جود الإمام الحسن

قال الإربلي : روى سعيد بن عبد العزيز قال : إن الحسن سمع رجلا يسأل ربه تعالى أن يرزقه عشر آلاف درهم فانصرف الحسن إلى منزله فبعث بها إليه  .

تقسيم ماله

قال ابن شهر آشوب : دخل الغاضري عليه فقال : إني عصيت رسول الله فقال : بئس ما عملت كيف ؟ قال : قال لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة وقد ملكت علي امرأتي وأمرتني أن أشتري عبدا فاشتريته فأبق مني فقال : اختر أحد ثلاثة إن شئت فثمن عبد فقال : ههنا ولا تتجاوز ! قد اخترت ، فأعطاه ذلك .

قال أيضا : ودخل عليه جماعة وهو يأكل فسلموا وقعدوا فقال : هلموا فإنما وضع الطعام ليؤكل .

قال ابن عساكر : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا محمد بن العباس ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن محمد بن الفهم ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا مسلم بن إبراهيم ، عن القاسم بن الفضل ، أنبأنا أبو هارون ، قال : انطلقنا حجاجا فدخلنا المدينة فقلنا : لو دخلنا على ابن رسول الله الحسن فسلمنا عليه ، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا وحالنا ، فلما خرجنا من عنده بعث إلى كل رجل منا بأربعمأة أربعمأة ، فقلنا للرسول : إنا أغنياء وليس بنا حاجة ، فقال : لا تردوا عليه معروفه .

فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا ، فقال : لا تردوا علي معروفي فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسير أما أني مزودكم : إن الله [ تبارك وتعالى ] يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة فيقول : عبادي جاؤني شعثا تتعرضون لرحمتي فأشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم وشفعت محسنهم في مسيئهم وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك .

قال ابن شهر آشوب : وللحسن بن علي : إن السخاء على العباد فريضة * لله يقرأ في كتاب محكم وعد العباد الأسخياء جنانه * وأعد للبخلاء نار جهنم من كان لا تندى يداه بنائل * للراغبين فليس ذاك بمسلم وله أيضا : خلقت الخلائق من قدرة * فمنهم سخي ومنهم بخيل فأما السخي ففي راحة * وأما البخيل فحزن طويل ومن همته ما روي أنه قدم الشام أي عند معاوية فأحضر بارنامجا بحمل عظيم ووضع قبله ثم إن الحسن لما أراد الخروج خصف خادم نعله فأعطاه البارنامج .

قال ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبأنا أبو محمد الصريفيني ، أنبأنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد الكناني ، أنبأنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي ، أنبأنا كامل بن طلحة : أنبأنا أبو هشام القناد ، قال : كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسن بن علي وكان يماكسني فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته ، ويقول : إن أبي حدثني إن رسول الله قال : المغبون لا محمود ولا مأجور .

قال الإربلي : إن رجلا جاء إليه وسأله حاجة فقال له : يا هذا حق سؤالك يعظم لدي ، ومعرفتي بما يجب لك يكبر لدي ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله ، والكثير في ذات الله عزوجل قليل ، وما في ملكي وفاء لشكرك ، فإن قبلت الميسور ، ورفعت عني مؤنة الاحتفال والاهتمام بما أتكلفه من واجبك فعلت .

فقال : يا ابن رسول الله أقبل القليل ، وأشكر العطية ، وأعذر على المنع ، فدعا الحسن بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها [ ف‍ ] - قال : هات الفاضل من الثلاثمائة ألف درهم فأحضر خمسين ألفا قال : فما فعل الخمسمائة دينار ؟ قال : [ هي ] عندي ، قال : أحضرها فأحضرها فدفع الدراهم والدنانير إلى الرجل وقال : هات من يحملها لك فأتاه حمالين ، فدفع الحسن إليه رداءه لكرى الحمالين ، فقال مواليه : والله ما عندنا درهم فقال : لكني أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم .

