إحسان الإمام الجواد ومواساته للناس

الإحسان إلى الناس والبرّ بهم من سجايا الإمام الجواد ومن أبرز مقوماته ، وقد ذكر الرواة بوادر كثيرة من إحسانه كان منها ما يلي :

- روى أحمد بن زكريّا الصيدلاني ، عن رجل من بني حنيفة من أهالي سَجِستان قال :

رافقت أبا جعفر في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم ، فقلت له وأنا على المائدة : إنّ والينا جعلت فداك يتولاّكم أهل البيت ويحبّكم وعليّ في ديوانه خراج ، فإن رأيتَ جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إلي .

فقال : لا أعرفه .

فقلت : جعلت فداك إنّه على ما قلت ، من محبّيكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني .

فاستجاب له الإمام فكتب إليه بعد البسملة :

( أمّا بعد : فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإن ما لك من عملك إلا ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك ، واعلم أنّ الله عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل ) .

ولما ورد إلى سجستان عرف الوالي ـ وهو الحسين بن عبد الله النيسابوري ـ أن الإمام قد أرسل إليه رسالة ، فاستقبله من مسافة فرسخين ، وأخذ الكتاب فقبّله ، واعتبر ذلك شرفاً له ، وسأله عن حاجته فأخبره بها .

فقال له : لا تؤدّ لي خراجاً ما دام لي عمل ، ثم سأله عن عياله فأخبره بعددهم .

فأمر له ولهم بصلة ، وظل الرجل لا يؤدي الخراج ما دام الوالي حيّاً ، كما أنه لم يقطع صلته عنه .

وكان كل ذلك ببركة الإمام ولطفه .

 

مواساته للناس :

 

واسى الإمام الجواد الناس في سَرّائهم وضَرّائهم ، فيقول المُؤرّخون :

إنه قد جرت على إبراهيم بن محمد الهمداني مظلمة من قِبل الوالي ، فكتب إلى الإمام الجواد ( عليه السلام ) يخبره بما جرى عليه ، فتألم الإمام وأجابه بهذه الرسالة :

( عَجّل الله نُصرتك على من ظلمك ، وكفاك مؤنته ، وأبشِرْ بنصر الله عاجلاً إن شاء الله ، وبالآخرة آجلاً ، وأكثِر من حمد الله ) .

ومن مواساته للناس تعازيه للمنكوبين والمفجوعين ، فقد بعث رسالة إلى رجل قد فجع بفقد ولده ، وقد جاء فيها بعد البسملة :

( ذكَرتُ مصيبتَك بعليٍّ ابنك ، وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك ، وكذلك الله عزّ وجلّ ، إنّما يأخذ من الولد وغيره أزكى ما عند أهله ، ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة .

فأعظم الله أجرك ، وأحسن عزاك ، وربط على قلبك ، إنه قدير ، وعَجّل الله عليك بالخلف ، وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله ) .

وأعرَبَت هذه الرسالة الرقيقة عن مدى تعاطف الإمام مع الناس ، ومواساته لهم في السَرّاء والضَرّاء .

ومن مواساته للناس أن رجلاً من شيعته كتب إليه يشكو ما ألمَّ به من الحزن والأسى لفقد ولده ، فأجابه الإمام برسالة تعزية جاء فيها :

( أمَا علمتَ أن الله عزّ وجلّ يختار من مال المؤمن ، ومن ولده أنفسه ، ليؤجره على ذلك ) .

لقد شارك الإمام الناس في السَرّاء والضَرّاء ، وواساهم في فجائعهم ومِحَنهم ، ومدَّ يد المعونة إلى فقرائهم ، وضعفائهم .

وبهذا البرّ والإحسان احتلّ القلوب والعواطف ، وأخلص له الناس ، وأحبّوه كأعظم ما يكون الإخلاص والحُب .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>