آية اللّه العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم - قدس سره

ولادته:

ولد السيد محسن الحكيم في عام 1306 هـ في عائلة متدينة معروفة بالعلم والصلاح والتقوى, كـان جده السيد مهدي الحكيم من مدرسي علم الاخلاق المعروفين في زمانه, وأمه حفيدة العلامة الشيخ عبد النبي الكاظمي صاحب كتاب تكملة الرجال .
 

نسبه:

ذكـرت كـتب الانساب بان عائلة آل الحكيم ينتهي نسبها الى الامام علي (ع ) بثلاثين عقباً, وكان احـد اجـداد الـسـيـد محسن الحكيم وهو السيد علي الحكيم طبيبا مشهورا في زمان الشاه عباس الصفوي, وله كتاب في الطب اسماه (التجارب الطبية ) ومنذ ذلك الزمان اكتسبت العائلة لقب الحكيم بمعنى الطبيب , و اصبح هذا لقبا مشهورا لهذه العائلة .
 

دراسته:

انهى دراسته الابتدائية ودراسة المقدمات, ثم شرع بدراسة السطوح العالية عند اساتذة عصره , ولما بلغ عمره عشرين سنة؛ تتلمذ على يد الايات العظام التالية اسماؤهم :
(1) آية اللّه محمد كاظم اليزدي .
(2) آية اللّه محمد كاظم الخراساني .
(3) آية اللّه ضياء الدين العراقي .
(4) آية اللّه ابي تراب الخونساري .
(5) آية اللّه شريعت اصفهاني .
(6) آية اللّه الميرزا النائيني .
(7) آية اللّه محمد سعيد الحبوبي .
(8) آية اللّه علي باقر الجواهري .
 

تدريسه:

في عام 1333 هـ شرع بتدريس السطوح, وفي عام 1337 هـ بدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه والاصول, وقد تخرج على يديه عشرات الطلاب, منهم: (1) الشهيد اسد اللّه المدني .
(2) الشهيد السيد محمد باقر الصدر.
(3) الشيخ وحيد الخراساني .
(4) الشيخ احمد فياض السدهي .
(5) السيد محمد حسين فضل اللّه .
(6) الشيخ محمد مهدي شمس الدين .
(7) الشيخ حسين مشكوري .
(8) الشيخ حسن البهبهاني .
(9) الشيخ مرتضى الانصاري (صاحب كتاب حياة الشيخ الانصاري ).
(10) السيد يوسف الحكيم .
 

صفاته و اخلاقه:

تـحـدث الشهيد محمد علي القاضي الطباطبائي عنه وقال: لم يحدث الفقيد الحكيم نفسه بالرياسة يوما من الايام, لكني وجدت الزعامة والرياسة هي التي وجدته لائقا وجديرا بها, وقد نقل لي احد مقربيه بانه لم ير السيد يوما يضحك بصوت عال, وفي اشد الاحوال التي تدعو الى الضحك وجدته مـبـتـسـمـا لا اكثر, بالاضافة الى ذلك كان رجلا فريدا من نوعه بالشجاعة في تلك الايام لا يهاب الرؤساء والسلاطين ولايتردد في اصدار الفتاوى .
- كـان الـسـيد رحمه اللّه سمحا عطوفا يعامل الاخرين بلطف, ولهذا اصبح محبوبا ومهابا من قبل الجميع .
- كان شديد التواضع, ولاعجب ان يجد التواضع الى تلك الروح الواسعة سبيلا.
- ومـن خصائصه الاخرى: عدم اعتماده في تامين اموره المعاشية على ما يحصل عليه من الاموال الشرعية، بل كان يعتمد على الهدايا الخاصة التي كان يرسلها اليه مقلدوه، اذ كانوا يعلمون ان السيد الحكيم لا يصرف على احتياجاته الشخصية من الاموال الشرعية .
- وكـان له ايضا برنامج دقيق جدا لحياته اليومية, فهو لايفرط بالوقت, ومن عاش معه من الطلبة في النجف الاشرف يعرف جيدا متى يذهب لمواجهته وفي اي ساعة .
- وكـان لـلسيد الحكيم اهتمام كبير باحياء مناسبات اهل البيت (عليهم السلام ), وبالخصوص احياء مـجالس عزاء ابي عبد اللّه الحسين (عليه السلام ), اضافة الى قيامه بالعبادات المستحبة مثل النوافل اليومية والتهجد بالليل وغير ذلك .

