مناظرة عبدالله بن جعفر مع معاوية بن أبي سفيان

قال عبدالله بن جعفر بن أبي طالب : كنت عند معاوية ومعنا الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ وعنده عبدالله بن عباس فالتفت إليّ معاوية فقال : يا عبدالله ما أشدَّ تعظيمك للحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ ؟! وما هما بخير منك ولا أبوهما خير من أبيك ، ولولا أن فاطمة بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لقلت ما أمك أسماء بنت عميس بدونها .
فقلت : والله إنّك لقليل العلم بهما وبأبيهما وبامِّهما ، بل والله لهما خيرٌ منّي ، وأبوهما خيرٌ من أبي ، وأمهما خير من أمي .
يا معاوية ، إنك لغافلٌ عمّا سمعته أنا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول فيهما وفي أبيهما وأمّهما ، قد حفظته ووعيته ورويته .
قال : هات يا ابن جعفر فو الله ما أنت بكذّاب ولا متَّهم ؟
فقلت : إنَّه أعظم مّما في نفسك .
قال : وإن كان أعظم من أحدٍ وحِرآء جميعا ، فلست أبالي إذا قَتَل الله صاحبك ، وفرَّق جمعكم وصار الامر في أهله ، فحدِّثنا فما نبالي بما قلتم ولا يضرُّنا ما عدمتم .
قلت : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقد سُئل عن هذه الاية: ( وما جعلنا الرُّؤيا التي أريناك إلاّ فتنةً للناسِ والشجرة الملعونة في القرآن )(2) .
فقال : إنّي رأيت اثني عشر رجلاً من أئمّة الضلالة يصعدون منبري وينزلون ، يردّون أمَّتي على أدبارهم القهقرى(3) وسمعته يقول : إنَّ بني أبي العاص إذا بلغوا خمسة عشر رجلاً جعلوا كتاب الله دخلاً ، وعباد الله خولاً ، ومال الله دولاً(4) .
يا معاوية إنّي سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول على المنبر وأنا بين يديه وعمر بن أبي سلمة ، وأسامة بن زيد، وسعد بن أبي وقاص ، وسلّمان الفارسي ، وأبو ذر ، والمقداد ، والزبير بن العوام ، وهو يقول : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ فقلنا : بلى . يا رسول الله ، قال : أليس أزواجي أمَّهاتكم ؟!
قلنا : بلى يا رسول الله .
قال : مَن كنت مولاه فعليُّ مولاه ، أولى به من نفسه ، وضرب بيده على منكب عليّ فقال : اللهمَّ وال مَن والاه ، وعاد من عاداه(5) ، أيّها الناس ، أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ليس لهم معي أمر ، وعليُّ من بعدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ليس لهم معه أمر ، ثمّ ابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ليس لهم معه أمر ، ثمّ عاد فقال : أيّها الناس ، إذا أنا استشهدت فعليّ أولى بكم من أنفسكم ، فإذا استشهد عليُّ فابني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ، فإذا استشهد الحسن فابني الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ، فاذا استشهد الحسين فابني علي بن الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ليس لهم معه أمر ، ثم أقبل عليّ ـ عليه السلام ـ فقال : يا علي ، إنك ستدركه فأقرأه مني السلام ، فإذا استشهد فابني محمد أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، وستدركه أنت يا حسين فأقرأه مني السلام ، ثم يكون في عقب محمد رجال ، واحد بعد واحد ، وليس منهم أحد إلاّ وهو أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ليس لهم معه أمر ، كلّهم هادون مهتدون(6) .
( الى أن قال ) : فقال معاوية : يابن جعفر ، لقد تكلّمت بعظيم ولئن كان ما تقول حقّاً لقد هلكت أُمّة محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من المهاجرين والانصار غيركم أهل البيت وأوليأكم وأنصاركم ؟ فقلت : والله إنّ الّذي قلتُ حقٌ سمعته من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ .
قال معاوية : يا حسن ويا حسين ويا بن عباس ما يقول ابن جعفر ؟! فقال ابن عباس : إن كنت لا تُؤمن بالذي قال فأرسل إلى الّذين سماهم فاسألهم عن ذلك .
