ما جرى بين سعيد بن جبير رحمه الله والحجاج

6 - روضة الواعظين : قال أبو عبد الله : إن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين فكان علي يثني عليه ، وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الامر ، وكان مستقيما ، وذكر أنه لما دخل على الحجاج بن يوسف قال : أنت شقي بن كسير ؟ قال : أمي كانت أعرف بي ، سمتني سعيد بن جبير ، قال : ما تقول في أبي بكر وعمر ، هما في الجنة أو في النار ؟ قال : لو دخلت الجنة فنظرت إلى أهلها لعلمت من فيها ، ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها ، قال : فما قولك في الخلفاء ؟ قال : لست عليهم بوكيل ، قال : أيهم أحب إليك ؟ قال : أرضاهم لخالقي قال : فأيهم أرضى للخالق ؟ قال : علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم قال : أبيت أن تصدقني قال : بل لم أحب أن أكذبك .

- الاختصاص : جعفر بن الحسين ، عن أحمد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله مثله .

- الكافي : حميد بن زياد ، عن عبيد الله الدهقان ، عن علي بن الحسن الطاطري عن محمد بن زياد بياع السابري ، عن أبان ، عن فضيل وعبيد ، عن أبي عبد الله قال : لما حضر محمد بن أسامة الموت دخلت عليه بنو هاشم فقال لهم : قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم وعلي دين فأحب أن تضمنوه عني فقال علي بن الحسين : أما والله ثلث دينك علي ثم سكت وسكتوا ، فقال علي بن الحسين : علي دينك كله ثم قال علي بن الحسين : أما إنه لم يمنعني أن أضمنه أولا إلا كراهة أن تقولوا : سبقنا .

- الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد بن معاوية قال : سمعت أبا جعفر يقول : إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج ، فبعث إلى رجل من قريش فأتاه ، فقال له يزيد : أتقر لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت استرققتك ؟ فقال له الرجل ، والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسبا ، ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني ، فكيف أقر لك بما سألت ! ؟ فقال له يزيد : إن لم تقر لي والله قتلتك ، فقال له الرجل : ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي ابن رسول الله ، فأمر به فقتل ، ثم أرسل إلى علي بن الحسين فقال له مثل مقالته للقرشي ، فقال له علي بن الحسين : أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس ؟ فقال له يزيد لعنه الله : بلى ، فقال له علي بن الحسين : قد أقررت لك بما سألت ، أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك ، وإن شئت فبع ، فقال له يزيد لعنه الله : أولى لك حقنت دمك ، ولم ينقصك ذلك من شرفك .

بيان : قال الجوهري : قولهم أولى لك : تهدد ووعيد ، وقال الأصمعي : معناه قاربه ما يهلكه أي نزل به ، انتهى ، أقول : هذا المعنى لا يناسب المقام وإن احتمل أن يكون الملعون بعد في مقام التهديد ، ولم يرض بذلك عنه صلوات الله عليه ، ويمكن أن يكون المراد أن هذا أولى لك وأحرى مما صنعه القرشي .

ثم اعلم أن في هذا الخبر إشكالا وهو أن المعروف في السير أن هذا الملعون لم يأت المدينة بعد الخلافة ، بل لم يخرج من الشام حتى مات ودخل النار ، فنقول : مع عدم الاعتماد على السير لا سيما مع معارضة الخبر ، يمكن أن يكن اشتبه على بعض الرواة ، وكان في الخبر أنه جرى ذلك بينه عليه السلام وبين من أرسله الملعون لاخذ البيعة وهو مسلم بن عقبة كما مر .

قال ابن الأثير في الكامل : لما سير يزيد مسلم بن عقبة قال : فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا بما فيها من مال أو دابة أو سلاح فهو للجند ، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس وانظر علي بن الحسين فاكفف عنه واستوص به خيرا فإنه لم يدخل مع الناس ، وقد أتاني كتابه وقد كان مروان بن الحكم كلم ابن عمر لما أخرج أهل المدينة عامل يزيد وبني أمية في أن يغيب أهله عنده ، فلم يفعل فكلم علي بن الحسين وقال : إن لي رحما وحرمي تكون مع حرمك فقال : افعل فبعث بامرأته وهي عائشة ابنة عثمان بن عفان وحرمه إلى علي بن الحسين ، فخرج علي بحرمه وحرم مروان إلى ينبع ، وقيل : بل أرسل حرم مروان وأرسل معهم ابنه عبد الله إلى الطائف .

ولما ظفر مسلم بن عقبة على المدينة واستباحهم دعا الناس إلى البيعة ليزيد على أنهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء ، فمن امتنع من ذلك قتله ، فقتل لذلك جماعة ، ثم أتى مروان بعلي بن الحسين فجاء يمشي بين مروان وابنه عبد الملك حتى جلس بينهما عنده ، فدعا مروان بشراب ليتحرم بذلك فشرب منه يسيرا ثم ناوله علي بن الحسين فلما وقع في يده قال مسلم : لا تشرب من شرابنا ، فأرعد كفه ولم يأمنه على نفسه وأمسك القدح ، فقال : جئت تمشي بين هؤلاء لتأمن عندي ؟ والله لو كان إليهما لقتلتك ، ولكن أمير المؤمنين أوصاني بك وأخبرني أنك كاتبته ، فإن شئت فاشرب ، فشرب ثم أجلسه معه على السرير ، ثم قال : لعل أهلك فزعوا ؟ قال : إي والله ، فأمر بدابته فأسرجت له ، ثم حمله عليها فرده ، ولم يلزمه البيعة ليزيد على ما شرط على أهل المدينة .

