إشراقة النور أشرقت الدنيا بمولد الإمام الزكي محمد بن علي الباقر

وما يزال إشراقها يستمد من فيض إطلالته المباركة على عالم الوجود ، رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرنا على رحيله عن عالمنا المادي .

فكان كما بشر به رسول الله وأنبأ بمولده قبل ولادته بعشرات السنين ، وسماه باسمه محمدا ، وكناه بالباقر .

كان يوم مولده الميمون في ( يثرب ) المدينة المنورة ، يوم الاثنين غرة رجب الحرام من سنة 75 هجرية .

وهو الذي عليه أغلب العلماء والمؤرخين وأصحاب التراجم والسير من الفريقين .

أقام مع أبيه السجاد خمسا وثلاثين سنة إلا شهرين ، وبعد مضي أبيه قام بأعباء الإمامة تسع عشرة سنة .

ويذهب غالبية المؤرخين إلى أن شهادته كانت في السابع من ذي الحجة سنة 114 هجرية .

وهناك آراء أخرى ذهبت مذاهب شتى في تعيين سنة ولادته ووفاته ومبلغ عمره الشريف ، لا حاجة لنا في بسط الكلام فيها حيث أخذنا بالمشهور من الأقوال .

وكما كان الاختلاف في تعيين سنة مولده واستشهاده ، كان الاختلاف أيضا في تعيين اليوم والشهر الذي ولد واستشهد فيه  .

اما ولادته فقد ترددت الأقوال بين الأول من رجب والثالث من صفر وغيرها .

وأما استشهاده فقد ترددت الأقوال فيها أيضا بين السابع من ذي الحجة والسابع من ربيع الأول أو الآخر - والأول أشهر عند أهل البيت - .

ومهما يكن من اختلاف قل أو كثر . . بعد أو قرب من الواقع . . فقد كان الباقر أول وليد في البيت النبوي الشريف يجتمع له نسب الحسن والحسين ، فأبوه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب ، التي وصفها الإمام الصادق بأنها صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها .

ولها من الكرامات ما رواه الباقر نفسه فقال : كانت أمي قاعدة عند جدار ، فتصدع الجدار ، وسمعنا هدة شديدة ، فقالت بيدها : لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط ، فبقي الجدار معلقا حتى جازته ، فتصدق عنها أبي بمئة دينار .

ولقد عاش الإمام في ظل جده الحسين نحوا من أربع سنين أو قد تزيد بضعة شهور ، كانت خاتمتها واقعة الطف الأليمة .

فقد شاهد بعض الفصول من رزايا كربلاء وما جرى على عترة رسول الله من صنوف القتل والترويع والسبي ، كما جرت أمامه عملية القتل الجماعي بوحشية قاسية لعترة النبي والتمثيل الآثم بجثمان سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي وقطع رأسه الشريف ، وغير ذلك من الكوارث التي تذوب من هولها القلوب .

قال أبو جعفر : قتل جدي الحسين ولي أربع سنين ، وإني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت .

وشاهد بعد كربلاء العديد العديد من الرزايا والمصائب - من تقتيل وتشريد - التي توالت على أبيه وأهل بيته من أولئك الحكام الطغاة العتاة الذين انغمسوا في الجرائم ، وتنكروا للقيم والأخلاق وجميع المبادئ التي جاء بها الإسلام وجاهد الرسول من أجلها أكثر من عشرين عاما .

نعم ، في مثل تلك الظروف القاسية كانت ولادة الامام ونشأته الأولى ، حيث الحكم بيد طاغية جبار أثيم ، تجل أرذل النعوت والصفات عن أن يوصف بها ، ثم ما يلبث أن يقبر الماكر حتى يسلمها إلى خمار فاجر ، أحط من أبيه تسافلا وتحللا ، فهما من تلكم الشجرة الملعونة شجرة أمية وأبي سفيان التي لا تثمر إلا عن مثل هؤلاء اللئام ، وأنى لها أن تثمر طيبا ومنبتها خبيث ( والذي خبث لا يخرج إلا نكدا ) ، والبلاد الإسلامية يومذاك تئن وتموج بالظلم والجور من عسف الحكام الأمويين وولاتهم ، وتصرفهم بالبلاد والعباد بغير ما أنزل الله ، أنزل الله ، فقد نشروا الرعب والإرهاب . . وأشاعوا الفساد في طول البلاد وعرضها .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>