قال ابن شهر آشوب : ومن سخائه ما روي أنه سأل الحسن بن علي رجل فأعطاه خمسين ألف درهم وخمس مائة دينار ، وقال : ائت بحمال يحمل لك فأتي بحمال فأعطى طيلسانه فقال : هذا كرى الحمال . وجاءه بعض الأعراب فقال : أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف دينار فدفعها إلى الأعرابي فقال الأعرابي : يا مولاي إلا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي فأنشأ الحسن : نحن أناس نوالنا خضل * يرتع فيه الرجاء والأمل تجود قبل السؤال أنفسنا * خوفا على ماء وجه من يسل لو علم البحر فضل نائلنا * لغاض من بعد فيضه خجل .

روى المجلسي عن كتاب العدد القوية إنه قال : قيل وقف رجل على الحسن بن علي ، فقال : يا بن أمير المؤمنين بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه بل إنعاما منه عليك إلا ما أنصفتني من خصمي فإنه غشوم ظلوم لا يوقر الشيخ الكبير ولا يرحم الطفل الصغير وكان متكئا فاستوى جالسا وقال له : من خصمك حتى أنتصف لك منه ؟ فقال له : الفقر فأطرق ساعة ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال له : أحضر ما عندك من موجود ، فأحضر خمسة آلاف درهم ، فقال : إدفعها إليه ثم قال له : بحق هذا الأقسام التي أقسمت بها علي متى أتاك خصمك جائرا إلا ما أتيتني منه متظلما .

عن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري : إنه قال : قال الحسن بن علي بن أبي طالب وقد حمل إليه رجل هدية فقال له : أيما أحب إليك ؟ أن أرد عليك بدلها عشرين ضعفا عشرين ألف درهم أو أفتح لك بابا من العلم تقهر فلانا الناصبي في قريتك تنقذ به ضعفاء أهل قريتك ؟ [ و ] إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين وإن أسأت الاختيار خيرتك لتأخذ أيهما شئت .

فقال : يا بن رسول الله فثوابي في قهري لذلك الناصب واستنقاذي لأولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم ؟ قال : بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرة .

فقال : يا بن رسول الله فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل ، الكلمة التي أقهر بها عدو الله وأذوده عن أولياء الله ، فقال الحسن بن علي : قد أحسنت الاختيار وعلمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم ، فذهب فأفحم الرجل فاتصل خبره به فقال له إذ حضر : يا عبد الله ما ربح أحد مثل ربحك ولا اكتسب أحد من الأوداء مثل ما اكتسبت ، اكتسبت مودة الله أولا ، ومودة محمد وعلي ثانيا ، ومودة الطيبين من آلهما ثالثا ، ومودة ملائكة الله تعالى المقربين رابعا ، ومودة إخوانك المؤمنين خامسا ، واكتسبت بعدد كل مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرة فهنيئا لك هنيئا .

قال الراوندي : روى عن أبي بصير [ قال ] حدثني علي بن دراج عند الموت أنه دخل على أبي جعفر وقال : إن المختار إستعملني على بعض أعماله وأصبت مالا فذهب بعضه ، وأكلت وأعطيت بعضا ، فانا أحب أن تجعلني في حل من ذلك .

قال : أنت منه في حل .

فقلت : إن فلانا حدثني إنه سأل الحسن بن علي أن يقطعنا أرضا في الرجعة فقال له الحسن : أنا أصنع بك ما هو خير لك من ذلك : أضمن لك الجنة علي وعلى آبائي ، فهل كان هذا ؟ قال : نعم .

فقلت لأبي جعفر عند ذلك : اضمن لي الجنة عليك وعلى آبائك كما ضمن الحسن لفلان ؟ قال : نعم .

قال أبو بصير : حدثني هو بهذا ثم مات وما حدثت بهذا أحدا ، ثم خرجت ودخلت المدينة فدخلت على أبي جعفر ، فلما نظر إلي قال : مات علي ؟ قلت : نعم .

قال : حدثك بكذا وكذا ، فلم يدع شيئا مما حدثني به عليا إلا حدثني به . فقلت : والله ما كان عندي حين حدثني هو بهذا أحد ، ولا خرج مني إلى أحد فمن أين علمت هذا ؟ فغمز فخذي بيده فقال : هيه هيه أسكت الآن .

قال ابن أبي الحديد : روى أبو جعفر محمد بن حبيب إن الحسن أعطى شاعرا ، فقال له رجل من جلسائه : سبحان الله أتعطي شاعرا يعصي الرحمن ويقول البهتان فقال : يا عبد الله إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك وإن من ابتغاء الخير اتقاء الشر .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>