تحذير المسلمين من الفتن ووعدهم بها

وهو المناسب أيضاً لما تكرر في الكتاب العزيز والسنة الشريفة من تحذير المسلمين من الفتن، ووعدهم بها، وأنهم لابد أن يمتحنوا ويغربلوا، ويخرج بعضهم عن الطريق، ويرجعوا القهقرى.

قال تعالى ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))(1).

وقال سبحانه: ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))(2).

وقال جل شأنه: ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ))(3).

وقال عزوجل: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ))(4).

وقال عز من قائل: ((مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ))(5).

وقال النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)  : ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض))، وقال في أحاديث الحوض: ((ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى))... إلى غير ذلك مما تقدم كثير منه في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة.

 

قسوة التهديد في الاختلاف وبيان خطورة أثره

والملفت للنظر الحقيق بالانتباه أن ما مضى وغيره مما تضمن التحذير من الفتنة والاختلاف قد اشتمل على مضامين قاسية، كالتعبير بالانقلاب، والارتداد، والخبث، والكفر، والحكم على الفرق المخالفة للحق بأنها من أهل النار، حيث يناسب ذلك أن يكون الخروج عما عليه الفرقة المحقة ـ بغض النظر عن تعيينها ـ بحد من الخطورة والجريمة، بحيث يلحق بالكفر، ويكون سبباً للهلاك والخسران، ولا ينفع الإنسان معه الحفاظ على صورة الإسلام وإعلان دعوته.

وهو المناسب لما ورد في الأمم السابقة. قال الله تعالى: ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))(6).

وقال سبحانه: ((وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ))(7).

وقال عز وجل: ((وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))(8).

ــــــــــــــــــــ

(1) سورة النور الآية: 63.

(2) سورة الأنفال الآية: 25.

(3) سورة آل عمران الآية: 144.

(4) سورة العنكبوت الآية: 2 ـ 3.

(5) سورة آل عمران الآية: 179.

(6) سورة آل عمران الآية: 105 ـ 107.

(7) سورة البقرة الآية: 253.

(8) سورة البقرة الآية: 213.