ما ورد في كتاب ابن ماجة

14 ـ وذكر ابن حجر أيضاً أن في كتاب سنن ابن ماجة أحاديث ضعيفة جداً. قال: ((حتى بلغني أن السري كان يقول: مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالباً... ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد بن علي الحسيني ما لفظه: سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: كل ما انفرد به ابن ماجة فهو ضعيف))(1).

 

ما ورد في كتاب أبي داود

15 ـ وقال أبو داود: ((ذكرت في السنن الصحيح وما يقاربه. فإن كان فيه وهن شديد بينته))(2).

يقول السيوطي تعقيباً على ذلك: ((ففهم أن ثم شيئاً فيه وهن غير شديد لم يلتزم بيانه))(3).

 

ما قيل في كتاب الترمذي

16 ـ وقد سبق عن الذهبي والمباركفوري الطعن في تصحيح الترمذي وتحسينه، بل نسب الذهبي ذلك للعلماء. فراجع.

 

روايتهم عمن ضعفوه أو كذبوه

17 ـ وقال الشيخ المظفر (قدس سره) : ((وذكر كل من الذهبي وابن حجر أو أحدهما في كتابيهما المذكورين (يعني ميزان الاعتدال وتهذيب التهذيب) أن البخاري احتج بجماعة في صحيحه ضعفهم بنفسه، كما يعلم من تراجمهم في الكتابين، كأيوب بن عائذ، وثابت بن محمد العابد، وحصين بن عبد الرحيم السلمي، وحمران بن أبان، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، وكهمس بن المنهال، ومحمد بن يزيد الحزامي، ومقسم بن بجرة.

وإنما خصصنا البخاري بهذا لأنه أعظم أرباب الصحاح عندهم. وإلا فكلهم على هذا النمط. بل وجدنا أبا داود كذب نعيم بن حماد الخزاعي، والوليد بن مسلم مولى بني أمية، وهشام بن عمار السلمي، وروى عنهم في سننه.

وقال في حق صالـح بن بشير: لا يكتب حديثه، وكذا في حق عاصم بن عبيد الله، وروى عنهما، مع أنه كان يزعم أنه لا يروي إلا عن ثقة، كما ذكره في تهذيب التهذيب بترجمة داود بن أمية.

ووجدنا النسائي قال في حق كل من عبدالرحمن بن يزيد بن تميم الدمشقي، وعبد الرحمن بن أبي المخارق، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف: متروك، وروى عنهم في سننه.

وكذا الترمذي قال في حق سليمان بن أرقم أبي معاذ البصري وعاصم بن عمرو بن حفص: متروك، وروى عنهما في سننه))(4).

 

روايتهم عن جمع كثير مجهولي الحال

18 ـ وقال (قدس سره): ((وذكروا في حق البخاري ومسلم ـ اللذين هما أجل أرباب الصحاح عندهم، وأصحهم خبراً ـ ما يخالف الإجماع. وهو احتجاجهما بجماعة لا تحصى مجهولة الحال، لرواية جماعة عنهم، بل لرواية الواحد عنهم، مع أن هذا الواحد لم ينص على قدح أو مدح في المروي عنه. ولنذكر بعض من اكتفيا في الاحتجاج بخبره بمجرد رواية الواحد عنه، لتراجع تهذيب التهذيب، فترى صدق ما قلناه...)) ثم ذكر (قدس سره) جماعة منهم(5).

 

شيوع التدليس منهم

19 ـ شيوع التدليس منهم، وهو أن يذكر الراوي بما يوهم إرادة غيره، بالإبهام في شخصه، وكما لو كانت الرواية عن شخص مقبول بواسطة شخص غير مقبول، فيتركون الواسطة، ويروونها عن المقبول ابتداء ونحو ذلك.

قال الذهبي في ترجمة عبد الله بن صالـح بن محمد الجهيني المصري الذي طعنوا فيه كثيراً: ((وقد روى عنه البخاري في الصحيح على الصحيح. ولكنه يدلسه، فيقول حدثنا عبد الله ولا ينسبه))(6).

وروى البخاري أيضاً عن محمد بن سعيد المصلوب الشامي الكذاب الشهير(7)، الذي كان يضع الحديث، ويدلسه(8)، وقتل بسبب الزندقة(9). كما روى عنه الترمذي وابن ماجة(10)، وغيرهما كثير، ودلسوه.