فأرسل معاوية إلى عمر بن أبي سلمة ، وإلى أسامة بن زيد فسألهما، فشهدا أنّ الذي قال ابن جعفر قد سمعناه من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كما سمعه .
فقال معاوية : يابن جعفر قد سمعناه في الحسن والحسين وفي أبيهما ، فما سمعت في أمهما ؟! ـ ومعاوية كالمستهزئ والمُنكِر ! فقلت : سمعت من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول : ليس في جنّة عدن منزل أشرف ولا أفضل ولا أقرب إلى عرش ربي من منزلي ، ومعي ثلاثة عشر من أهل بيتي أخي عليّ وابنتي فاطمه وأبناي الحسن والحسين ، وتسعة من ولد الحسين ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، هداة مهتدون ، وأنا المبلغ عن الله ، وهم المبلغون عني ، وهم حجج الله على خلقه ، وشهداؤه في أرضه ، وخزّانه على علمه ، ومعادن حكمته ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، لا تبقى الارض طرفة عين ( إلاّ ) ببقائهم ، ولا تصلح إلاّ بهم ، يخبرون الامة بأمر دينهم ، حلالهم وحرامهم ، يدلّونهم على رضا ربهم ، وينهونهم عن سخطه ، بأمر واحد ونهي واحد ، ليس فيهم اختلاف ولا فرقة ولا تنازع ، يأخذ آخرهم عن أولهم إملائي وخط أخي علي بيده ، يتوارثونه إلى يوم القيامة ، أهل الارض كلّهم في غمرة وغفلة وتيهة وحيرة غيرهم وغير شيعتهم وأوليائهم ، لا يحتاجون إلى أحد من الامة في شيء من أمر دينهم ، والامة تحتاج إليهم ، هم الذين عنى الله في كتابه وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسول الله ، فقال : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم )(7) .
فأقبل معاوية على الحسن والحسين وابن عباس والفضل بن عباس وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد ، فقال : كلّكم على ما قال ابن جعفر ؟! قالوا : نعم .
قال : يا بني عبد المطلب إنكم لتدّعون أمرا عظيما وتحتجون بحجج قوية ، إنْ كانت حقا! وإنكم لتضمرون على أمر تسرونه والناس عنه في غفلة عمياء ، ولئن كان ما يقولون حقا لقد هلكت الامة ، وارتدت عن دينها ، وتركت عهد نبينا غيركم أهل البيت ، ومن قال بقولكم، فأولئك في الناس قليل .
فقلت : يا معاوية إن الله تبارك وتعالى يقول : ( وقليل من عبادي الشكور )(8) .
ويقول : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )(9) .
ويقول : ( إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم )(10) .
ويقول لنوح ـ عليه السلام ـ : ( وما آمن معه إلاّ قليل )(11) .
يا معاوية ، المؤمنون في الناس قليل ، وإن أمر بني اسرائيل أعجب حيث قالت السحرة لفرعون : ( فاقضِ ما أَنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ، إنا آمنَّا بربنا )(12) .
فآمنوا بموسى وصدّقوه واتّبعوه، فسار بهم وبمن تبعه من بني اسرائيل ، فأقطعهم البحر وأراهم الاعاجيب ، وهم يصدقون به وبالتوراة ، يقرون له بدينه ، فمر بهم على قوم يعبدون أصناما لهم فقالوا : ( يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة )(13) .
ثم اتخذوا العجل فعكفوا عليه جميعا غير هارون وأهل بيته .
وقال لهم السامري : ( هذا إلهكم وإله موسى )(14) .
وقال لهم بعد ذلك : ( ادخلوا الارض المقدّسة التي كتب الله لكم )(15) .
فكان من جوابهم ما قص الله في كتابه : ( إِنَّ فيها قوما جبَّارين وإنّا لن ندخُلها حتى يخرجوا منها فإن يخرُجُوا منها فإنَّا داخلون )(16) قال موسى عليه السلام : (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرُق بيننا وبين القوم الفاسقين)(17) .
