قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)  لآباء النواصب لا يسوغ بغضهم له

1 ـ أن من الطبع البشري بغض من وقعت منه إساءة في حق المبغض، والحب بالعكس!.

وجوابه: أن الذين قتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام)  إنما قتلهم بأمر الله عزوجل، لأنهم أعداء الله تعالى، مشاقون له، خارجون عن حكمه، فيحرم على المؤمنين مودتهم، كما قال تعالى: ((لاتَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ))(1). ويجب عليهم أن يحبوا أمير المؤمنين، لتنفيذه حكم الله تعالى فيهم.

وإن لم يفعلوا فهم منافقون ـ كالذين أبغضوا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)  لقتله أحبتهم ـ لأنهم يوادون من حاد الله تعالى، ويعادون من أحب الله تعالى، وأمضى حكمه. فبغض الناصبي لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) من أجل ذلك يؤكد نفاقه.

 

تخصيص الحديث لا يقتضي الخروج عن ظاهره

2 ـ أن الخبر في حب علي وبغضه ليس على العموم، فقد أحبه من كفر فيه بالله تعالى ورسوله (صلى الله عليه و آله و سلم)  من الغلاة.

وجوابه (أولاً): أن المراد بالحديث الشريف خصوص من يدعي الإسلام، لأنه الذي يوصف بالإيمان والنفاق، وينقسم إلى مؤمن وفاسق ومنافق، دون الكافر بأقسامه.

(وثانياً): أنه لو فرض عموم الحديث بدواً للكافر فاللازم الاقتصار في التقييد على صدره، والمتضمن إيمان من يحبه، ويبقى ذيله المتضمن نفاق من يبغضه على إطلاقه، فيدل على نفاق النواصب، كما هو المدعى.

 

ورود نظير ذلك في الأنصار لا يمنع من الاحتجاج به

3 ـ أن المضمون المذكور قد ورد نظيره في الأنصار.

وجوابه (أولاً): أنه لا مانع من البناء على جريان ذلك فيهم، فمن أبغضهم كان منافقاً، مهما كان سبب بغضه لهم. كما سبق عن أمير المؤمنين (عليه السلام)  عند التعرض لأحداث السقيفة في جواب السؤال الرابع. وهو الحال في كثير من منافقي قريش، خصوصاً من جاهرهم بالعداء، وجد في إيذاءهم والاستئثار عليهم، كمعاوية وعمرو بن العاص وأشباههما.

نعم لابد من حمله على بغض جملتهم كمجموعة ذات عنوان خاص، دون الأفراد الشاذة، حيث لا ريب في وجود منافقين في الأنصار، يكون مقتضى الإيمان بغضهم، والبراءة منهم.

وبالجملة: مشاركة الأنصار لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في هذه الفضيلة لا يقتضي إبطالها.

(وثانياً): أن أخذ عنوان الأنصار في الأحاديث الواردة فيهم قد يشعر بعلة بغضهم الذي هو علامة النفاق، نظير قولنا: من أحب المؤمنين حشر معهم، ومن أبغض الكفار سلم من معرتهم. بخلاف أمير المؤمنين(صلوات الله عليه)، فإنه ذكر باسمه مجرداً عن كل عنوان. وذلك يدل على كون بغضه (عليه السلام)  لذاته علامة النفاق.

(وثالثاً): أنه لو فرض ـ جدلاً ـ الاضطرار للتأويل في الحديث الوارد في الأنصار فذلك لا يبرر التأويل في الأحاديث الواردة في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بعد عدم الملزم بتأويلها. ولاسيما بعد ما سبق من تعذر التأويل المذكور فيها.

 

دعوى: تدين النواصب وصدقهم بخلاف الروافض

(الأمر الثاني): أن أكثر من يوصف بالنصب مشهور بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة، بخلاف من يوصف بالرفض، فإن غالبهم كاذب، ولا يتورع في الإخبار.

وهذا من ابن حجر محتمل لوجهين..

(الوجه الأول): أن يكون قد ساقه في جملة القرائن على حمل الحديث على خلاف ظاهره بدعوى: أن عدم مطابقة ظاهر الحديث للواقع القائم ملزم بالخروج عن ظاهره، وحمله على ماسبق، حيث لا يمكن البناء على كون النواصب منافقين بعد ما هو المعلوم من أنهم أهل دين وعقيدة، ولا يكذبون في دعوى الإسلام، وإن كانوا مخطئين في عقيدتهم.

ــــــــــــــــــــ

(1) سورة المجادلة الآية: 22.