يوم دحو الأرض

قال الله تعالى : ( أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاها رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) النازعات 27 ـ 30 .

ومعنى دحاها : أي بسطها ، ومدّها ، وأوسعها ، وجعلها صالحة للسكن .

قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( لمّا أراد الله أن يخلق الأرض ، أمر الرياح فضربن متن الماء حتى صار موجاً ، ثم زبداً واحداً ، فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلاً من زبد ، ثم دحا الأرض من تحته ، وهو قول الله تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً ) ، فأوّل بقعة خلقت من الأرض الكعبة ) تفسير الميزان 3 / 356 .

ثم أن يوم دحو الأرض من تحت الكعبة ، كان في يوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة ، كما ورد ذلك في رواياتنا عن أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، كما وردت فيه أعمال عباديّة ، يستحق العامل بها الثواب الجزيل ، إذاً هو يوم فيه أجر وفضل .

أعمال يوم دحو الأرض وفضله :

1ـ الصوم :

وردت عدّة روايات تؤكّد على صيام هذا اليوم العظيم ، منها :

أـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( وانزل الله الرحمة لخمسة ليالٍ بقين من ذي القعدة ، فمن صام ذلك اليوم ، كان له كصوم سبعين سنة ) .

ب ـ قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( إن أول رحمة نزلت من السماء إلى الأرض في خمس وعشرين من ذي القعدة ، فمن صام ذلك اليوم ، وقام تلك الليلة ، فله عبادة مائة سنة ، صام نهارها ، وقام ليلها ، وأيما جماعة اجتمعت ذلك اليوم في ذكر ربهم عزّ وجل ، لم يتفرقوا حتى يعطوا سؤلهم ، وينزل في ذلك اليوم ألف ألف رحمة ، يضع فيها تسعة وتسعين في حلق الذاكرين ، والصائمين في ذلك اليوم ، والقائمين في تلك الليلة ) إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس 2 / 26 .

ج ـ خرج علينا أبو الحسن ـ يعني الإمام الرضا ( عليه السلام ) ـ بمرو ، في يوم خمس وعشرين من ذي القعدة ، فقال : ( صوموا فإني أصبحت صائماً ) .

قلنا : جعلنا فداك أي يوم هو ؟

قال : يوم نشرت فيه الرحمة ، ودحيت فيه الأرض ، ونصبت فيه الكعبة ، وهبط فيه آدم ( عليه السلام ) الكافي 4 / 149 .

2ـ الدعاء :

يستحب أن يدعى في هذا اليوم بهذا الدعاء :

( اَللّـهُمَّ داحِيَ الْكَعْبَةِ ، وَفالِقَ الْحَبَّةِ ، وَصارِفَ اللَّزْبَةِ ، وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَة ، اَسْاَلُكَ في هذَا الْيَوْمِ مِنْ اَيّامِكَ الَّتي اَعْظَمْتَ حَقَّها ، وَاَقْدَمْتَ سَبْقَها ، وَجَعَلْتَها عِنْدَ الْمُؤْمِنينَ وَديعَةً ، وَاِلَيْكَ ذَريعَةً ، وَبِرَحْمَتِكَ الْوَسيعَةِ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ الْمُنْتَجَبِ فِى الْميثاقِ الْقَريبِ يَوْمَ التَّلاقِ ، فاتِقِ كُلِّ رَتْق ، وَداع إِلى كُلِّ حَقِّ ، وَعَلى اَهْلِ بَيْتِهِ الاَْطْهارِ الْهُداةِ الْمَنارِ دَعائِمِ الْجَبّارِ ، وَوُلاةِ الْجَنَّةِ وَالنّارِ ، وَاَعْطِنا في يَوْمِنا هذا مِنْ عَطائِكَ الَْمخْزوُنِ غَيْرَ مَقْطوُع وَلا مَمْنوُع ، تَجْمَعُ لَنا بِهِ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاَْوْبَةِ ، يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ ، وَاَكْرَمُ مَرْجُوٍّ .

يا كَفِيُّ يا وَفِيُّ يا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيٌّ اُلْطُفْ لي بِلُطْفِكَ ، وَاَسْعِدْني بِعَفْوِكَ ، وَاَيِّدْني بِنَصْرِكَ ، وَلا تُنْسِني كَريمَ ذِكْرِكَ بِوُلاةِ اَمْرِكَ ، وَحَفَظَةِ سِرِّكَ ، وَاحْفَظْني مِنْ شَوائِبِ الدَّهْرِ إِلى يَوْمِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ، وَاَشْهِدْني اَوْلِياءِكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسي ، وَحُلُولِ رَمْسي ، وَانْقِطاعِ عَمَلي ، وَانْقِضاءِ اَجَلي .

