الصفحة 169
(نقد نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنَّة)؛ لأنّ الوهابيين ينفرون من هذا العنوان، ولسنا مضطرين إلى طرح هذا العنوان، بل يكفي أنْ نذكر لهم مضمون ومحتوى نقدنا لهذه النظرية، بطريقة تجعلهم يقبلون ما نريد من دون ذكر المصطلح الخاصّ لهذه النظرية. والعبرة بالمحتويات والمضامين والمعاني لا بالعناوين والمصطلحات والغلافات الخارجية.

كما من اللازم أنْ نبين لهم أن الاثني عشرية إنّما ترفض العدالة الكلية للصحابة لا العدالة الجزئية لهم؛ لأن الكثير من الوهابيين لا يدركون الفرق بين من أنكر العدالة الكلية للصحابة وبين من آمن بالعدالة الجزئية للصحابة، ومن هنا خلطوا في حكمهم على الفريقين.

إنّنا من خلال تجربتنا الطويلة في الحوار مع إخواننا الوهابيين، ومن خلال انتمائنا السابق لهذه الجماعة قد آمنا واستيقنا بأنّ هذه الجماعة الوهابية تعطي للمصطلح والعنوان والغلاف الخارجي قيمة كبيرة، وتجدهم يقيمون حرباً شديدة ضد قضيّة معينة، وحين يتغير اسم هذه القضية تزول هذه الحرب الشديدة، ولأجل ذلك يمتنعون عن قراءة بعض الكتب بسبب عناوينها، فإذا تغير وتبدّل عنوانها قرأوها بشغفٍ وحبٍ(1). ومن هنا نحتاج إلى دقة وفطنة في كيفية الحوار مع الجماعة الوهابية.

كما ينبغي أن لا نبحث عن موضوع الصحابة مع الوهابيين إلا بعد طرح حديث الثقلين؛ لأنّ قضية الصحابة تعتبر إحدى النتائج السلبية لمخالفة حديث الثقلين.

____________

(1) ومن هنا تجدني في كل حواراتي مع الوهابيين ـ المسجلة في أكثر من ثلاثمائة شريط ـ استخدم كلمة (اثني عشرية) بدلاً عن كلمة (شيعة)؛ لأنّهم ينفرون من كلمة (شيعة)، فإذا قلت لهم كلمة (اثني عشرية) هان عليهم الخطب وسمعوا منك.

وما دام أننا نسعى إلى التقريب بين الاثني عشرية وبين الوهابية فلا بد من مراعات إخواننا الوهابيين حتى لا نقع في جريمة التفريط بالوحدة الإسلامية المقدسة.


الصفحة 170
ولا بد من الاشارة إلى قضية هامة ترتبط بقضية الصحابة وهي: انني أرى أن الحوار حول حديث الغدير يجب أن يكون بعد البحث حول حديث الثقلين؛ لأننا إذا حاورنا إخواننا الوهابيين حول حديث الغدير، سوف ينجر الحوار منذ البداية إلى قضية الصحابة وإلى حادثة السقيفة؛ لأن هنالك ملازمةً عند العقل الوهابي بين قضية الصحابة وبين حديث الغدير، كما أن الكثير منهم يحسبون أن الحوار حول حديث الغدير هو حوارٌ سياسي قد انقضى أوانه، بخلاف نظرتهم الى حديث الثقلين حيث يرون أنّ له مساس بالمرجعية الدينية لأهل البيت.

وليس هذا الكلام فيه تقليل لشأن حديث الغدير، بل هو كلامٌ نابعٌ من ضرورة مراعات وملاحظة طريقة التفكير عند العقل الوهابي؛ لأن الغرض من الحوار هو استنقاذ هذا العقل من المشكلات التي يعاني منها، ومن هنا ذكرت في مقدمة هذا الكتاب(1) أنه عند الحوار مع الوهابيين حول الآيات الواردة في أهل البيت يجب أن نقدم آية التطهير وآية المباهلة وغيرهما، على آية الولاية؛ لأن هنالك ملازمة بين آية الولاية وبين قضية الصحابة بسبب الارتباط الوثيق بين آية الولاية وحديث الغدير.

والحوار حول حديث الثقلين وحول آية التطهير سوف يهيئ العقل الوهابي للحوار حول حديث الغدير وحول آية الولاية وحول قضية الصحابة التي هي أحد نتائج مخالفة حديث الثقلين.

