وكان قد قال لآدم «عليه السلام»
أيضاً:
إن طموحك يا آدم
(«عليه
السلام»)
هو أن يكون عمرك مديداً ومديداً جداً،
ولكن لا لتستفيد من لذائذ الحياة الدنيا ونعمها، بل أنت
تفكر بخلد يتناسب مع طموحاتك كإنسان طاهر ونبيل، ومن حيث إنك صفوة
الله، ليس فيك أية شائبة لسواه، فأنت تطمح لخلد يهيء لك الفرصة لطاعة
الله، والتقرب إليه، وتصرف عمرك
كله في الطاعة وفي العبادة..
إنك
لا تريد الخلود كراهة منك للموت، أو استجابة لشهوة حب
البقاء،
أو نحو
ذلك، وإنما تريد الخلود ليمكنك الاستمرار والبقاء في طاعة الله سبحانه
من موقع القوة والاقتدار على صنوف الطاعات، ومن موقع الغنى، فتصل
بعبادتك وجهادك إلى مقام بعد مقام، فلا يدفعك جوع،
أو عطش،
أو حر،
أو برد،
أو عدو،
أو مرض،
أو نحو ذلك إلى تلمُّس
ما يدفع ذلك عنك،
مما قد يبطىء حركتك باتجاه هدفك السامي.
والشاهد على أن هذا هو طموح النبي آدم «عليه السلام» هو
سعيه لنيل صفة الملائكية التي تعني التخلص من الغرائز والمؤثرات،
والشهوات، والصوارف، التي يحتاج إلى بذل جهد في مدافعتها، وإبطال
تأثيرها..
وهذه
هي أمنية
كل مؤمن حسب ما جاء في الأدعية الشريفة الواردة عن الأئمة «عليهم
السلام».
فهذه العروض التي وضعها إبليس أمام النبي آدم «عليه
السلام»، تنسجم مع أهدافه التي يرى نفسه ملزماً بالسعي إليها، والحصول
عليها..
فإنها كما قد يقال: لكن قوله: ﴿مَا
نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا
مَلَكَيْنِ﴾..
إشارة إلى أن الله لا يريد لكما ذلك، فكيف يطلب النبي آدم «عليه
السلام» ويسعى وراء أمر لا يريده الله له؟!
وقد يجاب:
أن عدم إرادة الله له ذلك، ليس لحرمته عليه، بل لأنه لا يريد له ذلك.
لما فيه من الشقاء والتعب، والعيش الضنك، ولكن إذا اختار هو تحمل ذلك،
فسيكون من المفلحين..
|