 

خدماته :

امـا الـخـدمات الاساسية التي قام بها آية اللّه الحكيم فكانت تشمل تاسيس المكتبات العامة في انحاء العراق كافة, لنشر الثقافة الاسلامية وتوعية الشباب المسلم وحمايته من الانحراف، والانجراف وراء الافـكار الهدامة التي كانت ناشطة ومنتشرة آنذاك, وقد بلغ عدد تلك المكتبات اكثر من 70 مكتبة, وكان اكبرها مكتبة الامام الحكيم العامة في النجف الاشرف, التي كانت تحتوي على 30000 كتاب مطبوع, وحوالي 5000 نسخة خطية .
وامـا عـن خـدمـاتـه الـجليلة الاخرى فتتمثل في بناء المساجد والتكايا والحسينيات, وتاسيس الـمراكز الثقافيه الاسلامية في نقاط مختلفه من العراق, وقيامه بطبع الكتب الاسلامية وارسالها الـى انـحاء مختلفة من العالم, مضافا الى تاسيس المدارس العلمية لطلبة العلوم الدينية, نذكر لكم اهم تلك المدارس :
(1) المدرسة العلمية في مدينة الحلة .
(2) المدرسة العاملية في النجف الاشرف .
(3) مدرسة الافغانيين والتبتيين .
(4) مدرسة شريف العلماء بكربلا المقدسة .
(5) مدرسة السيد اليزدي في النجف الاشرف .
(6) مدرسة دارالحكمة في النجف، وغيرها.
و لـه مشاريع خدمية مختلفة اخرى خارج العراق, مثل بناء المساجد في لبنان وسورية وباكستان وافغانستان والمدينة المنورة وجعلها مراكز دينية لاجراء العبادات, واقامة الاحتفالات, ونشر الافـكـار الاسـلامـيـة, وتوضيح المسائل والاحكام الشرعية, وتوضيح ونشر افكار آل البيت صلوات اللّه وسلامه عليهم اجمعين .

موافقه السياسية:

كـان السيد الحكيم منذ ايام شبابه رافضا للظالمين واعداء الدين, وقد شارك بنفسه في التصدي للاحتلال البريطاني الغاشم للعراق, حيث كان مسؤولا عن المجموعة المجاهدة في منطقة الشعيبة في جنوب العراق, وكان يعلم بالنوايا الخبيثة للاستعمارعندما اخذ يتبع سياسة فرّق تسد في العراق .
وقـد بـذل السيد الحكيم قصارى جهوده في سبيل جمع شمل المسلمين من المذاهب المختلفة, عن طـريـق المشاركة في كثير من الفعاليات التي كان يقيمها اهل السنّة, مشجعا اياهم في الوقت نفسه على حـضـورهـم فـي المقابل بالمناسبات التي يقيمها الشيعة, وعندما اخذ الحكام المرتبطون بالاجنبي بـتـرويـج افـكـار القومية العربية في العراق؛ قام السيد بالتصدي لتلك الافكار, وقاوم كل اشكال التعصب والتمييز الطائفي والعرقي في العراق, وخير شاهد على ذلك اصداره الفتوى المعروفة بحرمة مقاتلة الاكراد في شمال العراق, لانهم مسلمون, تجمعهم مع العرب روابط الاخوة والدين .
ولـهذا فقد فشل النظام العراقي في الحصول على فتوى شرعية من علماء الدين لمحاربة الاكراد في الشمال .
ومـن مواقفه السياسيه الاخرى دعمه لحركات التحرر في العالم الاسلامي, وعلى راسها حركة تحرير فلسطين, واصدر بهذا الخصوص العديد من البيانات التي تشجب العدوان الصهيوني, وتؤكد عـلـى ضـرورة الـوحدة الاسلامية, لغرض تحقيق الهدف الاسمى, وهو تحرير القدس من ايدي الصهانية المعتدين .
 

