أسباب تحجير الأولين على السنة النبوية

بل من القريب أن يكون السبب في التحجير على السنة النبوية من قبل الأولين، وفي منع عمر كثيراً من أعيان الصحابة عن الخروج من المدينة، هو الحذر من روايتهم النص على أمير المؤمنين والأئمة من ولده (صلوات الله عليهم)، ونشر فضائلهم ومناقبهم في البلاد، وتنبيه المسلمين في أقطار الأرض لها، خوفاً من ردود الفعل السيئة على السلطة القائمة، وسلب الثقة بشرعيتها.

فإن السلطة كانت تدرك أن هوى كثير من الصحابة (رضي الله عنهم) مع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وأنهم يؤمنون بالنص عليه، وبأحقيته وأحقية أهل البيت (عليه السلام) بالأمر، وتعدي غيرهم عليهم، كما أشرنا إليه آنفاً.

والحاصل: أن الناظر في التاريخ والحديث بتدبر وإمعان يستوضح أن هوى كثير من الصحابة ـ بما فيهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ـ مع أمير المؤمنين وأهل بيته (صلوات الله عليهم)، قبل استيلائه على الحكم، وبعده، وبعد مقتله (عليه أفضل الصلاة والسلام).

 

ظهور حال كثير من الصحابة في اعترافهم بحق الإمام (عليه السلام)

وحيث كان ذلك منهم قد حصل مع معرفتهم بأن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يرى أنه صاحب الحق في الخلافة من اليوم الأول، ويؤكد ذلك هو وكثير ممن معه في المناسبات المختلفة، فلابد أنهم يتفقون معه، ويرونه صاحب الحق فيها، دون غيره ممن تقدم عليه. وهو راجع بالآخرة إلى إيمانهم بالنص عليه.