فاحتذت هذه الامة ذلك المثال سواء ، وقد كانت فضائل وسوابق مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، ومنازل منه قريبة ، مقرين بدين محمد والقرآن ، حتى فارقهم نبيهم ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فاختلفوا وتفرقوا وتحاسدوا وخالفوا إمامهم ووليهم ، حتى لم يبق منهم على ما عاهدوا عليه نبيهم ، غير صاحبنا الّذي هو من نبينا ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بمنزلة هارون من موسى ، ونفر قليل لقوا الله عزوجل على دينهم وإيمانهم ، ورجع الاخرون القهقرى على أدبارهم كما فعل أصحاب موسى ـ عليه السلام ـ باتخاذهم العجل وعبادتهم إيّاه ، وزعمهم أنه ربهم ، وإجماعهم عليه غير هارون وولده ونفر قليل من أهل بيته .
ونبينا ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قد نصّب لامته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خم(18) وفي غير موطن ، واحتجّ عليهم به وأمرهم بطاعته ، وأخبرهم أنّه منه بمنزلة هارون من موسى(19) ، وأنه ولي كل مؤمن بعده ، وأنه كل من كان وليه ، فعلي وليه ، ومن كان أولى به من نفسه فعلي أولى به، وأنه خليفته فيهم ووصيه ، وأن من أطاعه أطاع الله ، ومن عصاه عصى الله ، ومن والاه والى الله ، ومن عاداه عادى الله ، فأنكروه وجهلوه وتولّوا غيره !! يا معاوية أما علمت أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ حين بعث إلى مؤتة أمّر عليهم جعفر بن أبي طالب ، ثم قال إن هلك جعفر فزيد ابن حارثة ، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة ، ولم يرض لهم أن يختاروا لانفسهم .
أفكان يترك أمته لايبيّن لهم خليفته فيهم ؟! بلى والله ، ما تركهم في عمياء ولا شبهة ، بل رَكِبَ القوم ما ركبوا بعد نبيهم ، وكذّبوا على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فهلكوا وهلك من شايعهم ، وضلّوا وضلّ من تابعهم ، فبعدا للقوم الظالمين .
فقال معاوية : يابن عباس إنك لتتفوه بعظيم! والاجتماع عندنا خير من الاختلاف ، وقد علمت أن الامة لم تستقم على صاحبك .
فقال ابن عباس : إنّي سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ‍ يقول : ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها(20) ، وإن هذه الامة اجتمعت على أمور كثيرة ليس بينها اختلاف ولا منازعة ولا فرقة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والصلوات الخمس ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ، وأشياء كثيرة من طاعة الله ونهي الله ، مثل : تحريم الزنا ، والسرقة ، وقطع الارحام ، والكذب ، والخيانة ، واختلفت في شيئين :
أحدهما : اقتتلت عليه وتفرقت فيه وصارت فرقا ، يلعن بعضها بعضا ويبرأ بعضها من بعض .
والثاني : لم تقتتل عليه ولم تتفرق فيه ، ووسّع بعضهم فيه لبعض، وهو كتاب الله وسنة نبيه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وما يحدث زعمت أنه ليس في كتاب الله ولا سنة نبيه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ .
وأمّا الّذي اختلفت فيه وتفرقت وتبرأت بعضها من بعض ، فالملك والخلافة ، زعمت أنّها أحق بهما من أهل بيت نبي الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فمن أخذ بما ليس فيه ـ بين أهل القبلة ـ أختلاف وردّ علم ما اختلفوا فيه إلى الله سَلِم ونجّا من النّار ، ولم يسأله الله عما أشكل عليه من الخصلتين اللتين اختلف فيهما ، ومن وفقه الله ومَنَّ عليه ونوّر قلبه وعرّفه ولاة الامر ومعدن العلّم أين هو ، فعرف ذلك كان سعيدا وللّه وليّا ، وكان نبي الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول : رحم الله عبدا قال حقا فغنم أو سكت فلم يتكلم(21) .
فالائمة من أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومنزل الكتاب، ومهبط‍ الوحي ومختلف الملائكة ، لا تصلح إلاّ فيها ، لان الله خصها وجعلها أهلاً في كتابه على لسان نبيه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، فالعلم فيهم وهم أهله وهو عندهم كلّه بحذافيره ، باطنه وظاهره، ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه .
يا معاوية إن عمر بن الخطاب أرسلني في إمرته إلى علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ أنّي أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث الينا ما كتبت من القرآن .
فقال : تضرب والله عنقي قبل أن تصل إليه .
قلت : ولم ؟!