وسوف نبين عند دراسة خاصّية (الواقعية عند الاثني عشرية في كيفية التعامل مع الصحابة) أنّ هنالك مناهج ثلاثة في التعامل مع الصحابة:

المنهج الأول: منهج أهل السنَّة في كيفية التعامل مع الصحابة.

والمنهج الثاني: منهج الغلاة في كيفة التعامل مع الصحابة.

والمنهج الثالث: منهج الاثني عشرية في كيفية التعامل مع الصحابة.

____________

(1) انظر: ص 12 من مقدمة هذا الكتاب.


الصفحة 171
وسيتضح لاحقاً أنّ المنهج الأول (منهج أهل السنَّة) والمنهج الثاني (منهج الغلاة) منهجان غير واقعيين في كيفية تعاملهما مع الصحابة، وكلاهما يمثل تطرفاً بمعنيين مختلفين؛ التطرّف عند منهج أهل السنَّة بمعنى الإفراط في كيفية تعاملهم مع الصحابة، والتطرّف عند منهج الغلاة بمعنى التقصير والتفريط بحقّ الصحابة، والمنهج الواقعي في كيفية التعامل مع الصحابة هو منهج الاثني عشرية.

وجدير بالمحاور أن ينبه إخوانه الوهابيين إلى أنّهم يخلطون بين منهج الاثني عشرية ومنهج الغلاة ـ لعنهم الله ـ في التعامل مع الصحابة، وسبب ذلك نابعٌ من خلطهم بين الاثني عشرية وبين الغلاة وعدم التمييز بينهم.

* * * *

3 ـ خاصّية غيبة الإمام الثاني عشر:

أما الخاصية الثالثة التي تحدّثنا عنها في القسم الثاني من هذا البحث فهي: (خاصية الغيبة عند الاثني عشرية).

إنّ الحاجة إلى الإيمان بـ (غيبة الإمام الثاني عشر) هي حاجة العقل والقلب، وحاجة الحياة والواقع، وحاجة الأُمة المسلمة والبشرية كلها على السواء؛ لأنّ صاحب هذه الغيبة هو حلقة الوصل بين الأرض والسماء، بعد انقطاع الوحي من السماء، وبعد أنْ خُتمت أنوار الأنبياء.. ومن ثَمّ كان الإيمان بغيبة الإمام الثاني عشر من أهمِّ الخصائص التي تميز المذهب الاثني عشري عن سائر المذاهب الإسلامية الأُخرى.

وقد حاولنا رسم هذه الخاصّية العظيمة للجماعة الوهابية بصورة جديدة، لعلهم يعذرون إخوانهم بسبب إيمانهم بهذه الخاصّية الفريدة.

ويستطيع الإنسان ـ وهو واثق ـ أنْ يقول: إنّ عقيدة الاثني عشرية بغيبة الإمام الثاني عشر حقيقة أساسية وضرورية، أخبر عنها الرسول الأعظم قبل تحققها في الواقع التاريخي بأكثر من مائتين وخمسين عاماً، وآمنت بهذه الحقيقة

الصفحة 172
جماعة من المسلمين قبل تحققها، ودوّنت أحاديث الرسول الأكرم وجمعتها في كتب الحديث، بل أفردت كتباً مستقلة حديثية جمعت الأحاديث الصحيحة في الغيبة، إلى أنْ تحققت بعد أكثر من مائتي عامٍ مضامين ومحتويات تلك الأحاديث الصحيحة في عالم الواقع، ولمسها الناس بأنفسهم؛ كما أثبتنا ذلك عند الحديث عن هذه الخاصية ا لهامة والعظيمة في الفصل الأخير من القسم الثاني من هذا البحث في كتابنا (رحلتي من الوهابية إلى الاثني عشرية).

ولا بد من التنبيه إلى أنّ البحث عن خاصّية الغيبة قبل البحث عن حقيقة الإمامة عند الاثني عشرية لن يوصل الباحث إلى نتيجة، ومن المحال أنْ يدرك خاصّية الغيبة ما لم يدرك حقيقة الإمامة في هذا المذهب.

ولا بد من الإشارة إلى قضية هامة وهي: أنه لا يصح طرح خاصّية الغيبة مع الوهابيين إلا بعد طرح حديث الثقلين؛ لأنّ خاصّية الغيبة إنّما كانت إحدى نتائج مخالفة حديث الثقلين.