محاربته الافكار الشيوعية في العراق:

تـغـلـغـلت الافكار الشيوعية بين اوساط الجماهير في العراق ايام السيد الحكيم, وقد طبّل الحزب الشيوعي لتلك الافـكار المزيفة والشعارات الفارغة، فاخذ كثير من السذج والبسطاء من الناس يطالبون بتحقيق (العدالة الاجتماعية) في العراق, وعلى اثر ذلك احس السيد بمسؤوليته تجاه الاوضاع, فتصدى لتلك الافكار الالحادية, وعمل على توجيه انتباه الناس الى ان الاسلام وحده هو الـقـادر عـلـى تـحـقـيق العدالة الاجتماعية، وقد اصدر لذلك بيانات عديدة، الا انه وجد ان هذه الانذارات المتكررة لا تجدي نفعا، وان النشاط الشيوعي آخذ بالتوسع والاستفحال، فاصدر فتواه الـمـشـهـورة (الـشيوعية كفر والحاد), مما ادى الى تقويض نفوذ ذلك الحزب الكافر, واجبر عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق آنذاك على ابعاد افراد هذا الحزب عن الساحة السياسية.
 

دوره في حركة النهضة الاسلامية في ايران:

يمكن القول بحق ان آية اللّه الحكيم كان من اكبر المدافعين عن النهضة الاسلامية في ايران منذ بدايتها على ايدي علماء الدين، إثر صدور اللائحة القانونية لانتخابات المجالس العامة والمحلية, التي استنكرها الـسـيـد الـحـكـيم ببرقية ارسلها الى آية اللّه البهبهاني, مطالبا علماء الحوزة العلمية ابلاغ النظام الشاهنشاهي بالامتناع عن اصدار هكذا قوانين, لا تنسجم مع الاسلام ولا مع المذهب الشيعي, كما اصدر برقية اخرى بمناسبة هجوم عملاء نظام الشاه على المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدسة, طـلب فيها من العلماء الهجرة الى النجف الاشرف, كما استنكر سياسة القمع والإرهاب التي تعرض لـهـا الـمـؤمنون بعد انتفاضة 15 خرداد التي فجرها الامام الخميني, وكذلك فانه انذر نظام الشاه عـنـدمـا اراد تـنـفيذ حكم الاعدام بمجموعة كبيرة من افراد الحركة الاسلامية الذين كانوا يرزحون في سجون الشاه .
 

دوره في حوزة النجف الاشرف:

بـعد وفاة المرجع السيد البروجردي( قدس سره ) اصبح السيد محسن الحكيم مرجعا عاما للشيعة, فاخذ بوضع نظام اداري للحوزة, وشرع ببناء المدارس وارسال المبلغين الى نقاط العراق المختلفة. بهذا العمل ازداد عدد الطلاب في جميع الحوزات بشكل منقطع النظير.
و لـغـرض اغـناء المواد الدراسية في الحوزة العلمية في النجف الاشرف, قام السيد بادخال دروس جديدة مثل: التفسير والاقتصاد والفلسفة والعقائد, لغرض توسيع آفاق الطلاب بالعلوم المختلفة, حـتـى يـكونوا على اهبة الاستعداد للوقوف امام التيارات الفكرية والافكار الالحادية القادمة من الخارج .
وقـد شـجـع كـل من له قدرة واستعداد على الكتابة والتاليف, واشرف على كثير من المجلات الاسـلامـيـة التي كانت تصدر في ذلك الوقت, من امثال مجلة الاضواء ورسالة الاسلام والنجف و غيرها.
 