قال : إن الله يقول : ( لا يمسه إلا المطهرون )(22) . يعني لا يناله كلّه إلا المطهّرون ، إيّانا عنى ، نحن الّذين أذهب الله عنّا الرجس وطهرنا تطهيرا(23) ، وقال : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا )(24) .
فنحن الّذين اصطفانا الله من عباده ، ونحن صفوة الله ولنا ضَرب الامثال وعلينا نزل الوحي .
فغضب عمر وقال : ان إبن أبي طالب يحسب أنه ليس عند أحد علم غيره ، فمن كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتنا به ، فكان إذا جاء رجل بقرآن فقرأه ومعه آخر كتبه ، وإلاّ لم يكتبه .
فمن قال ـ يا معاوية ـ : إنه ضاع من القرآن شيء فقد كذب ، هو عند أهله مجموع .
ثم أمر عمر قضاته وولاته فقال : اجتهدوا رأيكم ، واتبعوا ما ترون أنه الحق ، فلم يزل هو وبعض ولاته قد وقعوا في عظيمة فكان علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ يخبرهم بما يحتج به عليهم ، وكان عمّاله وقضاته يحكمون في شيء واحد بقضايا مختلفة فيجيزها لهم ، لان الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب ، وزعم كل صنف من أهل القبلة أنهم معدن العلم والخلافة دونهم ، فبالله نستعين على من جحدهم حقهم، وسنّ للناس ما يحتج به مثلك عليهم ، ثم قاموا فخرجوا (25) .
____________
(1) هو : عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، الهاشمي يكنى أبا جعفر المدني ، أمه اسماء بنت عميس ، وأول مولود ولد في الاسلام بارض الحبشة ، كفله النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بعد استشهاد أبيه في معركة مؤتة ، فنشأ في حجره ، وكان من أصحابه ، وكان كريماً ، جواداً ، عظيم الشأن واسع العطاء ، وله اقاصيص في الكرم هي أشهر من أن تذكر ، شهد يوم صفين مع عمه أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ، وله مواقف مشهورة مع معاوية وعمر بن العاص في دفاعه عن عمه ، وواسى ابن عمه الحسين ـ عليه السلام ـ بولده عون ومحمد و عبد الله وقتلوا معه بالطف لما كان هو معذوراً في الخروج معه ، وعاش الى زمان السجاد ـ عليه السلام ـ ومات بالمدينة سنة ثمانين ، ودفن بالبقيع ، وقال المدائني كان عمره تسعين سنة .
راجع ترجمته في تنقيح المقال للمامقاني ج 2 ص 173 ، سير اعلام النبلاء ج 3 ص 456 ، الاصابة ج 2 ص 289 ، الاستيعاب ج 2 ص 880 .
(2) سورة الاسراء : الاية 60 .
(3) جاء في تفسير الرازي ج 20 ص 236 : قال سعيد بن المسيّب : رأى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فسأه ذلك ، وفي ص237 قال ابن العباس ـ رضي الله عنهما ـ : الشجرة بنو أمية ، يعني الحكم بن أبي العاص ، قال : ورأى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في المنام أن ولد مروان يتداولون منبره ... الحديث .
وجاء في الدر المنثور ج5 ص310 : عن عائشة انها قالت لمروان بن الحكم : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول لابيك وجدك : « إنكم الشجرة الملعونة في القرآن » .
وجاء في تفسير الطبري ج15 ص77 : رأى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بني فلان ينزون على منبره نزو القردة فسأه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات ، قال : وأنزل الله عزوجل في ذلك ( وما جعلّنا الرؤيا التي أريناك إلاّ فتنة للناس ).
وجاء في دلائل النبوة للبيهقي ج6 ص511 ، عن أبي هريرة ان النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قال : رأيت في النوم بني الحكم أو بني العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة .
قال : فما رؤي النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ مستجمعا ضاحكا حتى توفي .
(4) ذكره الحاكم في المستدرك ج 4 ص 480 باختلاف يسير .
وقد ذكر المؤرخون ان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعن آل أبي العاص في مواطن كثيرة راجع : مقتل الحسين ـ عليه السلام ـ للخوارزمي ج 1 ص 172 ، سير أعلام النبلاء ج 2 ص107، أسد الغابة ج2 ص34، شيخ‌المضيرة أبوهريرة ص160،الغديرللاميني ج8 ص245.
