كلام النبى في فضيلته

الصدوق : حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدواليني ( رحمه الله ) .

بمدينة السلام ، سنة اثنتين وخمسين وثلاث مأة قال : حدثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي قال : حدثنا علي بن عاصم ، عن محمد بن علي بن موسى ، عن أبيه علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب قال : دخلت على رسول الله وعنده أبي بن كعب ، فقال لي رسول الله : مرحبا بك يا أبا عبد الله ! يا زين السماوات والأرضين ! قال له أبي : وكيف يكون يا رسول الله ! زين السماوات والأرضين أحد غيرك ؟ قال : يا أبي ! والذي بعثني بالحق نبيا ! إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عزوجل : مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعز وفخر وعلم وذخر ، وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية ، ولقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره الله عزوجل معه ، وكان شفيعه في آخرته ، وفرج الله عنه كربه ، وقضى بها دينه ، ويسر أمره ، وأوضح سبيله ، وقواه على عدوه ، ولم يهتك ستره . فقال له أبي بن كعب : وما هذه الدعوات يا رسول الله ؟ ! قال : تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد : أللهم إني أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك ، وسكان سمواتك ، وأنبيائك ، ورسلك ، أن تستجيب لي ، فقد رهقني من أمري عسرا ، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل لي من أمري يسرا . فإن الله عزوجل يسهل أمرك ، ويشرح صدرك ، ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك . قال له أبي : يا رسول الله ! فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين ؟ قال : مثل هذه النطفة كمثل القمر ، وهي نطفة تبيين وبيان ، يكون من اتبعه رشيدا ، ومن ضل عنه هويا ؟ قال : فما اسمه وما دعاؤه ؟ قال : اسمه علي ، ودعاؤه : يا دائم ، يا ديموم ! يا حي ، يا قيوم ! يا كاشف الغم ، ويا فارج الهم ! ويا باعث الرسل ، ويا صادق الوعد ! من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل مع علي بن الحسين ، وكان قائده إلى الجنة .

فقال له أبي : يا رسول الله ! فهل له من خلف ووصى ؟ قال : نعم ، له مواريث السماوات والأرض . قال : ما معنى مواريث السماوات والأرض يا رسول الله ؟ ! قال : القضاء بالحق ، والحكم بالديانة ، وتأويل الأحكام ، وبيان ما يكون .

قال : فما اسمه ؟ قال : اسمه محمد ، وإن الملائكة لتستأنس به في السماوات ، ويقول في دعائه : أللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي ، طيب ما في صلبي .

فركب الله عزوجل في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية . وأخبرني جبرائيل : أن الله عزوجل طيب هذه النطفة وسماها عنده جعفرا ، جعله هاديا مهديا راضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه : يا دان غير متوان ، يا أرحم الراحمين ، اجعل لشيعتي من النار وقاء ، ولهم عندك رضا ، واغفر ذنوبهم ، يسر أمورهم ، واقض ديونهم ، واستر عوراتهم ، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضيم ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، اجعل لي من كل غم فرجا ، من دعا بهذا الدعاء ، حشره الله تعالى أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة .

يا أبي ! إن الله تبارك وتعالى ركب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة وسماها عنده موسى .

قال له أبي : يا رسول الله ! كأنهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون ، ويصف بعضهم بعضا .

قال : وصفهم لي جبرائيل ، عن رب العالمين جل جلاله .

قال : فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه ؟ قال : نعم ، يقول في دعائه : يا خالق الخلق ، ويا باسط الرزق وفالق الحب النوى ، وبارئ النسم ، ومحيي الموتى ، ومميت الأحياء ، ودائم الثبات ، ومخرج النبات ! إفعل بي ما أنت أهله ، من دعا بهذا الدعاء قضى الله تعالى حوائجه ، وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر .

وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية رضية مرضية ، وسماها عنده عليا ، يكون لله تعالى في خلقه رضيا في علمه وحكمه ، ويجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة ، وله دعاء يدعو به : أللهم أعطني الهدى ، وثبتني عليه ، احشرني عليه آمنا ، آمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع ، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة .

وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية رضية مرضية وسماها محمد بن علي ، فهو شفيع شيعته ، ووارث علم جده ، له علامة بينة وحجة ظاهرة ، إذا ولد يقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقول في دعائه : يا من لا شبيه له ولا مثال ، أنت الله الذي لا إله إلا أنت ، ولا خالق إلا أنت ، تفني المخلوقين وتبقى ، أنت حلمت عمن عصاك ، وفي المغفرة رضاك . من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة .

وإن الله تعالى ركب في صلبه نطفة ، لا باغية ولا طاغية ، بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد ، فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكل سر مكتوم ، من لقيه وفي صدره شيء أنبأه به وحذره من عدوه ، ويقول في دعائه : يا نور يا برهان ، يا منير يا مبين ، يا رب ! اكفني شر الشرور وآفات الدهور ، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور .

من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه وقائده إلى الجنة . وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة وسماها عنده الحسن ، فجعله نورا في بلاده ، وخليفة في أرضه ، وعزا لأمة جده ، وهاديا لشيعته ، وشفيعا لهم عند ربه ، ونقمة على من خالفه ، وحجة لمن والاه ، وبرهانا لمن اتخذه إماما ، يقول في دعائه : يا عزيز العز في عزه ، ما أعز عزيز العز في عزه ! يا عزيز ! أعزني بعزك ، وأيدني بنصرك ، وأبعد عني همزات الشياطين ، وادفع عني بدفعك ، وامنع عني بمنعك ، اجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد ، يا فرد يا صمد ! من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل معه ، ونجاه من النار ولو وجبت عليه .

وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة ، يرضى بها كل مؤمن ممن قد أخذ الله تعالى ميثاقه في الولاية ، ويكفر بها كل جاحد ، فهو إمام تقى نقى سار مرضي هادي مهدي ، يحكم بالعدل ويأمر به ، يصدق الله تعالى ويصدقه الله تعالى في قوله ، يخرج من تهامة حين تظهر الدلائل والعلامات ، وله كنوز لا ذهب ولا فضة إلا خيول مطهمة ورجال مسومة يجمع الله تعالى له من أقاصي البلاد على عدة أهل بدر ؛ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وكناهم ، كدادون مجدون في طاعته .

فقال له أبي : وما دلائله وعلاماته يا رسول الله ؟ قال : له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وأنطقه الله تعالى ، فناداه العلم : اخرج يا ولى الله ! فاقتل أعداء الله ، و [ له ] هما رايتان وعلامتان ، وله سيف مغمد ، فإذا حان وقت خروجه اختلع ذلك السيف من غمده ، وأنطقه الله عزوجل فناداه السيف : اخرج يا ولي الله ! فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، ويقيم حدود الله ، ويحكم بحكم الله .

ويخرج جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وسوف تذكرون ما أقول لكم ولو بعد حين ، وأفوض أمري إلى الله تعالى عزوجل ، يا أبي طوبي لمن لقيه ، طوبى لمن أحبه ، وطوبى لمن قال به ، ينجيهم الله به من الهلكة وبالإقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة يفتح الله لهم الجنة ، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه ولا يتغير أبدا ، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفئ نوره أبدا .

قال أبي : يا رسول الله ! كيف بيان حال هؤلاء الأئمة عن الله عزوجل ؟ قال : إن الله عزوجل أنزل علي اثنا عشر صحيفة ، اسم كل إمام على خاتمه ، وصفته في صحيفته .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>