قال الذهبي عن محمد بن سعيد هذا: ((روى عن الزهري، وعبادة بن نسي، وجماعة، وعنه ابن عجلان، والثوري، ومروان الفزاري، وأبو معاوية، والمحاربي، وآخرون. وقد غيروا اسمه على وجوه ستراً له، وتدليساً لضعفه... قال عبدالله بن أحمد بن سوادة: قلبوا اسمه على مائة اسم وزيادة، قد جمعتها في كتاب))(11).

وقال ابن الجوزي: ((محمد بن سعيد بن أبي قيس الشامي المصلوب. وهذا الرجل كان كذاباً يضع الحديث، ويفسد أحاديث الناس. صلب على الزندقة. وقد قلب خلق من الرواة اسمه، وبهرجوا في ذكره. والعتب عليهم في ذلك شديد، والإثم لهم لازم، لأن من دلس كذاباً فقد آثر أن يؤخذ في الشريعة بقول باطل))(12). وذكر نحوه ابن حجر(13).

نعم حاول الذهبي أن يحسن الظن بالبخاري، فحمله على الخطأ في ذلك، فقال: ((وقد أخرجه البخاري في مواضع، وظنه جماعة))(14) يعني: أن البخاري ظن أن المروي عنه في هذه المواضع جماعة تشابهوا معه في الاسم، لا الشخص الواحد المشهور بالكذب. وهو ـ مع بعده ـ عيب آخر في صحيح البخاري، راجع إلى عدم المعرفة بالرجال.

وقال ابن حجر: ((محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الإمام وصفه بذلك (أي التدليس) أبو عبدالله ابن مندة في كلام له فقال فيه:أخرج البخاري قال فلان، وقال لنا فلان. وهو تدليس. ولم يوافَق ابن مندة على ذلك. والذي يظهر أنه يقول فيما لم يسمع، وفيما سمع لكن لا يكون على شرطه، أو موقوفاً: قال لي، أو قال لنا. وقد عرفت ذلك بالاستقراء من صنيعه))(15).

ونقل أيضاً عن ابن مندة أنه قال في حق مسلم: ((أنه كان يقول فيما لم يسمعه من مشائخه: قال لنا فلان. وهو تدليس))(16).

وقد أطال المرحوم الشيخ المظفر (قدس سره) الكلام في تدليسهم، بنحو لا يسعنا استقصاؤه(17).

ــــــــــــــــــــ

(1) تهذيب التهذيب ج:9 ص:468 في ترجمة محمد بن يزيد الربعي.

(2) سير أعلام النبلاء ج:13 ص:213 في ترجمة سليمان بن الأشعث بن بشر بن شداد، واللفظ له. تدريب الراوي ج:1 ص:169. تذكرة الحفاظ ج:2 ص:592 في ترجمة أبي داود. المنهل الروي ص:38.

(3) تدريب الراوي ج:1 ص:169.

(4) دلائل الصدق ج:1 ص:13 ـ 14.

(5) دلائل الصدق ج:1 ص:14 ـ 15.

(6) ميزان الاعتدال ج:4 ص:122 في ترجمة عبدالله بن صالـح.

(7) ميزان الاعتدال ج:6 ص:165 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. تهذيب التهذيب ج:9 ص:163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي. الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ج:3 ص:65 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الشامي المصلوب. الكامل في ضعفاء الرجال ج:6 ص:140 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي.

(8) المقتنى في سرد الكنى ج:1 ص:353 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. الكامل في ضعفاء الرجال ج:6 ص:140 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي. تهذيب التهذيب ج:9ص:163 في ترجمة محمدبن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي.

(9) الجرح والتعديل ج:7 ص:262 في ترجمة محمد بن سعيد الشامي. ميزان الاعتدال ج:6 ص:164 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. الكامل في ضعفاء الرجال ج:6 ص:140 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي. تهذيب التهذيب ج:9 ص:163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي.

(10) تهذيب التهذيب ج:9 ص:163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي.

(11) ميزان الاعتدال ج:6 ص:164 ـ 166 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب.

(12) الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ج:3 ص:65 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الشامي المصلوب.

(13) تهذيب التهذيب ج:9 ص:163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي.

(14) ميزان الاعتدال ج:6 ص:166 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب.

(15) طبقات المدلسين لابن حجر ص:24 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة.

(16) طبقات المدلسين لابن حجر ص:26 في ترجمة مسلم بن الحجاج القشيري.

(17) دلائل الصدق ج:1 ص:15 ـ 16.