بعثة النبي

1 - الإمام أبو محمد الحسن بن علي في تفسيره عن أبيه قال : وأما تسليم الجبال والصخور والأحجار عليه فإن رسول الله لما ترك التجارة إلى الشام ، وتصدق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك التجارات ، كان يغدو كل يوم إلى حراء ، يصعده وينظر من قلته إلى آثار رحمة الله ، وأنواع عجائب رحمته وبدائع حكمته ، وينظر إلى أكناف السماء ، وأقطار الأرض ، والبحار ، والمفاوز ، والفيافي ، فيعتبر بتلك الآثار ويتذكر بتلك الآيات ، ويعبد الله حق عبادته .

فلما استكمل أربعين سنة نظر الله إليه وإلى قلبه فوجده أفضل القلوب ، وأجلها ، وأطوعها ، وأخشعها وأخضعها ، أذن لأبواب السماوات ففتحت ، ومحمد ينظر إليها ، وأذن للملائكة فنزلوا ، ومحمد رسول الله ينظر إليهم ، وأمر بالرحمة فأنزلت عليه لدن ساق العرش إلى رأس محمد صلى الله عليه وآله وغمرته ، ونظر إلى جبرئيل الروح الأمين المطوق بالنور ، طاووس الملائكة فهبط إليه فأخذ بضبعه وهزه .

وقال : يا محمد إقرأ ، قال : وما أقرأ ؟ قال : يا محمد ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم ) .

ثم أوحي إليه ما أوحى إليه ربه عز وجل ، ثم صعد إلى العلو ، ونزل محمد من الجبل ، وقد غشيه من تعظيم جلال الله ، وورد عليه من كبير شأنه ما ركبه الحمى والنافض وقد اشتد عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره ، ونسبتهم إياه إلى الجنون وأنه يعتريه شيطان .

وكان من أول أمره أعقل خليقة الله ، وأكرم براياه ، وأبغض الأشياء إليه الشيطان وأفعال المجانين وأقوالهم ، فأراد الله عز وجل أن يشرح صدره ، ويشجع قلبه ، فأنطق الله الجبال والصخور والمدر ، وكلما وصل إلى شئ منها ناداه : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا رسول الله ، أبشر فإن الله عز وجل قد فضلك وجملك وزينك وأكرمك فوق الخلائق أجمعين من الأولين والآخرين ، لا يحزنك أن تقول قريش ، إنك مجنون وعن الدين مفتون .

فإن الفاضل من فضله رب العالمين ، والكريم من كرمه خالق الخلق أجمعين ، فلا يضيق صدرك من تكذيب قريش وعتاة العرب لك ، فسوف يبلغك ربك أقصى منتهى الكرامات ، ويرفعك ربك إلى أرفع الدرجات .

وسوف ينعم الله ويفرح أولياءك بوصيك علي بن أبي طالب .

وسوف يبث علومك في العباد والبلاد بمفتاحك وباب مدينة حكمتك علي بن أبي طالب .

وسوف يقر عينك ببنتك فاطمة .

وسوف يخرج منها ومن علي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة .

وسوف ينشر في البلاد دينك .

وسوف يعظم أجور المحبين لك ولأخيك ، وسوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك علي ، فيكون تحته كل نبي وصديق ، وشهيد ، يكون قائدهم أجمعين إلى جنات النعيم .

فقلت في سري يا رب : من علي بن أبي طالب الذي وعدتني به ؟ وذلك بعد ما ولد علي بن أبي طالب وهو طفل ، أو هو ولد عمي ؟ فقال بعد ذلك لما تحرك علي قليلا وهو معه : أهو هذا ؟ ففي كل مرة من ذلك أنزل عليه ميزان الجلال فجعل محمد في كفة منه ، ومثل له علي وساير الخلايق من أمته إلى يوم القيامة فوزن بهم فرجح .

