مقدمة
الطبعة الثانية:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
وبعد..
فهذه هي الطبعة الثانية لكتاب «براءة
آدم»
عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام، وهي تشتمل على كثير من
الإيضاحات، والتصحيحات، والإضافات، في مختلف الموارد.. ولكنها لم تصل
إلى حد العدول عن النظرة الأساسية التي سجلت في الطبعة الأولى.. بل هي
تدخل في سياق تأكيدها..
وفي جميع الأحوال نقول:
إنه لو لم يكن من نتائج هذا البحث إلا أنه استطاع أن
يقدم هذه القضية بنظرة أخرجها من دائرة الإنحصار في اتجاه واحد لكفى،
فكيف إذا كان قد أسهم في رسم معالم هذا الحدث، وملامحه، بصورة تقترب من
الوضوح التام، في مختلف عناصرها، ومكوناتها الضرورية التي تفيد في
إقناع كل من يستغرق في شبهات كثيراً ما تؤدي به إلىالطعن في عصمة النبي
آدم صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا وآله..
وهو يظهر بما لا مجال معه لأي شك أو شبهة أن هذه القضية
إنما هي من جملة ابتلاءات الأنبياء، التي أراد الله من خلالها أن يظهر
مكنونات ضمائرهم، وحقيقة وشرف معادنهم وعناصرهم، ومدى صفاء جوهرهم،
ليقيم بذلك الحجة على الناس، ولتتمثل لهم الأسوة والقدوة، بأجلى وأتم
حالاتها، وليبين لهم حقيقة مقاماتهم، وأن الله قد اصطفاهم واجتباهم
استحقاقاً منهم لذلك، وتفضلاً منه عليهم.
كما
﴿.. ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ
فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾([1]).
واستحق النبي إبراهيم «عليه السلام» أن يعرف من اسم الله الأعظم ثمانية
أحرف([2])..
وامتحن الله النبي آدم
«عليه السلام»،
فنجح وأفلح، واصطفاه الله، واجتباه، واستحق أن يعرف من إسم الله الأعظم
خمسة وعشرين حرفاً.. كما ورد في الروايات لأنه رضي أن يتخلى عن كل شيء
من الملذات والنعم، والسعادات، ويتحمل كل أنواع المتاعب، والمصائب،
والبلايا الدنيوية، في سبيل أن يكون في مقامات القرب والزلفى، في المحل
الأعلى، مع محمد وأهل بيته الطاهرين..
هذا.. ولا بد لي من شكر الإخوة الأعزاء الذين لم يبخلوا
علي بملاحظاتهم، وبتأييدهم وبآرائهم، فشكر الله سعيهم، وسدد على طريق
الخير والهدى والصلاح خطاهم..
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى
محمد وآله الطاهرين..
حرر بتاريخ 18 شهر رجب 1424 للهجرة..
جعفر مرتضى الحسيني العاملي
عامله الله بلطفه وإحسانه..
عيثا الجبل (عيثا الزط سابقاً)
([1])
الآية 124 من سورة البقرة.
([2])
ولعل
لهذه الأحرف آثاراً في مجالات التصرف المختلفة التي يراد، أو
يفترض في كل نبي أن يتصدى لها، وليس بالضرورة أن يكون لهذه
الأحرف علاقة بسعة علم النبي المعطاء له، كما أنها لا علاقة
لها بأفضليته، إذ لا شك في أفضلية النبي إبراهيم «عليه السلام»
على سائر الأنبياء، ما عدا نبينا الأكرم «صلى الله عليه وآله»،
فضلاً عن أن يمكن أن يكون لبعض الأحرف إحاطة وسعة بحيث تشمل
غيرها من الأحرف على غرار الأسماء الإلهية، فإنها رغم بلوغها
تسع وتسعين اسماً، فإن العلماء ردوها إلى سبعة، واعتبروا هذه
السبعة هي أجل الأسماء، والباقي مندك تحتها، والله أعلم.
|