آية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم ( قدس سره )
( 1358 هـ - 1424هـ )

ولادته :

ولد السيد الحكيم في الخامس والعشرين من شهر جمادى الأولى ، في عام ( 1358 هـ ـ 1939 م ) ، في مدينة النجف الأشرف ، ووالده هو آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم .

نَسَبه :

آل الحكيم من الأُسر العلوية ، التي يعود نسبها إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، وهي من العوائل العلمية .

وقد برز منها علماء عُرِف منهم في أوائل القرن الرابع عشر الهجري العالم الأخلاقي السيد مهدي الحكيم ، والد الإمام السيد محسن الحكيم .

نشأته :

نشأ في أحضان والده ، حيث التُّقى والورع والجهاد ، وفي مثل هذا الجو العابق بسيرة الصالحين كانت نشأته ، فكان خير خلفٍ لِخير سَلَف .

دراسته وأساتذته :

تلقَّى علومه الأولية في كتاتيب مدينة النجف الأشرف ، ثم دخل في مرحلة الدراسة الابتدائية في مدرسة منتدى النشر الابتدائية ، حيث أنهى فيها الصف الرابع .

ونشأت عنده الرغبة في الدخول في الدراسات الحوزوية بصورة مبكرة ، فبدأ بالدراسة الحوزوية عندما كان في الثانية عشر من عمره ، وكان ذلك سنة ( 1370 هـ ) .

حيث درس عند كبار أساتذة الحوزة العلمية في مدينة النجف الأشرف .

نذكر منهم ما يلي :
1 - آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم .
2 - آية الله السيد محمد حسين الحكيم .
3 - آية الله العظمى السيد يوسف الحكيم أخوه الأكبر .
4 - آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي .
5 - آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر .
 

مكانته العلمية :

عُرِف منذ سِنٍّ مبكر بنبوغه العلمي ، وقدرته الذهنية والفكرية العالية ، فَحظِي باحترام كبار العلماء والأوساط العلمية ، كما نال في أوائل شبابه من آية الله العظمى الشيخ مرتضى آل ياسين شهادة اجتهاد في علوم الفقه وأصوله ، وعلوم القرآن ، وذلك في عام ( 1383 هـ ) .

تدريسه وطُلاَّبه :

وبعد أن نال سماحته مرتبة عالية في العلم بفروعه وفنونه المختلفة ، مارس التدريس لطلاب السطوح العالية في الفقه والأصول ، وكانت له حلقة للدرس في مسجد الهندي بمدينة النجف الأشرف .

وعُرف بقوة الدليل ، وعمق الاستدلال ، ودِقَّة البحث والنظر ، فتخرَّج على يديه علماء انتشروا في مختلف أنحاء العالم الإسلامي .

نذكر منهم ما يلي :
1 - شقيقه الشهيد آية الله السيد عبد الصاحب الحكيم .
2 - حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد باقر المهري .
3 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ علي الكوراني .
4 - الشهيد حجة الإسلام والمسلمين السيد عباس الموسوي .
5 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ أسد الله الحرشي .
6 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ عدنان زلغوط .
7 - حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن النوري .
8 - حجة الإسلام والمسلمين السيد صدر الدين القبانجي .
9 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حسن شحاده .
10 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ هاني الثامر .
 

ومع ذيوع صيته العلمي ، ومن أجل تحقيق نقلة نوعية في العمل الاجتماعي والثقافي لعلماء الدين في انفتاح الحوزة على الجامعة من ناحية ، وتربية النخبة من المثقفين بالثقافة الدينية الأصيلة والحديثة ، فقد وافق المرجع السيد محمد باقر الصدر على انتخابه عام ( 1964 م ) ، ليكون أستاذاً في كلية أصول الدين في علوم القرآن ، والشريعة ، والفقه المقارن .

وقد استمرَّ في ذلك النشاط حتى عام ( 1395هـ ـ 1975 م ) ، حيث كان عمره الشريف حين شرع بالتدريس خمسة وعشرون عاماً .

وعلى صعيد التدريس في إيران ، فقد مارس تدريس البحث الخارج على مستوى الاجتهاد بشكل محدود ، بسبب انشغاله بقيادة الجهاد السياسي ، كما قام بتدريس التفسير لِعِدَّة سنوات ، من خلال منهج التفسير الموضوعي .

