فقد ظهرت بوادر ذلك في حياة النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ، حيث نشط المنافقون والطلقاء، ومن تحالف معهم، حتى حاولوا اغتيال النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) في قضية العقبة المشهورة، والتي تقدم الحديث عنها في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة.
كما ردوا على النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) وتجاهلوا أوامره في كثير من الموارد.
(منها) تخلفهم عن جيش أسامة مع إصراره (صلى الله عليه و آله و سلم) على تنفيذه. ومنها منعهم له من كتابة الكتاب الذي يعصم أمته من الضلال. وقد تقدمت الإشارة لهما في جواب السؤال المذكور.
(ومنها) تخلفهم عنه حين نزل في غدير خم، حتى أنبهم على ذلك، فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) : ((أيها الناس إني قد كرهت تخلفكم وتنحيكم عني، حتى خيل إليّ أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني))(1).
ولما بلغ (صلى الله عليه و آله و سلم) عند رجوعه من مكة المكرمة جعلوا يستأذنونه، ويأذن لهم. ثم قال: ((ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله أبغض إليكم من الشق الآخر؟!))(2).
(ومنها) مجاهرتهم لأهل بيته بالبغض والشنآن، حتى دخل العباس على رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فقال: ((يا رسول الله، إنا لنخرج فنرى قريشاً تحدث، فإذا رأونا سكتوا، فغضب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) ))(3).
وفي رواية أخرى: ((يا رسول الله إن قريشاً إذا لقى بعضها بعضاً لقوها ببشر حسن، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها، قال: فغضب رسول الله (صلى الله عليه و سلم) ))(4)... إلى غير ذلك مما يكشف عن إصرارهم على تجاهل أمره، ومجاهرته بالخلاف، ومجاهرة أهل بيته (عليهم السلام) بالعداء، وتصميمهم على صرف الأمر عنهم.
وأكد ذلك للأنصار أمران:
إنذار الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه و آله و سلم) بالفتن المقبلة
(الأول): إنذار الله تعالى والنبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بالفتن المقبلة، وإخبارهما بوقوعها، وبشدتها، كما تقدم في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة، ومنه قوله تعالى: ((وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا))(5) . حيث روي أنها نزلت لما رأى رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) رجالاً ينزون على منبره نزو القردة(6).
إنذار النبي(صلى الله عليه و آله و سلم) بما يجري على الدين وأهل بيته وبانحراف السلطة
وقوله (صلى الله عليه و آله و سلم) : ((هلاك هذه الأمة على يدي أغيلمة من قريش))(7).
وقوله (صلى الله عليه و آله و سلم) : ((لتنتقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها. فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة))(8).
وقوله (صلى الله عليه و آله و سلم) في جملة حديث له: ((ألا إن رحا الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب حيث دار. ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان، فلا تفارقوا الكتاب))(9).
وقوله (صلى الله عليه و آله و سلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) : ((إن الأمة ستغدر بك من بعدي))(10).
وقوله (صلى الله عليه و آله و سلم) له ـ وقد بكى، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : ما يبكيك؟ـ: ((ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني))(11).
وقوله( لبني هاشم: ((أنتم المستضعفون بعدي))(12).
وقوله( للأنصار: ((ستلقون بعدي أثرة))(13)... إلى غير ذلك.
ــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ دمشق ج:42 ص:227 في ترجمة علي بن أبي طالب، واللفظ له. العمدة لابن بطريق ص:107. مسند الشاميين للطبراني ج:3 ص:223 فيما رواه قبيصة عن جابر بن عبد الله الأنصاري، في الطبعة الموجودة في المعجم الفقهي.
(2) صحيح ابن حبان ج:1 ص:444 باب فرض الإيمان: ذكر كتبة الله جل وعلا الجنة وإيجابها لمن آمن به ثم سدد بعد ذلك، واللفظ له. مسند أحمد ج:4 ص:16 في حديث رفاعة بن عرابة الجهني (رضي الله تعالى عنه). مجمع الزوائد ج:1 ص:20 كتاب الإيمان: باب فيمن شهد أن لا إله إلا الله، ج:10 ص:408 كتاب أهل الجنة: باب فيمن يدخل الجنة بغير حساب. مسند الطيالسي ص:182 فيما رواه رفاعة بن عرابة الجهني (رضي الله عنه) . الآحاد والمثاني ج:5 ص:24 رفاعة الجهني (رضي الله عنه) . المعجم الكبير ج:5 ص:49، 50، 51 رفاعةبن عرابة الجهني عن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) . شعب الإيمان ج:1 ص364 التاسع من شعب الإيمان وهو باب في أن دار المؤمنين ومأواهم الجنة ودار الكافرين ومآبهم النار: فصل في عذاب القبر وكل معذب في الآخرة من كافر ومؤمن.... حلية الأولياء ج:6 ص:286 في ترجمة هشام الدستوائي. تهذيب الكمال ج:9 ص:208 في ترجمة رفاعة بن عرابة الجهني. موضح أوهام الجمع والتفريق ج:2 ص:520 في ترجمة هلال بن علي العامري. موارد الظمآن ج:1 ص:32 كتاب الإيمان: باب فيمن شهد أن لا إله إلا الله.
