وكان لا بد لإبليس أن يقدم حلاً مقبولاً،
ومبرراً معقولاً لهذه المعضلة التي تواجهه.. وأن
يفسح المجال أمام آدم «عليه السلام»،
ويقنعه بالإقدام
على مخالفة النهي..
ولعل هذا المبرر هو أحد أمرين: أولهما: ارادة جنس
الشجرة. وسيأتي.
ثانيهما:
ادعاء أن نهي الله سبحانه له، إنما كان عن شخص الشجرة، لا عن جنسها.
فلعل تلك الشجرة
المشار إليها
كانت مبغوضة لسبب يختص بها،
ولا يتعداها إلى مثيلاتها..
ومن هنا يلاحظ:
أن إبليس قد اختار هذا الحل بالذات، وآثر أن يذكر الشجرة أيضاً بواسطة
اسم الإشارة المعين لشخصها، فقال: ﴿عَن
تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ﴾..
إشعاراً منه بأن شخصها هو المنهي عنه، أما جنسها، فلا دليل على أنه
مشمول للنهي أيضاً..
وبعبارة أخرى:
إن قوله تعالى: ﴿وَلاَ
تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾
يحتمل أمرين: وهما النهي عن شخص المشار إليه، والآخر النهي عن سنخه،
ولا شيء يدل على أن الثاني هو المتعين..
بل قد يقال:
إن النهي عن الشخص هو الأقرب بقرينة التعبير باسم الإشارة الذي يشار به
للشخص المعين والحاضر، ويحتاج إلى التعيين الحسي باليد ونحوها..
فلا مانع إذن من أن يأكل من شجرة أخرى
تماثل الشجرة المشار إليها،
وليس في ذلك مخالفة للنهي، لأن النهي قد تعلق بتلك فقط، لا بهذه.
وقد حاول إبليس التأكيد على رجحان أحد الاحتمالين للنبي
آدم بأمرين:
أحدهما:
إعادة التعبير باسم الإشارة ليؤكد أن المقصود هو شخص ذلك المشار إليه..
والثاني:
القسم: ﴿وَقَاسَمَهُمَا﴾..
وعلى كل حال، فقد
روي هذا المعنى عن الإمام الرضا «عليه السلام»([1])
حسبما تقدم.
([1])
راجع: تفسير البرهان ج3 ص46 وج1 ص83 والبحار ج11 ص164 عن عيون
أخبار الرضا.
|