ولادة الإمام الجواد ( عليه السلام )

كان قد مرَّ على عمر الإمام الرضا ( عليه السلام ) - أبو الإمام الجواد ( عليه السلام ) – أكثر من أربعين سنة ، لكنه ( عليه السلام ) لم يُرزق بولد .

فكان هذا الأمر مُدعاة لقلق الشيعة ، لأنها تعتقد بأن الإمام التاسع سيكون ابن الإمام الثامن .

ولهذا كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أن يَمُنَّ الله عزَّ وجلَّ على الإمام الرضا ( عليه السلام ) بولد ، حتى أنَّهم في بعض الأحيان كانوا يذهبون إلى الإمام ( عليه السلام ) ويطلبون منه أن يدعو الله سبحانه بأن يرزقه ولداً ، وهو ( عليه السلام ) يُسلِّيهم ، ويقول لهم :

( إنَّ اللهَ سوف يَرزُقني ولداً يكون الوارث والإمام من بعدي ) .

جاء في ( مناقب آل أبي طالب ) لابن شهر آشوب :

تروي السيدة حكيمة بنت أبي الحسن موسى بن جعفر كيفية المولد العظيم ، وما لازَمَتْه من الكرامات ، فتقول :

لما حضرت ولادة أم أبي جعفر ( عليه السلام ) دعاني الإمام الرضا ( عليه السلام ) فقال : ( يا حَكيمة ، اِحضَري ولادتَها ) .

وأدْخَلَني ( عليه السلام ) وإيّاها والقابلة بيتاً ، ووضعَ لنا مصباحاً ، وأغلق الباب علينا .

فلما أخذها الطلق طَفئَ المصباحُ ، وكان بين يديها طست ، فاغتممتُ لانطفاءِ المصباحِ ، فبينما نحن كذلك إذْ بَدْر أبو جعفر ( عليه السلام ) في الطست ، وإذا عليه شيءٌ رقيق كهيئة الثوب ، يسطع نوره حتى أضاء البيت فأبصرناه .

فأخذتُه فوضعتُه في حِجري ، ونزعتُ عنه ذلك الغشاء ، فجاء الإمام الرضا ( عليه السلام ) وفتح الباب ، وقد فرغنا من أمره ، فأخذه ( عليه السلام ) ووضعه في المهد وقال لي : ( يَا حَكيمة ، الزمي مَهدَه ) .

فلما كان في اليوم الثالث رفع ( عليه السلام ) بصره إلى السماء ، ثم نظر يمينه ويساره ، ثم قال ( عليه السلام ) :

( أشهدُ أنْ لا إِلَه إلاَّ الله ، وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً رسولُ الله ) .

فقمتُ ذعرة فزِعةً ، فأتيتُ أبا الحسن ( عليه السلام ) فقلت : سَمِعْتُ مِنْ هذا الصبي عَجَباً .

فقال ( عليه السلام ) : ( ومَا ذَاكَ ) ؟

فأخبرتُهُ الخبر .

فقال ( عليه السلام ) : ( يَا حَكيمة ، مَا تَرَوْنَ مِنْ عجائبهِ أكثر ) .

وأخيراً ولد الإمام محمد الجواد ( عليه السلام ) في العاشر من شهر رجب ، في سنة ( 195 هـ ) ، وقد سُمِّي بِـ( مُحَمَّد ) ، وكُنيتُه ( أبو جَعفَر ) .

وأشاعت ولادته ( عليه السلام ) الفرح والسرور بين أوساط الشيعة ، ورسَّخت الإيمان في قلوبهم ، وأزالَتِ الشَّكَّ الذي دخل قلوب البَعضِ مِنهُم .

العودة