فيما كان لمريم وفاطمة عليهما السلام

ومريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) وشرف الناس بآبائهم . ونذرت أم مريم لله محررا ، ومحمد ( صلى الله عليه وآله ) أكثر الخلق تقربا إلى الله في سائر الأحوال وذلك يوجب أن يكون قد أتى عند أن سأله الزهراء ( عليها السلام ) بأضعاف ما قالت أم مريم بموجب فضله على الخلائق ، وكان نذرها من قبل الأم وهو يقتضي تنصف منزلته مما ينذره الأب . قوله ( وكفلها زكريا )

والزهراء كفلها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا خلاف في فضل كفالة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على كل كفالة وكفالة اليتيم مندوب إليها وكفالة الولد واجبة . ولدت مريم بعيسى ( عليه السلام ) في أيام الجاهلية ، وولدت فاطمة بالحسن والحسين على فطرة الاسلام .

وكان الله أعلم مريم بسلامتها وبسلامة ما حملته فلا يجوز أن يتطرق إليها خوف ، والزهراء حملت بهما وهي لا تعلم ما يكون من حالها في الحمل والوضع من السلامة والعطب ، فينبغي أن يكون في ذلك مثوبة زائدة ، ولذلك فضل المسلمون على الملائكة يوم بدر في القتال ، لأنهم كانوا بين الخوف والرجاء في سلامتهم والملائكة ليسوا كذلك .

وقيل لها ( لا تحزني )

وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا فاطمة إن الله يرضى لرضاك ، وقيل لها ( فنفخنا فيه من روحنا )

وفاطمة ( عليها السلام ) خامسة أهل العباء وافتخار جبرئيل بكل واحد منهم قوله : من مثلي وأنا سادس خمسة .

ولها ( تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي )

يحتمل أن النخلة والنهر كانا موجودين قبل ذلك لأنه لم يبق لهما أثر مثل ما بقي لزمزم والمقام وموضع التنور وانفلاق البحر ورد الشمس ، وللزهراء ( عليها السلام ) حديث التمر الصيحاني وقدس الماء . وروي أنه بكت أم أيمن وقالت : يا رسول الله فاطمة زوجتها ولم تنثر عليها شيئا ، فقال : يا أم أيمن لم تكذبين فإن الله تعالى لما زوج فاطمة عليا أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها وياقوتها ودرها وزمردها واستبرقها فأخذوا منها ما لا يعلمون .

وتكلمت الملائكة مع مريم ( إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين )

أراد نساء عالم أهل زمانها كقوله لبني إسرائيل ( وإني فضلتكم على العالمين )

وليسوا بأفضل من المسلمين قوله ( كنتم خير أمة )

ثم إن الصفات في هذه الآية يشاركها غيرها قوله ( إن الله اصطفى آدم - إلى قوله - ذرية بعضها من بعض )

وفاطمة وذريتها من جملتهم وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وإنها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من المقربين وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون : يا فاطمة ( إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) .

وأنه ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ) وليس في نفس الآية أن ذلك كان الله تعالى ى يخلقه اختراعا أو يأتيها به الملك وإنما هو يدل على كثرة شكرها لله تعالى كما تقول : رزقني الله اليوم درهما كما قال : ( قل كل من عند الله ) وللزهراء من هذا الباب ما لا ينكره مسلم من حديث المقداد وخبر الطائر والرمان والعنب والتفاح والسفرجل وغيرها ، وذلك مما يقطع على أنها كانت تأكل ما لم يكن لغيرها من جميع الخلق بعد هبوط آدم وحوا ، وفي الحديث أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) دخل على فاطمة وهي في مصلاها وخلفها جفنة يفور دخانها فأخرجت فاطمة الجفنة فوضعتها بين أيديهما فسأل علي ( عليه السلام ) أنى لك هذا قالت هو من فضل الله ورزقه إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .

ورزق مريم من الجنة وخلق فاطمة من رزق الجنة ، وفي الحديث فناولني جبرئيل رطبة من رطبها فأكلتها فتحولت ذلك نطفة في صلبي .

وقد مدح الله تعالى مريم في القرآن بعشرين مدحة وصح في الاخبار لفاطمة عشرون اسما كل اسم يدل على فضيلة ذكرها ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة ( عليها السلام ) .

وقال لها : ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها ) يريد بذلك العفاف لا الملامسة والذرية لأنه لو لم يكن كذلك لجعل حملها له ووضعها ومخاضها بغير ما جرت به العادة فلما جعله على مجرى العادة دل على مقالنا ويؤكد ذلك الأخبار الواردة في مدح التزويج وطلب الولد وذم العزوبة ، وقال تعالى للزهراء ولأولادها : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) .

حسان بن ثابت : وإن مريم أحصنت فرجها وجاءت بعيسى كبدر الدجى فقد أحصنت فاطم بعدها وجاءت بسبطي نبي الهدى .

- الفضائل ، الروضة : دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على علي فوجده هو وفاطمة ( عليهما السلام ) يطحنان في الجاروش فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أيكما أعيى ؟ فقال علي : فاطمة يا رسول الله فقال لها : قومي يا بنية ، فقامت وجلس النبي ( صلى الله عليه وآله ) موضعها مع علي ( عليه السلام ) فواساه في طحن الحب .

- كشف الغمة : من كتاب معالم العترة لعبد العزيز بن الأخضر بأسانيده مرفوعا إلى قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : خير نسائها مريم وخير نسائها فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) . وبإسناده إلى أحمد بن حنبل يرفعه إلى أنس أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون .

وبإسناده عن أنس أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) . ومنه قالت عائشة لفاطمة ( عليها السلام ) : ألا أبشرك أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : لسيدات نساء أهل الجنة أربع : مريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون .

ومن مسند أحمد عن عائشة قالت : أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : مرحبا يا بنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسر إليها حديثا فبكت ، قلت : استخصك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بحديثه ثم تبكين ، ثم أسر إليها حديثا فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سألتها فقالت : أسر إلي فقال : إن جبرئيل ( عليه السلام ) كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أراه إلا قد حضر أجلى ، وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ونعم السلف أنا لك فبكيت لذلك ، فقال : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة ونساء المؤمنين ؟ قالت : فضحكت لذلك .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>