اَللّـهُمَّ وَاذْكُرْني عَلى طُولِ الْبِلى إِذا حَلَلْتُ بَيْنَ اَطْباقِ الثَّرى ، وَنَسِيَنِى النّاسُونَ مِنَ الْوَرى ، وَاحْلِلْني دارَ الْمُقامَةِ ، وَبَوِّئْني مَنْزِلَ الْكَرامَةِ ، وَاجْعَلْني مِنْ مُرافِقي اَوْلِيائِكَ وَاَهْلِ اجْتِبائِكَ وَاصْطَفائِكَ ، وَباركْ لي في لِقائِكَ ، وَارْزُقْني حُسْنَ الْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الاَْجَلِ ، بَريئاً مِنَ الزَّلَلِ وَسوُءِ الْخَطَلِ ، اَللّـهُمَّ وَاَوْرِدْني حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَاسْقِني مِنْهُ مَشْرَباً رَوِيّاً سائِغاً هَنيئاً لا اَظْمَأُ بَعْدَهُ وَلا اُحَلاَُّ وِرْدَهُ وَلا عَنْهُ اُذادُ ، وَاجْعَلْهُ لي خَيْرَ زاد ، وَاَوْفى ميعاد يَوْمَ يَقُومُ الاَْشْهادُ .

اَللّـهُمَّ وَالْعَنْ جَبابِرَةَ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرينَ ، وَبِحُقُوقِ اَوْلِيائِكَ الْمُسْتَأثِرِينَ اَللّـهُمَّ وَاقْصِمْ دَعائِمَهُمْ وَاَهْلِكْ اَشْياعَهُمْ وَعامِلَهُمْ ، وَعَجِّلْ مَهالِكَهُمْ ، وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ ، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسالِكَهُمْ ، وَالْعَنْ مُساهِمَهُمْ وَمُشارِكَهُمْ .

اَللّـهُمَّ وَعَجِّلْ فَرَجَ اَوْلِيائِكَ ، وَارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظالِمَهُمْ ، وَاَظْهِرْ بِالْحَقِّ قائِمَهُمْ ، وَاجْعَلْهُ لِدينِكَ مُنْتَصِراً ، وَبِاَمْرِكَ في اَعْدائِكَ مُؤْتَمِراً اَللّـهُمَّ احْفُفْهُ بِمَلائِكَةِ النَّصْرِ وَبِما اَلْقَيْتَ اِلَيْهِ مِنَ الاَْمْرِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، مُنْتَقِماً لَكَ حَتّى تَرْضى وَيَعوُدَ دينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ جَديداً غَضّاً ، وَيَمْحَضَ الْحَقَّ مَحْضاً ، وَيَرْفُضَ الْباطِلَ رَفْضاً .

اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى جَميعِ آبائِهِ ، وَاجْعَلْنا مِنْ صَحْبِهِ وَاُسْرَتِهِ ، وَابْعَثْنا في كَرَّتِهِ حَتّى نَكُونَ في زَمانِهِ مِنْ اَعْوانِهِ .

اَللّـهُمَّ اَدْرِكْ بِنا قِيامَهُ ، وَاَشْهِدْنا اَيّامَهُ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَارْدُدْ اِلَيْنا سَلامَهُ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ) مصباح المتهجد : 669 .

3ـ الصلاة :

ركعتان تصلّى عند الضحى ، بالحمد مرّة ، والشمس خمس مرّات ، وتقول بعد التسليم : ( لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللهِ الْعَلىِّ الْعَظيمِ ) ، ثمّ تدعو وتقول : ( يا مُقيلَ العَثَراتِ اَقِلْني عَثْرَتي ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ اَجِبْ دَعْوَتي ، يا سامِعَ الاَْصْواتِ اِسْمَعْ صَوْتي ، وَارْحَمْني وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتي ، وَما عِنْدي يا ذَا الْجَلالِ وَالاكْرامِ ) .

4ـ الغسل والعبادة وذكر الله تعالى .

نسألكم الدعاء

العودة