(5) هذا الحديث ( من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من والاه وعادِ من عاداه ) هو أشهر من أن يذكر ، فقد ذكرته جلّ مصادر أهل السنة فمنها على سبيل المثال :
مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 281 ، كنز العمال ج 11 ص332، ح 31662 و ص 602 ح 32904 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 231 ح 275 و ج 2 ص 5 ح 501 و 503 ، خصائص أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ للنسائي الشافعي ص 96 ح 90 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 56 وص 59 ، اسد الغابة لابن الاثير الشافعي ج 1 ص 367 وج 2 ص 233 وج 3 ص 92 ، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 ص 249 ـ‍ 258 ح 244 ـ 250 ، مجمع الزوائد للهيثمي الشافعي ج7 ص 17 وج 9 ص 104 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 30 وص 31 وص 32 ، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 112 ، أنساب الاشراف للبلاذري ج 2 ص 112 ح 49 ، ذخائر العقبى ص 67 ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 135 ح 152 ، ميزان الاعتدال للذهبي ج 3 ص 294 ، الصواعق‌المحرقة ص122ح4، شرح نهج البلاغه لابن‌ابي‌الحديد ج19ص217 وج12 ص49.
(6) فقد نّص النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ على الائمة الاثني عشر ـ عليهم السلام ـ تارة بعددهم وتارة بإسمائهم .
أمّا النّص على عددهم : فقد رواه جمهور علماء المسلمين من أئمة الحديث وأهل السير والتواريخ بطرق عديدة ، فقد أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص 398 وص 406 وج 5 ص 89 عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول في حجة الوداع : لا يزال هذا الدين ظاهراً على من ناواه ولا يضره مخالف ولا مطارق حتى يمضي من امتي إثنا عشر اميراً كلهم من قريش .
واخرج مسلم في صحيحه ج 3 ص 1452 ـ 1453 ح 5 ـ ، عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ‍ انه قال : لا يزال الدّين قائماً حتى تقوم الساعة ويكون عليهم أثنا عشر خليفة كلهم من قريش .
وفي بعضها : لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم إثنا عشر رجلا كلهم من قريش .
وفي بعضها : لا يزال الاسلام عزيزاً الى اثني عشر خليفة كلهم من قريش .
وفي صحيح البخاري ج 9 كتاب الاحكام ص 101 عن جابر بن سمرة أن النبي ـ صلّى الله علـيه وآله ـ قال : ( يكون بعدي أثنا عشر أميراً ) فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي : إنه قال: ( كلّهم من قريش ) .
وفي كنزالعمال ج 11 ص 629 ح 33065 عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ انه قال : ( يكون بعدي أثنا عشر خليفة ) .
وأيضاً ابن حجر في صواعقه الباب 11 فصل 2 ص 189 ، والقندوزي الشافعي في ينابيع المودة باب 77 ص 444 وص 445 ط 8 .
وأما النص على اسمائهم :
فقد ذكره القندوزي الحنفي في ينابيع المودة بطرق مختلفة باب 76 ص 441 وص 442 وص 443 ، باب 77 وص 445 ص 447 وباب 93 ص 486 وص 487 .
وفي الباب 94 ص 494 عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت جابر بن عبدالله الانصاري يقول : قال لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا جابر إن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي ، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه ياجابر فإذا لقيته فأقره مني السلام ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي ابن الحسن بن علي ذاك الذي يفتتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الارض ومغاربها ، ذلك الذي‌يغيب عن أوليائه غيبة لايثبت على القول بامامته إلا من امتحن الله قلبه للايمان.
قال جابر : فقلت : يا رسول الله فهل للناس الانتفاع به في غيبته ، فقال إي والذي بعثني بالنبوة ، إنهم يستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن سترها سحاب ، هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه إلاّ عن أهله .
فالمحصل من ذلك أن الاحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده ـ صلّى الله عليه وآله ـ اثنى عشر ، لا تنطبق إلا على ائمة أهل البيت الاثني عشر ـ عليهم السلام ـ فلا يمكن أن تحمل هذه الاحاديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن تحمل على الخلفاء الامويين أو العباسيين لانهم يزيدون على العدد المذكور .
