13 ـ والحاكم النيسابوري طعن فيه الذهبي، قال في ترجمة ابن قتيبة: ((عبد الله مسلم بن قتيبة أبو محمد صاحب التصانيف صدوق... قال الخطيب: كان ثقة ديناً فاضلاً. وقال الحاكم: أجمعت الأمة على أن القتبي كذاب. قلت: هذه مجازفة قبيحة، وكلام من لم يخف الله)) (1).
وقال عنه بسبب ذلك أيضاً: ((هذه مجازفة، وقلة ورع، فما علمت أحداً اتهمه بالكذب قبل هذه القولة. بل قال الخطيب: إنه ثقة. وقد أنبأني أحمد بن سلامة عن حماد الحراني أنه سمع السلفي ينكر على الحاكم في قوله: لا تجوز الرواية عن ابن قتيبة، ويقول: ابن قتيبة من الثقات، وأهل السنة. ثم قال: لكن الحاكم قصده لأجل المذهب)) (2).
قال ابن حجر: ((والذي يظهر لي أن مراد السلفي بالمذهب النصب. فإن في ابن قتيبة انحرافاً عن أهل البيت، والحاكم على ضد من ذلك))(3).
14 ـ أما ابن حزم فقد قال فيه ابن خلكان: ((وكان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين، لا يكاد يسلم أحد من لسانه، فنفرت عنه القلوب، واستهدف لفقهاء وقته، فتمالؤوا على بغضه، وردوا قوله، واجتمعوا على تضليله وشنعوا عليه... وفيه قال أبو العباس بن العريف المقدم ذكره: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين. وإنما قال ذلك لكثرة وقوعه في الأئمة))(4).
وتعقيباً على حكم ابن حزم على الترمذي بأنه مجهول، يقول الذهبي: ((ولا التفات إلى قول أبي محمد ابن حزم فيه ـ في الفرائض من كتاب الإيصال ـ إنه مجهول، فإنه ما عرفه، ولا درى بوجود الجامع ولا العلل اللذين له))(5).
ويقول ابن حجر تعقيباً على ذلك أيضاً: ((وأما أبو محمد ابن حزم فإنه نادى على نفسه بعدم الاطلاع... ولا يقولن قائل: لعله ما عرف الترمذي، ولا أطلع على حفظه، ولا على تصانيفه. فإن هذا الرجل قد أطلق هذه العبارة في خلق من المشهورين من الثقات الحفاظ، كأبي القاسم البغوي، وإسماعيل بن محمد بن الصفار، وأبي العباس الصم))(6).
وقال الذهبي عنه أيضاً: ((...ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج العبارات وسب وجدع، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة، وهجروها ونفروا منها، وأحرقت في وقت... وقد حط أبو بكر ابن العربي على أبي محمد في كتاب القواصم والعواصم... فقال:... نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم إنه إمام الأئمة، يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، وينسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول على العلماء ما لم يقولوا، تنفيراً للقلوب منهم... قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين...))(7).
وقال ابن حجر عنه أيضاً: ((...وكان واسع الحفظ جداً. إلا أنه لثقة حافظته كان يهجم كالقول في التعديل والتخريج، وتبين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة... وقال مؤرخ الأندلس أبو مروان ابن حبان: كان ابن حزم... مما يزيد في بغض الناس له بغضه لبني أمية ماضيهم وباقيهم، واعتقاده بصحة إمامتهم حتى نسب إلى النصب ...))(8).
ونصبه أشهر من نار على علم.
15 ـ وابن الجوزي أبو الفرج عبد الرحمن يقول عنه ابن الأثير: ((وكان كثير الوقيعة في الناس، لاسيما في العلماء المخالفين لمذهبه))(9).
ويقول عنه أبو الفداء: ((كان كثير الوقيعة في العلماء...))(10).
ويقول الذهبي:((له وهم كثير في تواليفه يدخل عليه الداخل من العجلة والتحويل إلى مصنف آخر...))(11).
وقال السيوطي: ((فذكر في كتابه كثيراً مما لا دليل على وضعه. بل هو ضعيف. بل وفيه الحسن والصحيح. وأغرب من ذلك إن فيها حديثاً من صحيح مسلم، كما سأبينه. قال الذهبي: ربما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حساناً قوية...))(12).
ويقول عنه أيضاً: ((قال الذهبي في التاريخ الكبير: لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه)) (13)... إلى غير ذلك من كلماتهم فيه.
16 ـ ومثله في التعصب ـ خصوصاً على أهل البيت (صلوات الله عليهم) وشيعتهم ـ الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان، صاحب ميزان الاعتدال وسير أعلام النبلاء وغيرهما. فإنه على جلالته عند الجمهور، وتعظيمهم له، واحتجاجهم به، قد نبه غير واحد على تعصبه، وطعنوا فيه طعوناً شديدة تمنع من التعويل عليه في الجرح والتعديل.
ــــــــــــــــــــ
(1) ميزان الاعتدال ج:4 ص:198 في ترجمة عبدالله بن مسلم بن قتيبة.
(2) سير أعلام النبلاء ج:13 ص:299 في ترجمة ابن قتيبة.
(3) لسان الميزان ج:3 ص:358 في ترجمة عبدالله بن مسلم بن قتيبة.
(4) وفيات الأعيان ج:3 ص:327 ـ 328 في ترجمة ابن حزم الظاهري.
(5) ميزان الاعتدال ج:6 ص:289 في ترجمة محمد بن عيسى بن سورة الحافظ العلم أبي عيسى الترمذي.
(6) تهذيب التهذيب ج:9 ص:344 في ترجمة محمد بن عيسى بن سورة ...أبي عيسى الترمذي.
(7) سير أعلام النبلاء ج:18 ص:186 ـ 199 في ترجمة ابن حزم.
(8) لسان الميزان ج:4 ص:198 ـ 200 في ترجمة علي بن أحمد بن سعيد بن حزم.
(9) الكامل في التاريخ ج:10 ص:276 في أحداث سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
(10) المختصر في أخبار البشر ج:3 ص:101 في أحداث سنة سبعة وتسعين وخمسمائة.
(11) تذكرة الحفاظ ج:4 ص:1347 في ترجمة ابن الجوزي.
(12) تدريب الراوي ج:1 ص:278. (13) طبقات الحفاظ ص:480 ـ 481 في ترجمة ابن الجوزي.