ولأجل أن يدرك القارئ أهمية الترتيب في استعراض حقائق المذهب الاثني عشري وخصائصه ـ عندما يراد طرحه للذين خلطوا بينه وبين فرق الغلاة ـ أنْ يعيد النظر في هرم الاثني عشرية (الشكل رقم ـ 4 ـ)، ويطيل النظر في المراحل الثلاث الضرورية من أجل إدراك المذهب الاثني عشري.

* * * *

إنّنا سبق وأن أشرنا في المقدِّمة إلى أنّ هذا الكتاب يمثِّل المقدمة الأساسية للقسم الثاني من هذا البحث، أعني كتابي (رحلتي من الوهابية إلى الاثني عشرية). ومن هنا فما أثبتناه من حقائق الاثني عشرية وخصائصها في هذا الكتاب، وفي كل من المرحلتين الأخيرتين من مراحل دراسة المذهب الاثني عشري، وما أثبتناه ـ أيضاً ـ في خصائص الاثني عشرية؛ إنّما تمثل النقاط الرئيسية التي نريد أنْ نتناو لها في القسم الثاني من هذا البحث؛ لأجل أن يكون لدى القارىء

الصفحة 173
فكرة عامة عن موضوع كل حقيقة أو خاصّية من حقائق وخصائص الاثني عشرية، إلى جانب ما ورد عن هذه الحقائق وتلك الخصائص في مبحث (خروج الوهابية عن منهج أهل السنَّة في التعامل مع المذهب الاثني عشري)، عندما ذكرنا أقوال الفريق الأول (الوهابية) والفريق الثاني والثالث (أهل السنَّة) والفريق الرابع (الاثني عشرية)؛ المرتبطة بحقائق الاثني عشري وخصائصها(1). وبهذا نكون قد انتهينا من وضع صورة مقتضبة عن المرحلتين الأخيرتين في دراسة المذهب الاثني عشري ووصلنا إلى خاتمة القسم الأُول من الكتاب.

وقبل الخاتمة أتقدم بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ لؤي المنصوري على ما بذله من جهد كبير في مراجعة الكتاب، وسماحة السيد طلال فخر الدين على ما بذله من جهد مشكور في تيسير نشر الكتاب.

____________

(1) لقد بينا في كتابنا (رحلتي من الوهابية إلى الاثني عشرية) أن اختلاف الوهابية واختلاف أهل السنّة حول الاثني عشرية يدل على أنّ الاشكالية تعود إلى منهج الجماعة الوهابية في كيفية التعامل مع المذهب الاثني عشري، وإلاّ فكيف اختلفت أحكامهم حول الاثني عشرية في حين أنّنا نجد أنّ لديهم حكماً واحداً على النصيرية؟!


الصفحة 174

الصفحة 175

الخاتمة
المستقبل للمذهب الاثني عشري

وحين نحسن العرض للمذهب الاثني عشري سوف يلتحق بهذا المذهب العظيم حتى أولئك الذين يوجهون الضربات الوحشية له؛ لأنّهم إنّما يحاربون هذا المذهب بسبب عدم إدراكهم وفهمهم لحقائق وخصائص هذا المذهب العظيم، وعزل أنفسهم ـ من حيث لا يعلمون ـ عن هذا المذهب بشتى التمويهات والأكاذيب عن هذا المذهب.

ولكن الذي لا شك فيه أنّ إخواننا الوهابيين إذا فهموا الخصائص الذاتية العظيمة للمذهب الاثني عشري، فسوف يلتحقون بهذا المذهب ويكونون من دعاته.

إنّ الوهابيين يعجبون كيف استطاع المذهب الاثني عشري أنْ يفرضَ نفسه على أكثر مناطق العالم، على الرغم من كثرة أعدائه، وانتشارهم في كل مكان على وجه الأرض، واستخدامهم لشتى الخطط والأساليب في سبيل محاربته!

لكن سرّ ذلك الانتشار يكمن في القوة الذاتية والفكرية للمذهب الاثني عشري، وفي الاعتدال في فهم حقائق الإسلام ودرك مقاصده.

وإنّ الوهابيين يرون أنّ المذهب الاثني عشري بقوته الذاتية هو الذي يلتحق به المئات من أهل السنَّة، والعشرات من الوهابيين، ويرونهم يعلنون حرباً على خصوم هذا المذهب، بعد أن كانوا من أشدِّ أعداء (الاثني عشريين)!