وقال بعض المحققين : فإن قيل إن المراد صلحاؤهم فالجواب :
اولاً : ان صلحاءهم على زعمكم لا يبلغون الاثني عشر .
ثانياً : يلزم الفترة بين إمام وآخر فيكون زمان خال من الامام وذلك لا يسوغ ، لما ورد عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ « من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية » .
وقـد ورد هـذا الحديث في مصادر السنه بالفاظ مختلفه راجع : المعجم الكبير للطبراني ج 19 ص388 ح 910، حلية الاولياء لابي نعيم الاصفهاني ج 3 ص 224 ، مجمع الزوائد لابي بكر الهيثمي ج 5 ص 218 ، كنز العمال للمتقي الهندي ج1 ص103 ح 463 و 464 .
فعلى كلّ حال ، إن صرف هذه الاحاديث عن أئمة اهل البيت الاثني عشر ـ عليهم السلام ـ ما هوإلاالتعصب‌الاعمى‌الذي‌يقود صاحبه‌الى‌الضلال ، إضف إلى ذلك انه اجتهاد في مقابل النص.
فهؤلاء أمثال السيوطي ( راجع فتح الباري ج 13 ص 179 وص 183 ) فقد جهد على صرف هذه الاحاديث عن معناها الصحيح .
ولذلك يتعجب منه الاستاذ أبو ريّه في كتابه ( أضواء على السّنة المحمّدية ، ص 235 ) وإليك تعليقه على ما أورده السيوطي :
يقول : أما السيوطي فبعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الاحاديث المشكلة ، خرج برأي غريب نورده هنا تفكهة للقراء وهو :
وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر ، الخلفاء الاربعة ، والحسن ، ومعاوية ، وابن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز ، هؤلاء ثمانية ، ويحتمل أن يضم إليهم المهدي من العباسيين لانه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية ، وكذلك الظاهر ، لما أوتيه من العدل ، وبقي الاثنان المنتظران !! أحدهما المهدي ! لانه من أهل بيت محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ .
ولم يُبين المنتظر الثاني ، ورحم الله من قال في السيوطي إنه حاطبُ ليل !!
(7) سـورة النساء : الايـة 59 ، فقد ذكر المفسرون وغيرهم أن المراد بـ ( أولي الامر ) هم علي ـ عليه السلام ـ والائمة من ولده .
راجع : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج1 ص148 ح202 ـ 204 ، تفسير الرازي ج10 ص144 ، تفسير البحر المحيط ج3 ص278 ط السعادة بمصر ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص134 وص137 ط الحيدرية وص114 وص117 ط اسلامبول ، فرائد السمطين ج1 ص314 ح250 ، احقاق الحق للتستري ج3 ص424 .
(8) سورة سبأ : الاية 13 .
(9) سورة يوسف : الاية 103 .
(10) سورة ص : الاية 24 .
(11) سورة هود : الاية 40 .
(12) سورة طــه : الاية 72 ـ 73 .
(13) سورة الاعراف : الاية 138 .
(14) سورة طــه : الاية 88 .
(15) سورة المائدة : الاية 21 .
(16) سورة المائدة : الاية 22 .
(17) سورة المائدة : الاية 25 .
(18) وقد اثبت العلاّمة الحجة الاميني في كتابه الغدير ج1 ص14 ـ 61 رواة الغدير من الصحابة وهم : مائة وعشرون صحابيا ، وفي ص62 ـ 73 رواة الغدير من التابعين وهم : أربعة وثمانون تابعيا ، وفي ص73 ـ 151 رواة حديث الغدير من أئمة الحديث وحفاظه والاساتذة وهم : ثلاثمائة وستون نسمة .
(19) هـذا الحـديث يعرف بحديث المنزلة ، وهو قول النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ‍ لعلي ـ عليه السلام ـ : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) وهو من الاحاديث المتواترة المشهورة فقد روته جُل مصادر العامة .