ثم أخرج محمد من الكفة ، وترك علي في كفة محمد التي كان فيها فوزن بسائر أمته فرجح بهم ، فعرفه رسول الله بعينه وصفته ونودي في سره : يا محمد هذا علي بن أبي طالب صفيي الذي أؤيد به هذا الدين يرجح على جميع أمتك بعدك ، فذلك حين شرح الله صدري بأداء الرسالة ، وخفف علي مكافحة الأمة وسهل علي مبارزة العتاة الجبارة من قريش .

2 - وعن ابن عباس قال : إن أول ما ابتدأ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح .

ولما تزوج بخديجة وكمل له من العمر أربعون سنة ، قال : فخرج ذات يوم إلى جبل حراء ، فهتف به جبرئيل ولم يبدو له ، فغشي عليه ، فحملوه مشركو قريش إليها ، وقالوا : يا خديجة تزوجت بمجنون ، فوثبت خديجة من السرير ، وضمته إلى صدرها ، ووضعت رأسه في حجرها ، وقبلت عينيه ، وقالت : تزوجت نبيا مرسلا ، فلما أفاق قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي أصابك ؟ قال : ما أصابني غير الخير ولكني سمعت صوتا أفزعني ، وأظنه جبرئيل فاستبشرت .

ثم قالت : إذا كان غداة غد فارجع إلى الموضع الذي رأيت فيه بالأمس ، قال : نعم فخرج وإذا هو بجبرئيل في أحسن صورة وأطيب رائحة ، فقال : يا محمد ربك يقرئك السلام ، ويخصك بالتحية والاكرام ، ويقول لك : أنت رسولي إلى الثقلين ، فادعهم إلى عبادتي ، وأن يقولوا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، وعلي ولي الله ، فضرب بجناحه الأرض فنبع عين ماء ، فشرب منها وتوضأ ، وعلمه ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) إلى آخرها .

وعرج جبرئيل إلى السماء ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله من حراء ، فما مر بحجر ولا مدر ولا شجر إلا وناداه : السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وآله فأتي خديجة وهي بانتظاره وأخبرها بذلك ، ففرحت به وبسلامته وبقائه .

3 - وذكر الشيخ علي بن إبراهيم بن هاشم ، وهو من أجل رواة أصحابنا في كتابه أن النبي لما أتي له سبع وثلاثون سنة ، كان يرى في نومه كأن آتيا أتاه فيقول : يا رسول الله فينكر ذلك ، فلما طال عليه الامر وكان بين الجبال يرعى غنما لأبي طالب ، فنظر إلى شخص يقول له : يا رسول الله ، فقال له : من أنت ؟ قال : أنا جبرئيل أرسلني الله إليك ليتخذك رسولا ، فأخبر رسول الله خديجة بذلك ، وكانت خديجة قد انتهى إليها خبر اليهودي ، وخبر بحيرا ، وما حدثت به آمنة أمه ، فقالت : يا محمد إني لأرجو أن يكون كذلك ، وكان رسول الله يكتم ذلك .

فنزل عليه جبرئيل ، وأنزل عليه ماءا من السماء ، فقال له : يا محمد قم توضأ للصلاة فعلمه جبرئيل الوضوء على الوجه واليدين من المرفق ، ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين ، وعلمه السجود والركوع .

فلما تم له أربعون سنة أمره بالصلاة ، وعلمه حدودها ، ولم ينزل عليه أوقاتها ، وكان رسول الله يصلي ركعتين ركعتين في كل وقت ، وكان علي بن أبي طالب يألفه ، ويكون معه في مجيئه وذهابه لا يفارقه . فدخل علي إلى رسول الله وهو يصلي ، فلما نظر إليه يصلي ، قال : يا أبا القاسم ما هذا ؟ قال : هذه الصلاة التي أمرني الله بها ، فدعاه إلى الاسلام فأسلم ، وصلى معه ، وأسلمت خديجة ، وكان لا يصلي إلا رسول الله وعلي وخديجة خلفه ، فلما أتى لذلك أيام : دخل أبو طالب إلى منزل رسول الله ومعه جعفر ، فنظر إلى رسول الله وعلي بجنبه يصليان ، فقال لجعفر : يا جعفر صل جناح ابن عمك ، فوقف جعفر بن أبي طالب من الجانب الآخر ، فلما وقف على يساره بدر رسول الله من بينهما وتقدم .