مؤلفاته :

نذكر منها ما يلي :
1 - علوم القرآن .
2 - الحكم الإسلامي بين النظرية والتطبيق .
3 - الهدف من نزول القرآن .
4 - أهل البيت ( عليهم السلام ) ودورهم في الدفاع عن الإسلام .
5 - دور الفرد في النظرية الاقتصادية الإسلامية .
6 - حقوق الإنسان من وجهة نظر إسلامية .
7 - النظرية الإسلامية في العلاقات الاجتماعية .
8 - منهج التزكية في القرآن .
9 - المستشرقون وشُبهاتهم حول القرآن .
10 - الظاهرة الطاغوتية في القرآن .
 

نشاطاته الثقافية :

في إيران ، وإلى جانب نشاطاته السياسية ، فقد أولى سماحته للقضايا الثقافية الإسلامية اهتماماً كبيراً ، فكان له دور كبير في إنشاء عدَّ مؤسسات ومراكز .

نذكر منها ما يلي :

1 - المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، حيث كان يحتلّ موقع رئيس المجلس الأعلى لهذا المجمع .

2 - المجمع العالمي لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، حيث كان يحتلّ موقع نائب رئيس المجلس الأعلى لهذا المجمع .

3 - مركز دراسات تاريخ العراق الحديث ، ومقرّه في مدينة قم المقدسة .

4 - مؤسسة دار الحكمة .

5 - مدرسة دار الحكمة .

6 - مركزاً للنشر .

7 - مركزاً للبحوث والدراسات .

8 - مكتبة علمية تخصيصية .

حركته السياسية :

وعلى الصعيد السياسي ، فقد دخل منذ البداية في دائرة الاهتمام بإيجاد التنظيم السياسي الإسلامي ، الذي يكفل إيجاد القدرة على التحرك السياسي المدروس في أوساط الشعب العراقي .

وبهدف ردم الهوَّة بين الحوزة العلمية والشرائح الاجتماعية المثقفة ، حيث كان هناك شعور بالحاجة لتنظيم إسلامي يتبنى النظرية الإسلامية الأصيلة ، المأخوذة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ومرتبط بالحوزة العلمية وهمومها ومشاريعها من ناحية .

ولمواجهة التنظيمات غير الإسلامية التي أسست على أسس الحضارة الغربية أو الشرقية من ناحية أخرى ، وضرورة مدِّ الجسور إلى الأوساط المثقفة بالثقافة الحديثة من خِرِّيجي الجامعات ، والموظفين ، والطلبة ، والمعلِّمين ، وغيرهم .

وكذلك التحولات السياسية المهمة في المنطقة عموماً ، وفي العراق خصوصاً بعد سقوط الملكية وقيام النظام الجمهوري .

وهي الأسباب التي تشكل خلفية اتخاذ قرار تأسيس التنظيم الإسلامي سنة ( 1958 م ) ، الذي شارك فيه السيد الحكيم مع آخرين من العلماء الكبار كآية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر .

استمرَّ مشاركاً في مرحلة التأسيس ، وكان يقوم فيها بدور فكري وثقافي بشكل عام ، وتنظيمي بشكل محدود لمدة سنتين ، إلا أن ظروفاً موضوعية أملت عليه وعلى الشهيدين الإمام الصدر ، والعلاَّمة السيد محمد مهدي الحكيم ، أن يتركوا العمل داخل الإطار الحزبي ، حيث كان ذلك عام ( 1380 هـ ) ، وأن يتخصَّص للعمل الجماهيري بقيادة المرجعية الدينية .

وعلى الرغم من تركه العمل الحزبي ، إلاَّ أنه بقي على علاقته بالعمل السياسي المنظم على مستوى الرعاية ، والإسناد والتوجيه من خلال جهاز مرجعية والده الإمام الحكيم ، وبعد ذلك بشكل مستقل ، أو من خلال الموقع القيادي العام للنهوض الإسلامي ، الذي كان يمارسه السيد الشهيد الصدر .

وكان سماحته قد مارس في حياة والده الإمام الحكيم دوراً مشهوداً في دعم وإسناد الحركة الإسلامية بكلِّ فصائلها ، وقد اتَّصف السيد الحكيم في نشاطه السياسي بالإقدام والشجاعة ، والجرأة والتدبير .

