وقفتُ وفي حلقي شجىً
السيد مدين الموسوي
وقفـتُ علـى قبـر النبـي وأعيُـنـي * تكـاد بـأن تأتـي عليهــا دموعُـهـا
وارخيـتُ أجفـانـي لتسكُـبَ عبــرةً * تفجَّـر مـن أرض العـراق نقـيعــها
بكيــتُ بهــا حــزنـاً لآل محمّـدٍ * وقـد راعني فـي كلّ أرض مضيـعُهـا
لمـاذا عفـت منهـم قبـور وغيرهــم * تـلألأُ نــوراً بالنـعيــم شموُعهــا
لماذا خَبَـتْ منهــم شمـوس وغُيّـبتْ * بـدورٌ مـع القـرآن كــان طلوعهـا
وقفـتُ وفـي حلقــي شجىً يستفزّني * وقـد هُدَّ مـن تلك العمــاد رفيعـهـا
اُسائلهــا الزهـراء كيـف تهشّـمـتْ * عشية خلـف البـاب عمـداً ضلوعهـا
اُسائـل عـن نــارٍ ببابـك لـم تـزَل * تُحـرّق أكبــاداً تضـرّى صديعـهـا
اُسائل عن أرضٍ وقـد ضـمَّ تُرابُــها * طهـارة اجـداثٍ عبيــراً تضـوعهـا
فمـا راعنــي إلاّ صدىً جاوبَ الصدى * وقـد صُـمَّ مـن تلك القلـوب سميعهـا
هـي الآن قاعـاً صفصـفـاً غيـر أنّها * تُحشّـدُ أمـلاك السمــاء ربـوعهــا
ســلاماً أبـا الزهــراء إنّ عصابـة * توالـت علـى إيـذاك ســاء صنيعـها
وأنّ يـداً اعـفـتْ قبــوراً بطيـبَـةٍ * وباسمــك بعــد الله زال خنـوعهـا
لهـا مـن اكـفّ سالفــات وراثــة * غداة أحاطـت بالحسيــن جمـوعهــا
وأنَّ اَكُـفّــاً اضرمـت بـاب حيـدرٍ * بنــارٍ وللــزهراء راحـت تروعهـا
هي الآن تمري الضرع سُمـَّاً تدوفــه * فتقـطـر مـن حقـد علينــا ضروعها
تبادلنــا كأسـاً بكــأسٍ نقيـعـــةٍ * فنسكــرها حُبّــاً ويطغـى نقيـعهـا
لقـد رويـت منّـا دمــاءً ولـم يـزل * يُطــارد أشــلاء الملاييـن جوعهـا
وقـد قطعـت منّـا رؤوسـاً كريمــةً * وقــد اضرمـت نـاراً ترامـى وسيعها
فمنّــا بكوفــان اُبيـحـت حرائــرٌ * وبغـدادُ ما زالـت تسيـل صدوعـهـا
وفي كربــلا حيث الزمان تفـصّمـتْ * عـراه وقـد جلّـى السمـاء صديـعهـا
وفـي أرض فــخًّ لا تـزال جماجـم * معـلّقــة مالـت عليـهـا جَـذوعهـا
وقد حسبَتْ انّــا إذا السيـف حُكّـمَتْ * قواعــده فينـا تطــول قطوعهـــا
وقـد حسبَـتْ انّــا غـاب بعضـنـا * واخلى لها دربــاً يســود جميعهـــا
وما علِمَـتْ انّــا بقـيّـة صرخــة * تـردّد فـي صُـمِّ الزمــان رجيعـهـا
وانّــا غــراس ثابتـات بأصلهــا * وقـد ناطحـت هــام السمـاء فروعها
عـزاءً أبــا الزهـراء لسـتُ معـزّياً * ســواك بمَـن يـوم الحسـاب شفيعهـا
بامّــة ظلـم اجمـعـتْ فيـك رأيهـا * وعنــك تخلّـى جلفهــا وقطـيعهــا
وطـال بوجـه الله عمْــداً وقوفهــا * وفـي حضـرة الشيطـان دام ركوعهـا
غــداة أزاحـت عـن علاهـا عليّهـا * ورُفِّـع من جهـلٍ عليهــا وضيعهــا
وراحـت تكافيـك الصنيــع فتــارة * بنــار واُخــرى سُـمُّها ونقـيعهــا
وفـي كــربلا لـم تُبـق منـك بقيّـةً * ليفـنـى عليهــا شيخنــا ورضيعهـا
واخــرى وقــد لاحـت لآلك قبَّــةٌ * يُلامِــس أبـراج المســاء سطوعهـا
عفَتهـــا لتعفــي نـورها وسمـوَّها * وقـد خـاب ، إلاّ تطــولَ ، صنيعهـا
عـزاءً أبا الزهــراء في كـل بقعـةٍ * تســاوى عليهــا طفُّهــا وبقـيعـها
 
 
العودة إلى الرئيسية العودة إلى موقع الميزان منتديات موقع الميزان