مؤلفاته:

عـلـى الرغم من المسؤوليات الجسام التي كان يتحملها تجاه المرجعية, وتجاه تدريس وتخريج الطلاب والعلماء, كان مواظبا على اداء مهامه في حقل التاليف, ويمكن القول ان المؤلفات العديدة التي اصدرها السيد الحكيم تعد دليلا واضحا على اهتمامه وسعيه في هذا المضمار.
و من هذه المؤلفات :
(1) مستمسك العروة الوثقى .
(2) نهج الفقاهة .
(3) حقائق الاصول .
(4) منهاج الصالحين (رسالته العملية طبعت في النجف الاشرف عام 1365 هـ ).
(5) منهاج الناسكين .
(6) شرح التبصرة .
(7) دليل الناسك .
(8) تعليقة على العروة الوثقى .
(9) تحرير المنهاج .
(10) مختصر منهاج الصالحين .
(11) حاشية على كتاب الدرالثمين .
(12) حاشية على الرسالة الصلاتية .
(13) شرح كتاب المراح (فى علم الصرف ).
(14) شرح تشريح الافلاك .
(15) رسالة في سجدة السهو.
(16) رسالة مختصرة في علم الدراية .
(17) رسالة في بعض المسائل المتفرقة في الصلاة .
(18) حواش على نجاة العباد.
(19) تعليقة على كتاب رياض المسائل .
(20) حواش على تقريرات الخونساري .
(21) الشرح النافع .
(22) منتخب الرسائل .
(23) حاشية استدلالية على كتاب الربا من العروة الوثقى .
(24) تعليقة على توضيح المسائل لاية اللّه البروجردي .
(25) حاشية استدلالية على كتاب التبصرة للعلامة, وغيرها من المؤلفات والاصدارات .
 

اولاده:

للسيد الحكيم اربعة عشر ولدا, منهم عشرة ذكور واربع بنات, اما البنون فهم :
1 - آيـة اللّه الـسـيـد يـوسف الحكيم وهو من مدرسي الفقه والاصول البارزين في حوزة النجف الاشرف .
2 - حجة الاسلام السيد محمد رضا الحكيم .
3 - حجة الاسلام الشهيد السيد مهدي الحكيم، الذي قام باغتياله عملاء مخابرات النظام الحاكم في العراق وذلك في الخرطوم عاصمة السودان .
4 - حجة الاسلام السيد كاظم الحكيم .
5 - حجة الاسلام السيد محمد باقر الحكيم .
6 - الشهيد حجة الاسلام السيد عبد الهادي الحكيم .
7 - الشهيد حجة الاسلام السيد عبد الصاحب الحكيم .
8 - الشهيد حجة الاسلام السيد علاء الحكيم .
9 - الشهيد حجة الاسلام السيد محمد حسين الحكيم .
10 - حجة الاسلام السيد عبد العزيز الحكيم .
 

وفاته:

انتقل الى رحمة اللّه بعد عمر طويل, قضاه بالجهاد في سبيل اللّه واعلاء كلمة الاسلام بشكل عام والمذهب الشيعي بشكل خاص, وذلك 27 / ربيع الاول / 1390 هـ , واستغرق تشييعه من بغداد الـى النجف الاشرف مدة يومين بموكب مهيب، حضره مئات الالاف من المؤمنين, حتى كاد ان يتحول ذلك التشييع الى انتفاضة صارخة ضد النظام البعثي في العراق, وتم دفنه في مقبرة خاصة الى جوار مكتبته في مدينة النجف الاشرف .

مراجع وعلماء منتديات موقع الميزان العودة إلى الصفحة الرئيسية سجل الزوار