ولادة علي
الأكبر بن الإمام الحسين ( عليهما السلام )
ولادته :
ولد علي الأكبر ( عليه السلام ) يوم الحادي عشر من شعبان عام
33 هـ ، وأبوه الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأمّه لَيلى
بنت أبي مُرَّة بن عروة بن مسعود الثقفي .
صفاته وسيرته :
كان ( عليه السلام ) من أصبحِ الناس وجهاً ، وأحسنِهِم خُلُقاً
، وروي أنّه كان يشبه جَدّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
في المنطق والخَلق والخُلق .
ورَوى الحديث عن جَدِّه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو
صغير السنِّ ، مِمَّا يدل على تعلّقه بالعلم والكمال منذ الصغر
.
شجاعته :
روي أنّه : لما ارتحلَ الإمام الحسين ( عليه السلام ) من قصر
بني مقاتل خفق وهو على ظهر فرسه خفقة ، ثمّ انتبه ( عليه
السلام ) وهو يقول : ( إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعُون ،
والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمين ) ، كَرَّرها مرَّتين أو
ثلاثاً .
فأقبل ابنه علي الأكبر ( عليه السلام ) فقال : ( ممَّ
حمدْتَ الله واسترجَعْتَ ؟ ) .
فقال الحسين ( عليه السلام ) :
( يا بُنَي ، إنِّي خفقتُ خفقة فعنَّ لي فارس
على فرس ، وهو يقول : القوم يسيرون ، والمنايا تسير إليهم ،
فعلمت أنّها أنفسنا نُعِيَت إلينا ) .
فقال علي الأكبر ( عليه السلام ) :
( يا أبَه ، لا أراك الله سوءً ، ألَسْنَا على
الحق ؟ ) .
فقال ( عليه السلام ) :
( بَلَى والذي إليه مَرجِع العباد ) .
فقال علي الأكبر ( عليه السلام ) : ( فإننا إذَنْ لا نُبالي
أن نموت مُحقِّين ) .
فقال له الإمام الحسين ( عليه السلام ) :
( جَزَاك اللهُ مِن وَلدٍ خَير مَا
جَزَى وَلَداً عن والِدِه ) .
وفي الرواية السابقة دلالة على جلالة قدر علي الأكبر ( عليه
السلام ) ، وحسن بصيرته ، وشجاعته ، ورَباطَةِ جأشه ، وشدّة
معرفته بالله تعالى .
وقد مدحته الشعراء ، فيقول أبو الفرج الإصفهاني : إنّ هذه
الأبيات قِيلَت في علي الأكبر ( عليه السلام ) :
لـم
تَـرَ عَيـنٌ نَظَـرتْ مِثلـه ** من محتف يَمشـي ومِن
نَاعِلِ
كـانَ إذا شــبَّت لَـهُ نــارُه ** وقَّدَهـا بالشَّــرفِ
الكَامِــلِ
كَيْـما يراهَــا بائـسٌ مرمـلٌ ** أو فـرد حـيٍّ ليـسَ
بالأهـلِ
أعني ابن اليلى ذا السدى والنَّدى ** أعني ابن بنت الحسين
الفاضل
لا
يؤثِــرُ الدنيـا علـى دِينِـه ** ولا يبيـعُ الحَـقَّ
بِالباطِــلِ
شهادته :
روي أنّه لم يبقَ مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) يوم
عاشوراء إلاَّ أهل بيته وخاصَّته .
فتقدّم علي الأكبر ( عليه السلام ) ، وكان على فرس له يدعى
الجناح ، فاستأذن أبَاه ( عليه السلام ) في القتال فأذن له ،
ثُمَّ نظر إليه نظرة آيِسٍ مِنه ، وأرخَى عينيه ، فَبَكى ثمّ
قال : ( اللَّهُمَّ كُنْ أنتَ الشَّهيد عَليهم ، فَقد بَرَز
إليهم غُلامٌ أشبهُ النَّاس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك )
.
فشَدَّ عَليٌّ الأكبر ( عليه السلام ) عليهم وهو يقول :
أنَا عَليّ بن الحسين بن علي ** نحن وبيت الله أولَـى
بِالنَّبي
تالله لا يَحكُمُ فينا ابنُ الدَّعي ** أضرِبُ بالسَّيفِ
أحامِي عَن أبي
ضَربَ غُلام هَاشِميٍّ عَلوي
ثمّ يرجع إلى أبيه فيقول : ( يا أباه العطش !! ) .
فيقول له الحسين ( عليه السلام ) :
( اِصبِرْ حَبيبي ، فإنَّك لا تُمسِي حتّى
يَسقيك رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله ) بكأسه ) .
ففعل ذلك مِراراً ، فرآه منقذ العبدي وهو يشدُّ على الناس ،
فاعترضه وطعنه فصُرِع ، واحتواه القوم فقطَّعوهُ بِسِيوفِهِم .
فجاء الحسين ( عليه السلام ) حتّى وقف عليه ،
وقال : ( قَتَلَ اللهُ قوماً قتلوك
يا بُنَي ، ما أجرأهُم على الرحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول )
.
وانهمَلَتْ عيناه بالدموع ، ثمّ قال ( عليه
السلام ) :
( عَلى الدُّنيا بَعدَك
العفا ) .
وقال لِفِتيانه : ( احملُوا أخَاكُم ) ، فحملوه من
مصرعه ذلك ، ثمّ جاء به حتّى وضعه بين يدي فسْطَاطِهِ .
وروي أنّه كان أوّل قتيل مِن وِلد أبي طالب مع الحسين ( عليه
السلام ) ابنه علي الأكبر ( عليه السلام ) .
فَسَلامٌ عليك يا شهيد ، وابن الشهيد ، ويا مظلوم ، وابن
المظلوم ، ولعن الله قاتليك وظالميك .
|