عن الخلفاء، تقاد إلى كل منهم كما يقاد الفحل المخشوش حتى تبايع وأنت كاره...))(1).

وقد تقدم في ضمن تصريحات أمير المؤمنين (عليه السلام)  في أمر الخلافة كتاب من معاوية له (عليه السلام)  يندد بتبرمه (عليه السلام)  من بيعة أبي بكر، ومحاولة نقضها، وينكر ذلك عليه.

9 ـ وروي أن الإمام الحسن (صلوات الله عليه) كان عند معاوية وجرى بينهما كلام فيه شيء من المنافرة، ثم وصل معاوية الإمام الحسن(عليه السلام)بثلاثمائة ألف، فلما خرج قال يزيد لمعاوية: ((تالله ما رأيت رجلاً استقبلك بما استقبلك به،ثم أمرت له بثلاثمائة ألف!قال: يا بني إن الحق حقهم، فمن أتاك منهم فاحث له))(2).

 

كلام لعمرو بن العاص

10 ـ وفي كلام لعمرو بن العاص في مجلس معاوية بن أبي سفيان مع الإمام الحسن (عليه السلام)  عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال فيه: ((إنه شتم أبا بكر وكره خلافته، وامتنع من بيعته، ثم بايعه مكرهاً...))(3).

 

كلام لعبد الله بن الزبير

11 ـ وفي كلام لعبد الله بن الزبير بمحضر ابن عباس معرضاً به:

((إن أناساً يزعمون أن بيعة أبي بكر كانت غلطاً وفلتة ومغالبة. ألا إن شأن أبي بكر أعظم من أن يقال فيه هذا. ويزعمون أنه لولا ما وقع لكان الأمر لهم وفيهم... فقال ابن عباس: على رسلك أيها القائل في أبي بكر وعمر والخلافة. أما والله ما نالا، ولا نال أحد منهما شيئاً، إلا وصاحبنا خير ممن نالا. وما أنكرنا تقدم من تقدم لعيب عبناه عليه، ولو تقدم صاحبنا لكان أهلاً وفوق الأهل))(4).

وأحاديث الجمهور في ذلك كثيرة يجدها الباحث متفرقة في مطاوي الأحاديث والأحداث، وكلها تحوم حول عدم رضا أمير المؤمنين(صلوات الله عليه) وبقية أهل البيت بما حصل في أمر الخلافة.

 

حديث لعلي بن الفارقي

وبالمناسبة يقول ابن أبي الحديد: ((وسألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد، فقلت له: أكانت فاطمة صادقة؟

قال: نعم. قلت: فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك، وهي عنده صادقة؟ فتبسم، ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غداً، وادعت لزوجها الخلافة، وزحزحته عن مقامه. ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة ((المواقفة.ظ)) بشيء، لأنه يكون قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيما تدعى كائناً ما كان، من غير حاجة إلى بينة وشهود. وهذا كلام صحيح، وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل))(5).

وهو كما ترى ظاهر في مفروغية المتحدث عن أن أهل البيت (عليهم السلام)  لم يعرضوا عن حقهم في الخلافة، وأنهم لو استطاعوا استرجاعه لاسترجعوه.

 

الأحداث المناسبة لعدم إقرار الأئمة (عليهم السلام)  ما حصل في أمر الخلافة

(الأمر الثاني): مما يؤكد عدم إقرار الأئمة (صلوات الله عليهم) استيلاء الأولين على الخلافة ما ذكره المؤرخون وأهل الحديث من مواقف أهل البيت (عليهم السلام)   وخاصتهم، ومواقف خصومهم، المناسبة لاستنكارهم (عليهم السلام)  ما حصل، وانكماشهم منه، ثم استسلامهم، وسكوتهم عنه، نتيجة الضغوط التي تعرضوا لها، أو للمحاذير المهمة التي منعتهم من التمسك بالمواقف الصلبة ضد الحاكمين، واضطرتهم لمجاراتهم والسير معهم..

ــــــــــــــــــــ

(1) وقعة صفين ص:86 ـ 87، واللفظ له. شرح نهج البلاغة ج:15 ص:74. أنساب الأشراف ج:3 ص:66ـ67 أمر صفين. المناقب للخوارزمي ص:251. العقد الفريد ج:4 ص:307 ـ 308 فرش كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم: أخبار علي ومعاوية. صبح الأعشى ج:1 ص:273ـ274 المقالة الأولى: الباب الأول: الفصل الثاني: الطرف الأول: النوع التاسع مما يحتاج إليه الكاتب من حفظ جانب جيد من مكاتبات الصدر الأول ومحاوراتهم ومراجعاتهم وما ادعاه كل منهم لنفسه أو لقومه...: المقصد الثاني في ذكر شيء من مكاتبات الصدر الأول يكون مدخلاً إلى معرفة.... 

(2) شرح نهج البلاغة ج:16 ص:12.

(3) شرح نهج البلاغة ج:6 ص:287.

(4) شرح نهج البلاغة ج:20 ص:132.

(5) شرح نهج البلاغة ج:16 ص:284.