وأنشأ أبو طالب في ذلك يقول : إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والكرب والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذوي حسب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لامي من بينهم وأبي

4 - والذي ذكره ورواه الشيخ الفاضل محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن علي المعروف بابن الفارسي في " روضة الواعظين " قال : إعلم أن الطائفة قد اجتمعت على أن رسول الله كان رسولا مستخفيا يصوم ويصلي على خلاف ما كانت قريش تفعله مذ كلفه الله تعالى .

فلما أتت أربعون سنة أمر الله عز وجل جبرئيل أن يهبط إليه باظهار الرسالة ، وذلك في اليوم السابع والعشرين من شهر الله الأصم ، فاجتاز بميكائيل ، فقال : أين تريد ؟ قال له : قد بعث الله عز وجل نبي الرحمة ، وأمرني أن أهبط إليه بالرسالة ، فقال له ميكائيل : فأجئ معك ؟ قال له : نعم ، فنزلا ووجدا رسول الله نائما بالأبطح بين أمير المؤمنين وجعفر بن أبي طالب ع .

فجلس جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه ، ولم ينبهه جبرئيل إعظاما له ، فقال ميكائيل لجبرئيل : إلى أيهم بعثت ؟ قال : إلى الأوسط ، فأراد ميكائيل أن ينبهه فمنعه جبرئيل .

ثم انتبه النبي فأدى إليه جبرئيل الرسالة عن الله تعالى ، فلما نهض جبرئيل ليقوم ، أخذ رسول الله بثوبه فقال ما اسمك ؟ قال له : جبرئيل ، ثم نهض رسول الله ليلحق بغنمه فما مر بشجرة ولا مدرة إلا سلمت عليه وهنأته .

ثم كان جبرئيل يأتيه ، فلا يدنو منه إلا بعد أن يستأذن عليه ، فأتاه يوما وهو بأعلى مكة ، فغمز بعقبه بناحية الوادي ، فانفجرت عين فتوضأ جبرئيل وتوضأ رسول الله ، ثم صلى الظهر ، وهي أول صلاة فرضها الله عز وجل ، وصلى أمير المؤمنين تلك الصلاة مع رسول الله فرجع رسول الله من يومه فجاء إلى خديجة ، فأخبرها ، فتوضأت وصلت صلاة العصر من ذلك اليوم  .

ثم أنزل الله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) فجمع رسول الله بني هاشم وهم نحو أربعين رجلا ، فأمر أمير المؤمنين ، فانضج لهم رجل شاة ، وخبز لهم صاعا من طعام ، وجاء بعس من لبن ، ثم أدخل إليه منهم عشرة فأكلوا حتى صدروا ، وأن منهم ليأكل الجذعة ، ويشرب الفرق ، ثم جعل يدخل إليه عشرة عشرة ، حتى أكلوا جميعا وصدروا . ثم قال لهم : إني بعثت إلى الأبيض ، والأسود ، والأحمر ، وأن الله عز وجل أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، وأني لا أملك لكم من الله حظا إلا أن تقولوا : لا إله إلا الله ، فقال : له أبو لهب لعنه الله : لهذا دعوتنا ؟ ثم تفرقوا عنه ، فأنزل الله تعالى : ( تبت يدا أبي لهب ) إلى الآخر .