- الحسين بن سعيد أو النوادر : النضر ، عن حسن بن موسى ، عن زرارة ، عن أحدهما عليه السلام قال : إن علي بن الحسين تزوج أم ولد عمه الحسن ، وزوج أمه مولاه فلما بلغ ذلك عبد الملك بن مروان كتب إليه : يا علي بن الحسين كأنك لا تعرف موضعك من قومك ، وقدرك عند الناس ، تزوجت مولاة وزوجت مولاك بأمك فكتب إليه علي بن الحسين : فهمت كتابك ، ولنا أسوة برسول الله فقد زوج زينب بنت عمه زيدا مولاه وتزوج مولاته صفية بنت حيي بن أخطب .

- أمالي الطوسي : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن المفضل بن محمد بن حارث ، عن أبيه عن عبد الجبار بن سعيد ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان قال : سمع عامر بن عبد الله ابن الزبير وكان من عقلاء قريش ابنا له ينتقص علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له : يا بني لا تنتقص عليا فإن الدين لم يبن شيئا فاستطاعت الدنيا أن تهدمه وإن الدنيا لم تبن شيئا إلا هدمه الدين ، يا بني إن بني أمية لهجوا بسب علي بن أبي طالب في مجالسهم ولعنوه على منابرهم ، فكأنما يأخذون والله بضبعيه إلى السماء مدا ، وإنهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم فكأنما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف ، فأنهاك عن سبه .

- أمالي الصدوق : العطار ، عن أبيه ، عن الأشعري ، عن ابن يزيد ، عن عبد الله بن محمد المزخرف ، عن علي بن عقبة ، عن ابن بكير قال : أخذ الحجاج موليين لعلي فقال لأحدهما : أبرأ من علي فقال : ما جزاي إن لم أبرأ منه ؟ فقال : قتلني الله إن لم أقتلك ، فاختر لنفسك : قطع يديك أو رجليك ؟ قال : فقال له الرجل : هو القصاص فاختر لنفسك قال : تالله إني لأرى لك لسانا وما أظنك تدري من خلقك أين ربك ؟ قال : هو بالمرصاد لكل ظالم ، فأمر بقطع يديه ورجليه وصلبه ، قال : ثم قدم صاحبه الآخر فقال : ما تقول ؟ فقال : أنا على رأي صاحبي قال : فأمر أن يضرب عنقه ويصلب .

أقول : قد مر بعض أخبار الباب في أبواب أحوال أصحاب أمير المؤمنين .

- الخرائج : روي أن علي بن الحسين حج في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك وهو خليفة فاستجهر الناس منه ، وتشوفوا وقالوا لهشام : من هو ؟ قال هشام : لا أعرفه لئلا يرغب الناس فيه ، فقال الفرزدق وكان حاضرا أنا أعرفه : هذا الذي تعرف البطحاء وطأته - إلى آخر القصيدة فبعثه هشام وحبسه ومحا اسمه من الديوان ، فبعث إليه علي بن الحسين بدنانير فردها ، وقال : ما قلت ذلك إلا ديانة ، فبعث بها إليه أيضا ، وقال : قد شكر الله لك ذلك ، فلما طال الحبس عليه - وكان يوعده بالقتل - شكا إلى علي بن الحسين ، فدعا له فخلصه الله ، فجاء إليه وقال يا ابن رسول الله : إنه محا اسمي من الديوان فقال : كم كان عطاؤك ؟ قال : كذا ، فأعطاه لأربعين سنة وقال : لو علمت أنك تحتاج إلى أكثر من هذا لأعطيتك فمات الفرزدق بعد أن مضى أربعون سنة .

بيان : قال الفيروزآبادي : جهر الرجل نظر إليه وعظم في عينه وراعه جماله وهيئته كاجتهره وجهر وجهير بين الجهورة والجهارة ذو منظر حسن والجهر بالضم هيئة الرجل وحسن منظره ، وقال : تشوف إلى الخبر تطلع ، ومن السطح تطاول ونظر وأشرف .

- الفصول المهمة : شاعره الفرزدق وكثير عزة ، بوابه أبو جبلة معاصره مروان ، وعبد الملك ، والوليد ابنه .

