زواج الإمام علي من فاطمة (عليهما السلام)

روى السيد الأمين في المجالس السَنيَّة ما مُلخَّصُه : جاء الإمام علي ( عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو في منزل أم سلمة ، فَسَلَّم عليه وجلس بين يديه .

فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( أتَيْتَ لِحاجَة ؟ ) .

فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( نَعَمْ ، أتَيتُ خاطباً ابنتك فاطِمَة ، فهلْ أنتَ مُزوِّجُني ) .

قالت أم سلمة : فرأيت وجه النبي ( صلى الله عليه وآله ) يَتَهلَّلُ فرحاً وسروراً ، ثم ابتسم في وجه الإمام علي ( عليه السلام ) ، ودخل على فاطمة ( عليها السلام ) ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) لها : ( إنَّ عَليّاً قد ذكر عن أمرك شيئاً ، وإني سألتُ رَبِّي أن يزوِّجكِ خَير خَلقه ، فما تَرَيْن ؟ ) .

فَسكتَتْ ، فخرَجَ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو يقول : ( اللهُ أكبَرُ ، سُكوتُها إِقرارُهَا ) .

فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أَنَس بن مالك أن يجمع الصحابة ، ليُعلِنَ عليهم نبأ تزويج فاطمة للإمام علي ( عليهما السلام ) .

فلما اجتمعوا قال ( صلى الله عليه وآله ) لهم : ( إنَّ الله تَعالى أمَرَني أن أزوِّجَ فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب ) .

 ثم أبلغ النبي ( صلى الله عليه وآله ) الإمام عليّاً بأنَّ الله أمَرَه أن يزوِّجه فاطمة على أربعمِائة مِثقال فِضَّة .

وكان ذلك في اليوم الأول من شهر ذي الحجَّة ، من السنة الثانية للهجرة .

فإن هذا الموقف النبوي المرتبط بالمشيئة الإلهية يستثير أمامنا سؤالاً مُهمّاً ، وهو : لماذا لم يُرخَّص لفاطِمَة بتزويجِ نَفسها ؟

ولماذا لم يُرخَّص للرسول ( صلى الله عليه وآله ) - وهو أبوها ونبيها -بِتزويجِها : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) الأحزاب : 6 .

إلاَّ بعد أن نزل القضاء بذلك ؟

والجواب : لا بُدَّ أنَّ هناك سِر وحِكمة إلهية ترتبط بهذا الزواج ، وتتوقف على هذه العلاقة الإنسانية .

ولعل من تلك الحكم إرادة الله تعالى في تمتد ذرية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن طريق علي وفاطمة ، ويكون منهما الإمامان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، والذرية الطاهرة ، أئمةً وهُدَاة لهذه الأمة .

ولهذا الأمر والسر الخطير كان زواج فاطمة أمراً إلهيا لم يسبق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إليه ، ولم يتصرَّف حتى نزل القضاء ، كما صرَّح هو نفسه ( صلى الله عليه وآله ) بذلك .

العودة