الصفحة 176
ويشاهد الوهابيون أنّ المذهب الاثني عشري يأخذ عليهم كبار علمائهم ومفكريهم في كلِّ بلدٍ، حتى إنّه ما بقيت منطقة عربية أو غير عربية إلاّ ودخل فيها المذهب الاثنا عشري، بحيث أصبح الوهابيون على يقين بأنّ (المذهب الاثني عشري) هو الذي سوف يمثِّل أكثرية (المسلمين) في العالم الإسلامي، لا سيما أنّهم يرون أنّه دخل إلى مناطق ما كانوا يتوقعون دخوله إليها! ومن هنا فاخواننا الوهابيون لا يشكون أنّ المستقبل (للمذهب الاثني عشري)، وفي هذا يقول العالم الوهابي الدكتور (علي السالوس) ـ حفظه الله ـ في كتابه (الشيعة الاثنا عشرية في الأُصول والفروع):

(والشيعة الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية أكبر الفرق الإسلامية المعاصرة)(1).

يقول هذا الكلام على رغم الخصومة الشديدة التي يحملها لهذا المذهب؛ بسبب أنّه لم يدرك حقائقه وخصائصه.

ونحن نستيقن أنّ الوهابيين عائدون إلى المذهب الاثني عشري، وأن المستقبل لهذا المذهب، ولكن لن يتحقق ذلك إلاّ إذا عرضنا هذا المذهب بطريقة تتناسب مع سنخية العقل الوهابي.

وهكذا؛ جاءت كتابات الوهابيين تشهد أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري.

وفي موضع آخر يذكر الكاتب الوهابي الشيخ (ربيع بن محمد السعودي) ـ حفظه الله ـ في كتابه (الشيعة الإمامية في ميزان الإسلام)(2) بما يؤكّد أنّ المستقبل لهذا المذهب ويقول:

(ففي زيارة لمصر بعد انقطاع عنها دام أربع سنوات بل خمس، وبعد أنْ استقر بي المقامُ في القاهرة، بدأتُ أحسّ باتجاه جديد).

وهو يعني التحوّل من المذهب السنّي والمذهب الوهابي إلى المذهب الاثني عشري.

____________

(1) ج 1، ص 21.

(2) ورغم أن الكتاب طبع في مؤسسة تحارب المذهب الاثني عشري، لكنه لا يستطيع إنكار حقيقة أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري. طبع هذا الكتاب في مكتبة العلم بمدينة جدة ـ السعودية.


الصفحة 177
إلى أن يقول:

(ومما زاد عجبي من هذا الأمر أنّ إخواناً لنا ومنهم أبنا أحد العلماء الكبار المشهورين في مصر، ومنهم طلاب علم طالما جلسوا معنا في حلقات العلم، ومنهم بعضُ الإخوان الذين كنا نحسنُ الظنَّ بهم؛ سلكوا هذا الدرب! [يعني: أصبحوا من الاثني عشريين] وهذا الاتجاه الجديد هو التشيع)(1).

لو كان أخونا الشيخ (ربيع بن محمد السعودي) يدرك الخصائص الذاتية العظيمة للمذهب الاثني عشري لما عَجِب وانبهر حين رأى كبار أهل التسنن والوهابيين يدخلون في المذهب الاثني عشري أفواجاً!

ومن أجل هذا الشيخ وأمثاله كتبنا هذا الكتاب حتى يدركوا الأسباب التي جعلت الكثير من الوهابيين يدخلون في هذا المذهب، وحتى يدركوا أنّ مسألة التقريب بين الاثني عشرية والوهابية، هي مسألة ممكنة وليست مستحيلة كما يحسبون.

والآن نأتي إلى بشارةٍ من العالم الوهابي الذائع الصيت الشيخ الدكتور (ناصر القفاري) ـ حفظه الله ـ، وهذه البشارة تبين أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري، وفيها يقول الشيخ ناصر القفاري:

(وقد تشيع الكثير [يعني الكثير من أهل السنَّة ومن الوهابيين] ـ إلى أن يقول ـ ومن يطالع كتاب (عنوان المجد في تاريخ البصرة ونجد) يهوله الأمر حيث يجدُ قبائل بأكملها قد تشيعت).

ثم يصف الاثني عشرية بأنها: (هي الطائفة الشيعية الكبرى في عالم اليوم)(2).

____________

(1) انظر مقدمة كتابه المذكور.

(2) انظر مقدمة كتابه (أُصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية) المجلّد الأول، الطبعة السعودية.


الصفحة 178
وكلَّما نقرأ كتابات إخواننا الوهابيين نزداد يقيناً بأنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري؛ لأنّهم يتابعون حركة الانتشار السريعة لهذا المذهب في وسط الوهابيين وغيرهم من المسلمين.