ثم دعاهم دفعة ثانية ، فأطعمهم وسقاهم كالدفعة الأولى ، ثم قال لهم : يا بني عبد المطلب ، أطيعوني تكونوا ملوك الأرض وحكامها ، وما بعث الله نبيا إلا جعل له وصيا وأخا ووزيرا ، فأيكم يكون أخي ، ووزيري ، ووصيي ، ووارثي ، وقاضي ديني ؟ فقال أمير المؤمنين ، وهو أصغر القوم سنا : أنا يا رسول الله ، فلذلك كان وصيه . وروي أنه جمعهم ، وهم خمسة وأربعون رجلا ، منهم أبو لهب ، فظن أبو لهب أنه يريد أن ينزع عما دعاهم إليه ، فقام إليه فقال : يا محمد هؤلاء عمومتك ، وبنو عمك قد اجتمعوا فتكلم ، واعلم أن قومك ليست لهم بالعرب طاقة . فقام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الرائد لا يكذب أهله ، والله الذي لا إله إلا هو ، إني رسول الله إليكم حقا خاصة ، وإلى الناس عامة ، والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن كما تعملون ، ولتجزون بالاحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا ، وإنها الجنة أبدا ، والنار أبدا ، إنكم أول من أنذرتم .

ثم آمن به قوم من عشيرته ، واجتمعت قريش إلى دار الندوة ، وكتبوا الصحيفة على بني هاشم ، ألا يكلموهم ، ولا يبايعوهم ، أو يسلموا إليهم رسول الله ليقتلوه ، ثم أخرجوهم من بيوتهم حتى أنزلوا شعب أبي طالب ، ووضعوا عليهم الحرس ، فمكثوا بذلك ثلاث سنين . ثم بعث الله الأرضة على الصحيفة فأكلتها ولم يزل كذلك ، يريهم الآيات ، ويخبرهم بالمغيبات ، وأنزل الله تعالى عليه ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) ومعناه لا تعجل بقراءة القرآن عليهم حتى أنزل عليك التفسير في أوقاته كما أنزل إليك التلاوة .

ثم أتاه جبرئيل عليه السلام ليلا ، وهو بالأبطح ، ومعه البراق ، وهو أصغر من البغل وأكبر من الحمار ، فركبه رسول الله ، وأمسك جبرئيل بركابه ، ومضى إلى بيت المقدس ، ثم إلى السماء ، فتلقته الملائكة ، فسلمت عليه ، وتطايرت بين يديه ، حتى انتهى إلى السماء السابعة . قال عكرمة : لما اجتمعت قريش على إدخال بني هاشم وبني عبد المطلب شعب أبي طالب ، كتبوا بينهم صحيفة ، فدخل الشعب مؤمن بني هاشم وكافرهم ، ومؤمن بني عبد المطلب وكافرهم ، ما خلا أبا لهب ، وسفيان بن الحرث ، فبقي القوم في الشعب ثلاث سنين ، فكان رسول الله إذا أخذ مضجعه ، ونامت العيون ، جاءه أبو طالب فأنهضه من مضجعه ، وأنا عليا مضجعه ، فقال علي : يا أبتاه إني مقتول ذات ليلة فقال أبو طالب : إصبرن يا علي ، فالصبر أحجى * كل حي مصيره لشعوب قد بذلناك ، والبلاء عسير * لفداء النجيب وابن النجيب لفداء الأغر ذي الحسب الثاقب * والباع والفناء الرحيب إن رمتك المنون بالنبل فاصبر * فمصيب منها وغير مصيب كل حي وإن تطاول حيا * آخذ من سهامها بنصيب قال علي بن الحسين كان أبو طالب يضرب عن رسول الله بسيفه ، ويقيه بنفسه ، فلما حضرته الوفاة ، وقد قويت دعوة رسول الله ، وعلت كلمته ، إلا أن قريشا على عداوتها وحسدها ، فاجتمعوا إلى أبي طالب ، ورسول الله عنده ، فقالوا : نسألك من ابن أخيك النصف قال : وما النصف منه ؟ قالوا : يكف عنا ، ونكف عنه ، ولا يكلمنا ، ولا نكلمه ، ولا يقاتلنا ، ولا نقاتله ، لأن هذه الدعوة قد بعدت بين القلوب ، وزرعت الشحناء ، وأنبتت البغضاء . فقال : يا ابن أخي ، إن بني عمك وعشيرتك يسألونك النصف ، وأن تكف عنهم ، ويكفوا عنك ، فقال : يا عم ، لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي ، وقبلوا نصيحتي ، وأن الله عز وجل أمرني أن أدعو إلى دين الحنيفية ، ملة إبراهيم ، فمن أجابني ، فله عند الله الرضوان ، والخلود في الجنان ، ومن عصاني ، قاتلته حتى يحكم الله بيننا ، وهو خير الحاكمين فقالوا يا أبا طالب ، سله ، أرسله الله إلينا خاصة ، أم إلى الناس كافة ؟ فقال أبو طالب : يا ابن أخي ، إلى الناس كافة أرسلت ، أم إلى قومك خاصة ؟ قال : بل أرسلت إلى الناس كافة ، إلى الأبيض ، والأسود ، والأحمر ، والعربي ، والعجمي ، والذي نفسي بيده ، لأدعون إلى هذا الامر ، الأبيض ، والأسود ، ومن على رؤوس الجبال ، ومن في لجج البحار ، ولادعون ألسنة فارس والروم .