(3) مسند أحمد ج:4 ص:165 في حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب (رضي الله عنه) ، واللفظ له. تفسير ابن كثير ج:4 ص:114. مجمع الزوائد ج:1 ص:88 كتاب الإيمان : باب فيمن حبهم إيمان، ج:9 ص:170 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم) . مسند البزار ج:6 ص:131 مسند المطلب بن ربيعة. فضائل الصحابة لابن حنبل ج:2ص:918. معجم الصحابة ج:2ص:194 في ترجمة عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. المعجم الأوسط ج:5 ص:52، ج:7 ص:373. المعجم الصغير ج:1 ص:399. سير أعلام النبلاء
ج:2 ص:88 في ترجمة العباس عم النبي (صلى الله عليه و سلم) ، ج:12 ص:156 في ترجمة الرفاعي محمد بن يزيد بن محمد بن كثير. تهذيب الكمال ج:33 ص:340 في ترجمة أبي سبرة النخعي. تاريخ بغداد ج:3 ص:376 في ترجمة محمد بن يزيد بن محمد بن كثير. وغيرها من المصادر.
(4) المستدرك على الصحيحين ج:3 ص:376 كتاب معرفة الصحابة: ذكر إسلام العباس (رضي الله عنه) واختلاف الروايات في وقت إسلامه، واللفظ له، ج:4 ص:85 كتاب معرفة الصحابة: ذكر فضائل القبائل. السنن الكبرى للنسائي ج:5 ص:51 كتاب المناقب: فضائل علي (رضي الله عنه) . سنن الترمذي ج:5 ص:652 كتاب كتاب المناقب: باب مناقب العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه) . المصنف لابن أبي شيبة ج:6 ص:382 كتاب الفضائل: ما ذكر في العباس (رضي الله عنه) عم النبي (صلى الله عليه و سلم) . مسند البزار ج:4 ص:140 ومما روى عبد الله بن الحارث عن العباس. المعجم الكبير ج: 20 ص:284، 285 فيما رواه مطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. تعظيم قدر الصلاة ج:1 ص:453، 455 في حلاوة الإيمان. تهذيب الكمال ج:14 ص:228 في ترجمة عباس ابن عبدالمطلب. فضائل الصحابة للنسائي ص:22. وغيرها من المصادر.
(5) سورة الإسراء الآية: 60.
(6) تفسير القرطبي ج:10 ص:282،283. تفسير الطبري ج:15 ص:112 ـ 113. تفسير ابن كثير ج:3 ص:50. تاريخ الطبري ج:5 ص:622 في أحداث سنة أربع وثمانين ومائتين. شرح نهج البلاغة ج:9 ص:220.
وقد ذكرت الرؤية من دون ذكر نزول الآية في كل من مجمع الزوائد ج:5 ص:243 ـ 244 كتاب الخلافة: باب في أئمة الظلم والجور وأئمة الضلالة، ومسند أبي يعلى ج:11 ص:348 في تابع مسند أبي هريرة، والعلل المتناهية ج:2 ص:701 كتاب النوم: ذكر منامات روي عن رسول الله أنه رآها: منام آخر، والمستدرك على الصحيحين ج:4 ص:527 كتاب الفتن والملاحم، وكنز العمال ج:11 ص:358 حديث: 31737، وغيرها من المصادر. ورواه مختصراً في سير أعلام النبلاء ج:2 ص:108 في ترجمة الحكم بن أبي العاص.
(7) تقدمت مصادره في بداية الجواب عن هذا السؤال في ص 192.
(8) صحيح ابن حبان ج:15 ص:111 باب إخباره (صلى الله عليه و سلم) عما يكون في أمته من الفتن والحوادث: ذكر الإخبار بأن أول ما يظهر من نقض عرى الإسلام من جهة الأمراء فساد الحكم والحكام، واللفظ له. مجمع الزوائد ج:7 ص:281 كتاب الفتن: باب نقض عرى الإسلام. مسند أحمد ج:5 ص:251 حديث أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان بن عمرو بن وهب الباهلي عن النبي (صلى الله عليه و سلم) . موارد الظمآن ج:1 ص:87 كتاب الصلاة: باب فيمن حافظ على الصلاة ومن تركها. المعجم الكبير ج:8 ص:98 فيما رواه سليمان بن حبيب المحاربي قاضي عمر بن عبد العزيز عن أبي أمامة صدي بن عجلان. شعب الإيمان ج:4 ص:326 الخامس والثلاثون من شعب الإيمان وهو باب في الأمانات وما يجب من أدائها إلى أهلها، ج:6 ص:69 فصل في فضل الجماعة والألفة وكراهية الاختلاف والفرقة وما جاء في إكرام السلطان وتوقيره. مسند الشاميين ج:2 ص:411 ما انتهى إلينا من مسند سليمان بن حبيب المحاربي: سليمان عن أبي أمامة الباهلي. السنة لعبدالله بن أحمد ج:1 ص:356. الترغيب والترهيب ج:1 ص:216 كتاب الصلاة: الترهيب من ترك الصلاة تعمداً وإخراجها عن وقتها تهاوناً. تعظيم قدر الصلاة ج:1 ص:415 الأحاديث التي تدل على أن الأعمال داخلة في الإيمان. الفردوس بمأثور الخطاب ج:3 ص:445. فيض القدير ج:5 ص:263،399. وغيرها من المصادر.
