في شأن رسول الله وأهل بيته في أول الأمر

1 - محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قدس الله روحه قال : حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي ، قال : حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني ، قال : حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري ، قال : حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر ، قال : حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله : ما خلق الله خلقا أفضل مني ، ولا أكرم عليه مني . قال علي : فقلت : يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل ؟ فقال : يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي ، وللأئمة من بعدك ، وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا . يا علي " الذين يحملون العرش ومن حوله ، يسبحون بحمد ربهم ، ويستغفرون للذين آمنوا " بولايتنا . يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ، ولا حواء ، ولا الجنة ، ولا النار ، ولا السماء ، ولا الأرض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا ، وتسبيحه ، وتهليله ، وتقديسه ؟ ! لان أول ما خلق الله عز وجل خلق أرواحنا ، فأنطقنا بتوحيده وتحميده .

ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا ، فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون ، وأنه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا .

فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا ، لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله ، وأنا عبيد ، ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلا الله .

فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا ، لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به . فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العز والقوة قلنا : لا حول ولا قوة إلا بالله ، لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله .

فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا ، وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله ، لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته ، فقالت الملائكة : الحمد لله ، فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده .

ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبة ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية ، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون ؟ ! وإنه لما عرج بي إلي السماء أذن جبرئيل مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثم قال : تقدم يا محمد ، فقلت له : يا جبرئيل أتقدم عليك ؟ فقال : نعم لان الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين ، وفضلك خاصة ، فتقدمت فصليت بهم ولا فخر .

فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرائيل : تقدم يا محمد وتخلف عني ، فقلت : يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني ؟ فقال : يا محمد إن انتهاء حدي الذي وضعني الله عز وجل فيه إلى هذا المكان ، وإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدي حدود ربي جل جلاله فزج بي في النور زجة حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علو ملكه ، فنوديت فقلت : لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت ، فنوديت : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك ، فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل ، فإنك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجتي على بريتي ، لك ولمن تبعك خلقت جنتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي .

فقلت : يا رب ومن أوصيائي ؟ فنوديت : يا محمد أوصيائك المكتوبون على ساق عرشي ، فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش ، فرأيت اثني عشر نورا ، في كل نور سطر أخضر ، عليه اسم وصي من أوصيائي ، أولهم علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم مهدي أمتي .

فقلت : يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي ؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك ، وخير خلقي بعدك .

وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ، ولأعلين بهم كلمتي ، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأمكنه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرن له الرياح ، ولأذللن له السحاب الصعاب ، ولأرقينه في الأسباب ، ولأنصرنه بجندي ، ولأمدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي ، ويجمع الخلق على توحيدي ، ثم لأديمن ملكه ، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة .

2 - محمد بن خالد الطيالسي ، ومحمد بن عيسى بن عبيد ، بإسنادهما عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر : كان الله ولا شئ غيره ، ولا معلوم ولا مجهول ، فأول ما ابتدأ من خلق خلقه أن خلق محمدا ، وخلقنا أهل البيت معه من نور عظمته ، فأوقفنا أظلة خضراء بين يديه ، لا سماء ، ولا أرض ، ولا مكان ، ولا ليل ، ولا نهار ، ولا شمس ، ولا قمر ، يفصل نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس ، نسبح الله تعالى ونقدسه ، ونحمده ونعبده حق عبادته ، ثم بدا لله تعالى أن يخلق المكان فخلقه ، وكتب على المكان : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين وصيه ، به أيدته ، وبه نصرته .

ثم خلق الله العرش ، فكتب على سرادقات العرش مثل ذلك .

ثم خلق السماوات ، فكتب على أطرافها مثل ذلك ، ثم خلق الجنة والنار ، فكتب عليهما مثل ذلك ، ثم خلق الله الملائكة وأسكنهم السماء ، ثم تراءى لهم الله تعالى ، وأخذ منهم الميثاق له بربوبيته ، ولمحمد بالنبوة ، ولعلي بالولاية ، فاضطربت فرائص الملائكة ، فسخط الله تعالى على الملائكة ، واحتجب عنهم ، فلاذوا بالعرش سبع سنين ، يستجيرون الله من سخطه ، ويقرون بما أخذ عليهم ، ويسألونه الرضا فرضي عنهم بعد ما أقروا بذلك ، فأسكنهم بذلك الاقرار السماء ، واختصهم لنفسه ، واختارهم لعبادته .

ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبح فسبحنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا ، ولولا تسبيح أنوارنا ما دروا كيف يسبحون الله ، ولا كيف يقدسونه . ثم إن الله خلق الهواء فكتب عليه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين وصيه ، به أيدته ، وبه نصرته .

ثم الله تعالى خلق الجن ، فأسكنهم الهواء ، وأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ، ولمحمد بالنبوة ، ولعلي بالولاية ، فأقر منهم بذلك من أقر ، وجحد منهم من جحد ، فأول من جحد إبليس لعنه الله ، فختم له بالشقاوة وما صار إليه .

ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبح فسبحت ، فسبحوا بتسبيحنا ، ولولا ذلك ما دروا كيف يسبحون الله . ثم خلق الله الأرض فكتب على أطرافها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي أمير المؤمنين وصيه ، به أيدته ، وبه نصرته ، فبذلك يا جابر قامت السماوات بلا عمد ، وثبتت الأرض .

