ومهما يكن من أمر، فقد أحببت في هذا البحث أن أقدم
عرضاً سريعاً، وموجزاً جداً لما ترمي إليه هذه الآيات المباركات.
وسيظهر بوضوح أن ما يزعمون أنه هو الظاهر من الآيات
المباركة، ليس بظاهر منها.. وإنما للآيات منحى آخر، يختلف، بل يتناقض
مع المنحى الذي يزعمون أنها تسير باتجاهه، أو تشير إليه.
بل إننا لا نبعد إذا قلنا:
إن الآيات الشريفة قد جاءت في سياق مدح آدم «عليه السلام» وتعظيمه،
وتكريمه، وتفخيمه، لا لتلومه وتذمه..
إنها تريد أن تمنحه وسام التقدير الفائق، ولتؤكد على
حقيقة ميزاته وخصائصه الفضلى، ولتشير إلى مقامه العظيم عند الله
سبحانه. وأنه «عليه السلام» إنما نال هذا الوسام وتبوأ ذلك المقام،
لنجاحه الباهر في الامتحان، وذلك حين أكل من الشجرة، إذ لولا أكله منها
لاستحق الطرد المهين والمشين، ولكان جديراً بالإسقاط عن درجة النبوة،
ولم يكن ليصلح لها، لا من قريب، ولا من بعيد.
|