(9) مجمع الزوائد ج:5 ص:238 كتاب الخلافة: باب في أئمة الظلم والجور وأئمة الضلالة، واللفظ له. مسند الشاميين ج:1 ص:379. المعجم الصغير ج:2 ص:42. المعجم الكبير ج:20 ص:90 فيما رواه يزيد بن مرثد عن معاذ بن جبل. فيض القدير ج:3 ص:534. حلية الأولياء ج:5 ص:165.
(10) تقدمت مصادره في جواب السؤال الثالث ص : 128.
(11) مجمع الزوائد ج:9 ص:118 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب بشارته بالجنة، واللفظ له. مسند البزار ج:2 ص:293 ومما روى أبو عثمان النهدي عن علي. مسند أبي يعلى ج:1 ص:426 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) . المعجم الكبير ج:11 ص:73 فيما رواه مجاهد عن ابن عباس. تاريخ بغداد ج:12 ص:398 في ترجمة الفيض بن وثيق بن يوسف. ميزان الاعتدال ج:5 ص:431 في ترجمة الفضل بن عميرة القيسي، ج:7 ص:315 في ترجمة يونس بن خباب الأسيدي. الكامل في ضعفاء الرجال ج:7 ص:173 في ترجمة يونس بن خباب. تهذيب الكمال ج:23 ص:239 في ترجمة الفضل بن عميرة القيسي. العلل المتناهية ج:1 ص:243،244. تاريخ دمشق ج:42 ص:322، 323، 324 في ترجمة علي بن أبي طالب.
(12) مجمع الزوائد ج:9 ص:34 كتاب علامات النبوة: باب لم يعنونه بعد باب في وداعه (صلى الله عليه و سلم) . مسند أحمد ج:6 ص:339 في حديث أم الفضل بن عباس. المعجم الكبير ج:25 ص:23 ما اسندت أم الفضل: ما روى عبدالله بن الحارث بن نوفل عن أم الفضل بنت الحارث. الفردوس بمأثور الخطاب ج:1 ص:394.
(13) صحيح البخاري ج:3 ص:1381 كتاب فضائل الصحابة: باب قول النبي (صلى الله عليه و سلم) للأنصار: اصبروا حتى تلقوني...، ج:4 ص:1574 كتاب المغازي: باب غزوة الطائف. صحيح مسلم ج:2 ص:738 كتاب الزكاة: باب إعطاء من المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوى إيمانه. صحيح ابن حبان ج:16 ص:264 باب فضل الصحابة والتابعين (رضي الله عنهم) : ذكر (صلى الله عليه و سلم) بالصبر ثم وجود الأثرة بعده، ص:265 ذكر البيان بأن قول أنس أراد أن يكتب أن يقطع البحرين للأنصار، ص:268 ذكر (صلى الله عليه و سلم) للأنصار بالعفة والصبر. الأحاديث المختارة ج:4 ص:272 من اسمه أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك الأشهلي. مسند أبي عوانة ج:4 ص:415 بيان وجوب الصبر على الأثرة وحبس الإمام وترك التعرض له وحظر حبس ما يجب له وأن حبس ما يجب عليه ظلم. مجمع الزوائد ج:10 ص:31،33 كتاب المناقب: فضل الأنصار. السنن الكبرى للبيهقي ج:6 ص:339 كتاب قسم الفيء والغنيمة: جماع أبواب تفريق القسم: باب ما كان النبي (صلى الله عليه و سلم) يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من المهاجرين وما يستدل به على أنه إنما كان يعطيهم من الخمس دون أربعة أخماس الغنيمة. مسند أحمد ج:3 ص:111،167،171 في مسند أنس بن مالك، ج:4 ص:42 حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني (رضي الله عنه) ، ص:292 حديث البراء بن عازب، ص:352 حديث أسيد بن حضير (رضي الله عنه) . مسند الروياني ج:2 ص:183. المعجم الكبير ج:1 ص:208 مما اسند أسيد بن حضير (رضي الله عنه) . السنن الواردة في الفتن ج:1 ص:203 باب قول الله عز وجل: ((واتقوا فتنة لاتصبين الذين ظلموا منكم خاصة)). أسباب ورود الحديث ص:226 . البيان والتعريف ج:1 ص:254 . سير أعلام النبلاء ج:2 ص:453 في ترجمة أبي قتادة الأنصاري. فضائل الصحابة لابن حنبل ج:2 ص:808. وغيرها من المصادر.