- الكافي : علي ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن ابن بزيع جميعا ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما بالمدينة ، فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا : ممن القوم ؟ فقلنا : من أهل العراق فقال : وأي العراق ؟ فقلنا : كوفيون فقال : مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار ، ثم قال : ما يمنعكم من الأزر فان رسول الله قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام قال : ثم بعث إلى أبي كرباسة فشقها بأربعة ثم أعطى كل واحد منا واحدا فدخلنا فيها ، فلما كنا في البيت الحار صمد لجدي ، فقال : يا كهل ما يمنعك من الخضاب ؟ فقال له جدي : أدركت من هو خير مني ومنك لا يختضب قال : فغضب لذلك حتى عرفنا غضبه في الحمام ، قال : ومن ذاك الذي هو خير مني ؟ ! فقال : أدركت علي بن أبي طالب وهو لا يختضب قال : فنكس رأسه وتصاب عرقا فقال : صدقت وبررت ثم قال : يا كهل إن تختضب فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد خضب وهو خير من علي ، وإن تترك فلك بعلي سنة ، قال : فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين ، ومعه ابنه محمد بن علي .

- الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر عن جابر قال : قال علي بن الحسين : ما ندري كيف نصنع بالناس ؟ إن حدثناهم بما سمعنا من رسول الله ضحكوا : وإن سكتنا لم يسعنا قال : فقال ضمرة ابن معبد : حدثنا ! فقال : هل تدرون ما يقول عدو الله إذا حمل على سريره ؟ قال : فقلنا : لا ، فقال : إنه يقول لحملته : ألا تسمعون أني أشكو إليكم عدو الله خدعني وأوردني ثم لم يصدرني ، وأشكو إليكم إخوانا وآخيتهم فخذلوني ، وأشكو إليكم أولادا حاميت عنهم فخذلوني ، وأشكو إليكم دارا أنفقت فيها حريبتي فصار سكانها غيري ، فارفقوا بي ولا تستعجلوا ! قال : فقال ضمرة : يا أبا الحسن إن كان هذا يتكلم بهذا الكلام يوشك أن يثب على أعناق الذين يحملونه ، قال : فقال علي ابن الحسين : اللهم إن كان ضمرة هزأ من حديث رسولك فخذه أخذ أسف قال : فمكث أربعين يوما ثم مات فحضره مولى له قال : فلما دفن أتى علي بن الحسين فجلس إليه ، فقال له : من أين جئت يا فلان ؟ قال : من جنازة ضمرة فوضعت وجهي عليه حين سوي عليه فسمعت صوته والله أعرفه كما كنت أعرفه وهو حي يقول : ويلك يا ضمرة بن معبد اليوم خذلك كل خليل ، وصار مصيرك إلى الجحيم ، فيها مسكنك ومبيتك والمقيل ، قال : فقال علي بن الحسين : أسأل الله العافية هذا جزاء من يهزأ من حديث رسول الله . أقول : قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : كان سعيد ابن المسيب منحرفا عن أمير المؤمنين ، وجبهه محمد بن علي في وجهه بكلام شديد روى عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبي داود الهمداني قال : شهدت سعيد بن المسيب وأقبل عمر بن علي بن أبي طالب ، فقال له سعيد : يا ابن أخي ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله كما تفعل إخوتك وبنو عمك فقال عمر : يا ابن المسيب أكلما دخلت المسجد أجئ فأشهدك ؟ فقال : سعيد : ما أحب أن تغضب سمعت أباك يقول : إن لي من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الأرض من شئ فقال عمر : وأنا سمعت أبي يقول : ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا حتى يتكلم بها ، فقال سعيد : يا ابن أخي جعلتني منافقا ؟ فقال : هو ما أقول ثم انصرف .

وكان الزهري من المنحرفين عنه ، وروى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا فنالا منه فبلغ ذلك علي بن الحسين فجاء حتى وقف عليهما ، فقال : أما أنت يا عروة فان أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك ، وأما أنت يا زهري فلو كنت بمكة لأريتك كرامتك . أقول : ثم ذكر أحوال كثير من أهل زمانه ثم قال : روى أبو عمر النهدي قال : سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول : ما بمكة والمدينة عشرون رجلا يحبنا .

- الاختصاص : أصحاب علي بن الحسين : أبو خالد الكابلي - كنكر - ويقال : اسمه وردان ، يحيى بن أم الطويل سعيد بن المسيب المخزومي ، حكيم ابن جبير .

- العدد : قال رجل لسعيد بن المسيب : ما رأيت رجلا أورع من فلان قال : فهل رأيت علي بن الحسين ؟ قال : لا ، قال : ما رأيت رجلا أورع منه .

- الاختصاص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن علي بن سليمان ، وحدثنا أحمد ابن محمد بن يحيى ، عن سعد ، عن محمد بن علي بن سليمان ، عن علي بن أسباط ، عن أبيه ، عن أبي الحسن موسى قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري علي بن الحسين ؟ فيقوم جبير بن مطعم ، ويحيى بن أم الطويل ، وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب .

أقول : تمامه في كتاب الفتن في باب أحوال أصحاب أمير المؤمنين .

- الاختصاص : جعفر بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن جميل ، عن أبي عبد الله قال : ارتد الناس بعد الحسين إلا ثلاثة : أبو خالد الكابلي ، يحيى بن أم الطويل ، وجبير بن مطعم ثم إن الناس لحقوا وكثروا ، وكان يحيى بن أم الطويل يدخل مسجد رسول الله ، ويقول : كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>