ثم خلق الله تعالى آدم من أديم الأرض ، ونفخ فيه من روحه ، ثم أخرج ذريته من صلبه ، فأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية ، ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ، ولعلي بالولاية ، أقر منهم من أقر ، وجحد منهم من جحد ، فكنا أول من أقر بذلك . ثم قال لمحمد : وعزتي وجلالي وعلو شأني لولاك ولولا علي وعترتكما الهادون والمهديون الراشدون ما خلقت الجنة ، ولا النار ، ولا المكان ، ولا الأرض ، ولا السماء ، ولا الملائكة ، ولا خلقا يعبدني . يا محمد أنت حبيبي وخليلي وصفيي وخيرتي من خلقي ، أحب الخلق إلي ، وأول من ابتدأت من خلقي .

ثم من بعدك الصديق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وصيك به أيدتك ونصرتك ، وجعلته العروة الوثقى ، ونور أوليائي ، ومنار الهدى ، ثم هؤلاء الهداة المهتدون ، من أجلكم ابتدأت خلق ما خلقت ، فأنتم خيار خلقي وأحبائي وكلماتي وأسمائي الحسنى ، وأسبابي ، وآياتي الكبرى ، وحجتي فيما بيني وبين خلقي ، خلقتكم من نور عظمتي ، واحتجبت بكم عن من سواكم من خلقي ، أستقبل بكم وأسأل بكم ، فكل شئ هالك إلا وجهي ، وأنتم وجهي ، لا تبيدون ، ولا تهلكون ، ولا يهلك ، ولا يبيد من تولاكم ، ومن استقبلني بغيركم فقد ضل وهوى ، وأنتم خيار خلقي ، وحملة سري ، وخزان علمي ، وسادة أهل السماوات وأهل الأرض .

ثم إن الله تعالى هبط إلى الأرض في ظلل من الغمام والملائكة وأهبط أنوارنا أهل البيت معه ، فأوقفنا صفوفا بين يديه ، نسبحه في أرضه ، كما سبحناه في سمائه ، ونقدسه في أرضه ، كما قدسناه في سمائه ، ونعبده في أرضه ، كما عبدناه في سمائه .

فلما أراد الله إخراج ذرية آدم لاخذ الميثاق ، سلك النور فيه ، ثم أخرج ذريته من صلبه يلبون ، فسبحنا فسبحوا بتسبيحنا ، ولولا ذلك لما دروا كيف يسبحون الله عز وجل ، ثم تراءى لهم لاخذ الميثاق منهم بالربوبية ، فكنا أول من قال : بلى عند قوله : الست بربكم ؟ ثم أخذ الميثاق منهم بالنبوة لمحمد ، ولعلي بالولاية ، فأقر من أقر ، وجحد من جحد .

ثم قال أبو جعفر : فنحن أول خلق ابتدء الله ، وأول خلق عبد الله ، وسبحه ، ونحن سبب خلق الخلق ، وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميين ، فبنا عرف الله ، وبنا وحد الله ، وبنا عبد الله . وبنا أكرم الله من أكرم من جميع خلقه ، وبنا أثاب الله من أثاب ، وعاقب من عاقب ، ثم تلا قوله تعالى : ( وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ) وقوله تعالى : ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) .

فرسول الله أول من عبد الله ، وأول من أنكر أن يكون له ولد أو شريك ، ثم نحن بعد رسول الله .

ثم أودعنا بعد ذلك صلب آدم فما زال ذلك النور ينتقل من الأصلاب والأرحام ، من صلب إلى صلب ، ولا استقر في صلب إلا تبين عن الذي انتقل منه انتقاله ، وشرف الذي استقر فيه ، حتى صار في عبد المطلب ، فوقع بأم عبد الله فاطمة ، فافترق النور جزئين : جزء في عبد الله ، وجزء في أبي طالب ، فذلك قوله تعالى : ( وتقلبك في الساجدين ) يعني في أصلاب النبيين وأرحام نسائهم ، فعلى هذا أجرانا الله تعالى في الأصلاب والأرحام ، حتى أخرجنا في أوان عصرنا وزماننا ، فمن زعم أنا لسنا ممن جرى في الأصلاب والأرحام ، وولدنا الآباء والأمهات فقد كذب .

3 - محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد ، عن أبي الفضل عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن سنان ، قال : كنت عند أبي جعفر الثاني فأجريت اختلاف الشيعة ، فقال : يا محمد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الأشياء ، فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها ، وفوض أمورها إليهم فهم يحلون ما يشاؤون ، ويحرمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى .

ثم قال : يا محمد هذه الديانة التي من تقدمها مرق ، ومن تخلف عنها محق ، ومن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمد .

4 - وعنه ، عن الحسين ، عن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن جابر بن يزيد ، قال : قال لي أبو جعفر : يا جابر إن الله تبارك وتعالى أول ما خلق ، خلق محمدا وعترته الهداة المهتدين ، فكانوا أشباح نور بين يدي الله .

قلت : وما الأشباح ؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح ، وكان مؤيدا بروح واحدة ، وهي روح القدس فيه كان يعبد الله ، وعترته ، ولذلك خلقهم حلماء علماء ، بررة أصفياء ، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ، ويصلون الصلوات ، ويحجون ، ويصومون .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>