من كلامه

الخرائج والجرائح : قال : وسمعته يقول : اسم الله الأعظم ثلاث وسبعون حرفا ، فإنما كان عند آصف منه حرف واحد فتكلم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ ، فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ، ثم بسطت الأرض في أقل من طرفة العين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب .

فصل في ذكر شئ من كلام الهادي من سأل فوق قدر الحق كان أولى بالحرمان .

 وقال : صلاح من جهل الكرامة هوانه .

 وكان يقول : الحلم أن تملك نفسك ، وتكظم غيظك مع القدرة . وقال : الناس في الدنيا بالأموال ، وفي الآخرة بالأعمال .

 وكان يقول في مناجاته في الليل : إلهي مشتت قد ورد ، وفقير قد قصد ، لا تخيب مسعاه ، وارحمه واغفر له خطاه .

 وقال : من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه .

 وقال : المقادير تريك ما لا يخطر ببالك .

 وقال : شر الرزية سوء الخلق .

 وسئل عن الحزم فقال : هو أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك .

 وقال : الغنى : قلة تمنيك والرضا بما يكفيك ، والفقر : شره النفس وشدة القنوط والمذلة : اتباع اليسير والنظر في الحقير .

 وقال : راكب الحرون أسير نفسه ، والجاهل أسير لسانه .

 وقال : المراء يفسد الصداقة القديمة ، ويحلل العقد الوثيقة ، وأقل ما فيه أن تكون [ فيه ] المغالبة ، والمغالبة أس أسباب القطيعة .

 وقال : العتاب مفتاح المقال ، والعتاب خير من الحقد .

 وقال لبعض الثقات عنده وقد أكثر في تقريظه : أقبل على ما بك ، فإن كثرة الملق يهجم على الفطنة ، فإذا حللت من أخيك في [ محل ] الثقة فاعدل عن الملق إلى حسن النية .

 وقال : المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان .

 وقال يحيى بن عبد الحميد الحماني : سمعت أبا الحسن يقول لرجل ذم اليه ولدا له فقال له : العقوق ثكل من لم يثكل .

 وقال : الحسد ماحق الحسنات .

 والزهو جالب المقت .

 والعجب صارف عن طلب العلم ، داع إلى التخبط في الجهل ، والبخل أذم الأخلاق ، والطمع سجية سيئة .

 وقال : مخالطة الأشرار يدل على شر مخالطهم ، والكفر للنعم أمارة البطر وسبب للتغير ، واللجاجة مسلبة للسلامة ومؤذنة بالندامة ،  والهمز فكاهة السفهاء ، والنزق صناعة الجهال ، ومعصية الاخوان يورث النسيان ، والعقوق يعقب القلة ويؤدي إلى الذلة .

 وقال لبعض أصحابه : السهر ألذ للمنام ، والجوع أزيد في طيب الطعام .

 وقال : اذكر مصرعك بين يدي أهلك فلا طبيب يمنعك ولا حبيب ينفعك .

 وقال علي بن أحمد الصيمري الكاتب : تزوجت ابنة جعفر بن محمد الكاتب فأحببتها حبا لم يحب أحد أحدا مثله ، فأبطأ علي الولد فصرت إلى أبي الحسن الهادي فذكرت له ذلك فتبسم وقال : اتخذ خاتما فصه فيروزج واكتب عليه : * ( رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ) * .

 قال : ففعلت ذلك ، فما أتى علي حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا .

 وكتب إلى أحمد بن إسماعيل بن يقطين في سنة سبع وعشرين ومائتين : بسم الله الرحمن الرحيم عصمنا الله وإياك من الفتنة ، فإن يفعل فأعظم بها منة ، وألا يفعل فهي الهلكة .

 نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب ، فيعاطى السائل ما ليس له وتكلف المجيب ما ليس عليه وليس خالق إلا الله ، وكل ما دون الله مخلوق ، والقرآن كلام الله ، فانبذ بنفسك وبالمخالفين في القرآن إلى أسمائه التي سماه الله بها ، وذر الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ، ولا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين ، جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم وهم من الساعة مشفقون .

 وكتب إلى بعض أهل همدان : ليس مع سوء الظن بنا إيمان .

 وقيل : قدم إلى المتوكل رجل نصراني قد فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم ، فقال يحيى بن أكثم : قد هدم إيمانه بشركه وفعله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا ، واختلفوا عليه : فأمر المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن وسؤاله عن ذلك .

 قال : فلما قرأ الكتاب كتب : يضرب حتى يموت .

 فأنكر يحيى بن أكثم ذلك ، وأنكر فقهاء العسكر ، فقالوا : يا أمير المؤمنين سل عن هذا فإنه شئ لم ينطق به كتاب ولم تجئ به سنة .

 وكتب إليه المتوكل : إن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا وقالوا لم تجئ به سنة ولا نطق به كتاب ، ففسر لنا لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت ؟ فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم * ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) * .

 وقال : إن الله تعالى جعل أشبه شئ بالحق الباطل فسماه الشبهة ، ثم بثهما في الخلق جميعا لامتحان الخلق ، فمن ميز الحق من الباطل وعرفه كان الفائز ، وقد سماهم الله جل وعز : أولو النهى وأولو الألباب وأولو الأبصار ، فقال : فاعتبروا يا أولي الألباب ويا أولي النهى ويا أولي الأبصار ، وعمى قوم آخرون فلزم الشبهة ، فألزم قلوبهم الزيغ بما اتبعوا من الباطل * ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ) * ففضحهم في كتابه ، فهم الأكثرون عددا عند الناس ، والأولون وزنا عند الله ، جل وعز ، وهؤلاء الأقلون عددا عند الناس والأكثرون وزنا عند الله جل وعز هم أولياؤه فقال : " يا أيها الذين آمنوا أنتم أولياء الله لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " " والذين اتبعوا الشهوات أولياء الطاغوت " .

 وكتب السبري بن سلامة إلى أبي الحسن سأله عن الغالية ومذاهبهم وما يدعون إليه وما يتخوف من معرتهم على ضعف إخوانه ، ويسأله الدعاء له ولإخوانه في ذلك .

 فأجاب : عدل الله عنكم ما سلكوا فيه من الغلو ، فحسبهم أن يبرأ الله جل وعز وأولياؤه منهم ، وجعل الله ما أنتم عليه مستقرا ولا جعله مستودعا ، وثبتكم بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ، ولا أضلكم بعد إذ هداكم ، وأحمد الله كثيرا وأشكره .

 وقال سهل بن زياد : كتب إليه بعض أصحابنا يسأله أن يعلمه دعوة جامعة للدنيا والآخرة ، فكتب إليه : أكثر من الاستغفار والحمد فإنك تدرك بذلك الخير كله .

 وقال الحميري : كتبت إليه يختلف إلينا أخباركم فكيف العمل بها ؟ قال : فكتب إلي : من لزم رأس العين لم يختلف عليه أمره ، إنها تخرج من مخرجها وهي بيضاء صافية نقية فتخالطها الأكدار في طريقها .

 قال : فكتبت إليه : كيف لنا برأس العين وقد حيل بيننا وبينه ؟ قال : فكتب إلي هي مبذولة لمن طلبها إلا لمن أرادها بإلحاد .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>