فتجبرت قريش ، واستكبرت ، وقالت : أما تسمع إلى ابن أخيك وما يقول ؟ والله لو سمعت بهذا فارس والروم ، لاختطفتنا من أرضنا ، ولقلعت الكعبة حجرا حجرا . فأنزل الله تعالى : ( وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ ) إلى آخر الآية .

وأنزلت في قولهم : لقلعت الكعبة حجرا حجرا : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) إلى آخرها . فلما سمعوا ذلك من النبي ، خرجوا من عند أبي طالب ، فقالوا : ألا ترى محمدا لا يزداد إلا كبرا وتكبرا وإن هو إلا ساحر أو مجنون .

وتوعدوه ، وتحالفوا وتعاقدوا ، لئن مات أبو طالب ، لنجمعن قبائل قريش كلها على قتله ما أمسكت أيدينا السياط . وبلغ أبا طالب ذلك ، فجمع بنيه وبني أبيه ، وأحلافهم من قريش ، فوصاهم برسول الله وقال : إن ابن أخي محمدا نبي ، كما يقول بذلك ، أخبرنا آباؤنا وعلماؤنا إن ابن أخي محمدا نبي صادق ، وأمين ناطق ، وأن شأنه أعظم شأن ، ومكانه من ربه أعلى مكان ، وأن يومي قد حضر ، وأنتم الخلفاء النجب ، فأجيبوا دعوته ، واجتمعوا على نصرته ، وارموا عدوه من وراء حوزته ، فإنه الشرف الباقي لكم على الدهر ، وأنشأ : أوصي بنصر الأمين الخير مشهده * بعدي عليا وعم الخير عباسا وحمزة الأسد المخشي صولته * وجعفرا أن يذوقوا قبله البأسا وهاشما كلها أوصي بنصرته * أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا كونوا فداء لكم أمي وما ولدت * من دون أحمد دون الروع أتراسا بكل أبيض مصقول عوارضه * تخاله في سواد الليل مقباسا فلما سمع النبي قال : يا عم كلمة واحدة تجب لك بها شفاعتي يوم القيمة . فقال : يا بن أخي ، صدقت ، أنت نبي حق ، وربك إله حق ، ودينك دين حق . قال له : يا عم ، إن الله عز وجل وعدني أن قريشا ستؤمن غدا بما تنكره اليوم ، وأن الله تعالى سيفتح علي الأرض ، ويظهر دينه على جميع الأديان ، وأنك راحل إلى يوم القيمة ، فقل معي كلمة ، تستوجب من الله رضوانه ورحمته ، فقالوا : إن أبا طالب حرك بها شفتيه ، وأشار بإصبعه ، فسر النبي صلى الله عليه وآله بذلك ، واستغفر له .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>