وفي هذه الحقيقة (حقيقة أنّ المستقبل للمذهب الاثني عشري) يقول أخونا العزيز الشيخ (عبد الله الغُنيمان) ـ حفظه الله ـ المدرس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في المملكة العربية السعودية، يقول في كتابه (مختصر السنة) الذي اختصره من كتاب (منهاج السنّة) للإمام ابن تيمية:

(حيث أطل الرفض [يعني الاثني عشرية لأن الشيخ عبد الله غنيم يخلط بين الرافضة وبين الاثني عشرية] على كلِّ بلدٍ من بلاد الإسلام).

إنّ الوهابيين على يقين بأنّ المذهب (الاثني عشر) هو الذي سوف يجذبُ إليه كل أهل السنَّة وكل الوهابيين في المستقبل القريب.

ويحمل إلينا العالم الوهابي الشيخ (محمد بن عبد الرحمن المغراوي) ـ حفظه الله ـ بشارة عظيمة في كتابه (من سبَّ الصحابة ومعاوية فأُمه هاوية)، تبين انتشار المذهب الاثني عشري في بلاد المغرب، ويقول ـ بعد أنْ يبين انتشار المذهب الاثني عشري في مشرق العالم الإسلامي ـ:

(... فخفت على الشباب في بلاد المغرب...)(1)، ثم يبين دخول هذا المذهب.

ولو كان أخونا الشيخ (محمد عبد الرحمن المغرواي) يعلم الخصائص الذاتية العظيمة للمذهب الاثني عشري لما خاف من انتشار هذا المذهب في المغرب العربي.

إنّه حين يتعرّف الوهابي على (الاثني عشريين) سوف يستيقن أنّهم ملائكة الرحمة، وفرسان الحق.. وفي هذا ينقل إلينا أخونا الشيخ الوهابي (مجدي محمد علي محمد) ـ حفظه الله ـ في كتابه (انتصار الحق مناظرة علمية مع بعض الشيعة الإمامية)(2)، ينقل الينا هذه العبارة:

____________

(1) سلسلة العقائد السلفية (من سبَّ الصحابة ومعاوية فأُمه هاوية)، تأليف الشيخ الفاضل محمد بن عبد الرحمن المغراوي، مقدمة الكتاب: ص 4. مكتبة التراث الإسلامي القاهرة.

(2) والكتاب طُبع في دارٍ وهابية، دار طيبة في الرياض ـ السعودية.


الصفحة 179
(... جاءني شاب من أهل السنَّة حيران، وسبب حيرته أنّه قد امتدت إليه أيدي الشيعة...).

إلى أن يقول في شأن هذا الشاب:

(... حتى ظن المسكين أنّهم [يعني: الاثني عشريين] ملائكة الرحمة وفرسان الحقِّ..)(1).

وهكذا... وهكذا.. هنالك المئات من عبارات الوهابيين التي تؤكد أنّ المستقبل القريب للمذهب الاثني عشري.

ولكن يبقى أمرٌ واحد يجب أن يكون في الحسبان وهو: إنّ الوهابيين ليسوا خصوماً لهذا المذهب العظيم، لأنّهم حين يعرفونه لا يترددون في اتباعه، ولكن يجب علينا أن ننزل إلى مستوى العقل الوهابي عند عرض الخصائص الذاتية العظيمة والعميقة للمذهب الاثني عشري؛ حتى نرفعهم إلى مستوى العقل الاثني عشري.

وينبغي الالتفات إلى شيء هام وهو: إنّ الحوار مع العقل الوهابي يجب أن يبدأ ـ أولاً ـ بحديث الثقلين وتبيين وتوضيح مطالبه، ومن الخطأ البدء معه برد الشبهات التي يطرحها والإجابة عنها ما لم نبحث حديث الثقلين مسبقاً.

وإقناع العقل الوهابي بطرح حديث الثقلين والبحث حوله قبل طرح الشبهات يحتاج منّا إلى جهد كبير وصبر جميل.

والله ينصر دين الحق ويظهره على الدين كله (هُوَ الَّذي أرْسَلَ رَسُولَهُ بالهُدى وَدينِ الحقِّ ليُظْهِرهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ)(2).

وصدق الله العظيم.

____________

(1) انظر الكتاب الذي ذكرناه: ص 11 ـ 14.

(2) سورة الصف من الآية: 9.