وفي تلك الظروف التي لم يتجاوز فيها السيد الحكيم العشرين من عمره ، كان يخرج من البيت متأخراً وأحياناً في منتصف الليل ، حيث يتوقع في كل لحظة أن يقع عليه اعتداء من قبل أعدائه أو مناوئيه ، لكنه كان يواجه كل تلك الأخطار بجرأة وإقدام .

وقد قدَّر الإمام الشهيد الصدر للسيد الحكيم تلك المواقف الشجاعة الرائدة ، وترجم ذلك التقدير من خلال وصفه بأنه ( العضد المُفدَّى ) ، كما ورد في مقدَّمة كتابه ( اقتصادُنا ) .

جهاده خارج العراق :

منذ اللحظات الأولى التي تمكَّن فيها السيد الحكيم الخروج من العراق ، في تموز عام ( 1980 م ) ، توجَّه نحو تنظيم المواجهة ضد نظام صدام المجرم ، وتعبئة كل الطاقات العراقية الموجودة داخل العراق وخارجه ، من أجل دفعها لتحمّل مسؤولياتها في مواجهة هذا النظام الجائر .

وبعد مخاضاتٍ صعبة ، أسفر النشاط المتواصل ، والجهود الكبيرة للسيد الحكيم عن انبثاق المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، في أواخر عام ( 1402 هـ ـ 1982 م ) ، وانتُخِب سماحته ناطقاً رسمياً له .

حيث أُوكِلت له مهمة إدارة الحركة السياسية للمجلس على الصعيد الميداني ، والإعلامي ، وتمثيله .

ومنذ عام ( 1986 م ) أصبح سماحته رئيساً لهذا المجلس ، حتى حين استشهاده .

عودته إلى العراق :

بعد سقوط النظام الصدامي في العراق بتاريخ 9 / 4 / 2003 م ، عاد السيد الحكيم إلى مسقط رأسه مدينة النجف الأشرف ، بعد أن قضى أكثر من عقدين في بلاد الهجرة إيران ، ليواصل من هناك مسيرة الجهاد السياسي التي اختطَّها لنفسه منذ أيام شبابه .

وفي طريق عودته إلى مدينة النجف الأشرف قامت الجماهير العراقية المؤمنة من أهالي مدن البصرة ، والعمارة ، والديوانية ، والنجف الأشرف ، وكربلاء المقدسة ، وباقي المُدن الأخرى باستقباله استقبالاً مهيباً ، حيث هرع الجميع إلى الشوارع ، ابتهاجاً بعودة قائدهم من أرض الهجرة والجهاد .

ومنذ أن استقرَّ آية الله السيد الحكيم في مدينة النجف الأشرف ، أرض العلم والتضحية والفداء ، شرع بإقامة صلاة الجمعة العبادية السياسية ، في صحن الإمام علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، موضِّحاً من خلالها مواقفه السياسية ، وتصوُّراته المستقبلية لمستقبل العراق .

شهادته :

تعرَّض السيد الحكيم ( قدس سره ) خلال عمره الشريف إلى أكثر من سبع محاولات اغتيال من قبل أزلام النظام الصدامي البائد .

كان منها اثنان عندما كان في العراق قبل هجرته إلى إيران ، والباقيات كانت خارج العراق أيام قيادته للجهاد السياسي ضد نظام البعث العميل في العراق .

وفي الواحد من شهر رجب ، من سنة ( 1424 هـ ) ، وبعد إقامته لمراسم صلاة الجمعة الرابعة عشر ، في صحن جدِّه الإمام علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وفي طريق عودته إلى داره ، تعرَّض ( قدس سره ) إلى عمل جبان .

حيث انفجرت سيارة مفخَّخة تحمل ( 700 ) كيلو غرام من المتفجرات ، بالقرب من الصحن العلوي الشريف ، حيث أدَّت إلى انفجار عظيم .

فاستشهد ( قدس سره ) ، ولم يبقَ من جسمه إلا قطعة أو قطعتان ، حيث تقطَّع جسده الشريف .

واستشهد كذلك عدد من مرافقيه ، وعشرات من المصلِّين وزوَّار المرقد الشريف .

وبهذه الخاتمة السعيدة يكون السيد الحكيم ( قدس سره ) ، قد طوى من عمره الشريف مدَّة ثلاثة عقود في مواجهة النظام البعثي البائد ، من أجل خلاص العراق ، وفق دولة تعتمد على مبادئ الحق والخير .

مراجع وعلماء منتديات موقع الميزان العودة إلى الصفحة الرئيسية سجل الزوار