راجع : صحيح البخاري ج 5 ص 24 ، صحيح مسلم ب من فضائل علي بن أبي طالب ج 4 ص1870 ح 30 ـ (2404) ، صحيح الترمذي ج5 ص 596 ح 3724 و ص 598 ح 3730 ، مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 179 و ج 3 ص 32 و ج 6 ص 369 و ص 438 ، سنن ابن ماجه ج1 ص42 ح115 و121 ، المستدرك للحاكم ج3 ص109 و ج2 ص337 وصححه ، تاريخ الطبري ج3 ص104 ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج1 ح 150 ، الاصابة لابن حجر ج2 ص507 وص509 ، حلية الاولياء ج7 ص195 ـ 196 وصححه ، ذخائر العقبى ص63 وص64 ، أسد الغابة ج4 ص26 وص27 ، كنز العمال ج 11 ص599 ح 32880 و ج 13 ص 150 ح 36470 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص168 . وغيرها .
(20) مجمع الزوائد : ج1 ص157 ، كنز العمال ج1 ص183 ح929 .
(21) كتاب الزهد لابن المبارك : ص128 ح380 ، كشف الخفاء ج1 ص514 ح1374 ، الفردوس للديلمي ج2 ص259 ح3204 بتفاوت .
(22) سورة الواقعة : الاية 79 .
(23) إشارة الى الاية الشريفة ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) الاحزاب 33 ، وقد تقدمت تخريجات نزولها فيهم ـ عليهم السلام ـ .
(24) سورة فاطر : الاية 32 .
فقد ذكروا انها نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ راجع : شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج2 ص 155 ـ 157 ح 782 ـ 783 ، غاية المرام للبحراني ص351.
وجاء في ينابيع المودة ب 30 ص 103 ( في تفسير قوله تعالى ومن عنده علم الكتاب ) عن المناقب : سُئل علي ـ عليه السلام ـ ان عيسى بن مريم كان يحيي الموتى وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير ، هل لكم هذه المنزلة ، قال ان سليمان بن داود ـ عليهما السلام ـ غضب على الهدهد لفقده لانه يعرف الماء ويدل على الماء ، ولا يعرف سليمان الماء تحت الهواء مع أن الريح والنمل والانس والجن والشياطين والمردة كانوا له طائعين ، وان الله يقول في كتابه : (ولو ان قرآنا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الارض أو كلّم به الموتى ) سورة الرعد : الاية 31 ، ويقول تعالى : ( وما من غائبة فـي السماء والارض إلا في كتاب مبين ) سورة النمل : الاية 75.
ويقول تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا ) سورة فاطر : الاية 32 ، فنحن أُورثنا هذا القرآن الذي فيه ما يسير به الجبال ، وقطّعت به البلدان ، ويحي به الموتى، ونعرف به الماء ، وأُورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شيء .
اضـف الـى ذلـك أنه بعد ان ثبت لدى الجمهور ان قوله تعالى : ( ومَن عنده علم الكتاب ) سورة الرعد : الاية 43 ، المراد به هو أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ نعلم بالضرورة انه هو المراد بمن أورثه الله الكتاب في قوله تعالى : ( ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفّسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ) .
قال الشيخ محمد الحسن المظفر ( قدس سره ) في كتابه دلائل الصدق ج2 ص 165 :
ويشهد أيضاً لارادة علي بمن أورثه الكتاب واصطفاه ، الاخبار المستفيضة الدالة على أن عليا مع القرآن والقرآن معه ، فإن المعية تستدعي أن يكون علم القرآن عنده وأنه وارثه .
وقال في ص166 : فإن قلت : لا يمكن أن يراد وحده أو مع الائمة خاصة لانهم معصومون عندكم ، والاية قسمت من أورثه الله الكتاب واصطفاه إليه الظالم لنفسه ، والمقتصد ، والسابق بالخيرات فيتعين ان يراد بالاية مطلق المؤمنين .
قلت : التقسيم راجع إلى العباد والضمير في قوله تعالى : ( فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ) عائد إلى قوله تعالى : عبادنا ، لا لمن أورثه الكتاب واصطفاه منهم ، اذ لا يصح تقسيم من اصطفاه الى الظالم وغيره ، ولا شـمول من أورثه الكتاب لكل مؤمن عالم وجاهل ، فهي نظير قوله تعالى في سورة الحديد : ( ولقد أرسـلنا نوحا وإبراهيم وجعلـنا فـي ذريـتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ) سورة الحديد : الاية 26 .
(25) كتاب سليم بن قيس الكوفي : ص190 ح 47 ، بحار الانوار ج44 ص97 بتفاوت .

العودة