صفحة :277   

2 ـ رمتني بدائها وانسلت..

وكان الرد على المالكي كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..

وبعد..

فقد اطلعنا على إجابة حسن بن فرحان المالكي على الأخ تكبيرة العرش، فوجدناه يطعن على الشيعة، وينسبهم إلى التحريف؛ ولكن مع الاعتذار!! ثم أمعنا النظر في إجابة المالكي على السؤال المطروح فوجدناها غير دقيقة، وتحمل التجني وذلك لما يلي:

إن السؤال والإجابة كانا حول المتعة في رواية عمران بن الحصين الواردة في البخاري. فادعى المالكي أن الرواية ناظرة لمتعة الحج، لذكر البخاري لها في ذلك المورد إلخ..

ونقول: إن لنا على كلامه ملاحظات هي:

1 ـ إن ذكر البخاري للرواية في كتاب الحج لا يجعل الرواية تتحدث عن خصوص متعة الحج، ولا يعد ذلك قرينة على المراد منها، لا متصلة ولا منفصلة، ففهم البخاري حجة على البخاري فقط وليس حجة على غيره.

إذن فلا بد أن ينظر في الرواية نفسها، فيؤخذ بدلالتها، من دون تأثر بما يريد البخاري أن يوحي به للناس..

2 ـ إن السائل لم يقل لك: إن الشيعة قد زادوا في الرواية كلمة «متعة النساء»، لتقول له: إن الشيعة يحرفون الكلام، بل ذكر لك النص المنقول عن البخاري بدقة، ومن دون زيادة ونقيصة، ثم ذكر لك أن العسقلاني قد ذكر أن عمر هو الذي منع نكاح المتعة، وهذا صحيح أيضاً..

وقد صرحت بهذا الأمر روايات كثيرة في كتب أهل السنة.. فلماذا وجهت الاتهام بالتحريف إلى كتابات الشيعة؟! حتى لو كان السائل قد فهم من كلام ابن الحصين أنه يقصد متعة النساء.

3 ـ إن السائل لم يقل لك: إن نهي عمر عن متعة النساء موجود في البخاري، فلماذا قلت له:

نعم قد وردت عن السنة روايات أخرى بأن أول من نهى عن متعة النساء هو عمر لكن ليس هذا في البخاري.

4 ـ لماذا تحشر دائما اسم الزيدية في موضوع الحجاج والاحتجاج وماذا يقدم أو يؤخر رأيهم في ذلك فإن الميزان هو الدليل والبرهان ولا يصلح قول أحد لذلك إلا إذا كان معصوماً وإلا إذا كان يخبر عن الله.. ويستدل بآياته..

5 ـ ما معنى قولك: إن صح عن عمر شيء من النهي، فيكون غير عالم بدليل التحريم..

ونقول لك: إن هذا المنع موجود في مسلم ومسند أحمد وكثير من كتب الصحاح والمسانيد بأسانيد صحيحة حسب موازينكم.

6 ـ إذا كان عمر غير عالم بالنهي كما تقول، فلماذا يقدم على تحريم أمر في الشريعة ليس لديه دليل على تحريمه؟!

7 ـ إن إقدام عمر على تحريم متعة الحج، وهي ثابتة الجواز لا يعد عذراً له، بل هو يؤكد الإشكال عليه وعليك.

8 ـ في أخبار القضاة لوكيع ج2 ص124 رواية تشير إلى أن عمران إنما يتحدث عن متعة النساء.

9 ـ قد عد كثير من العلماء عمران بن الحصين في جملة القائلين بحلية متعة النساء، والظاهر: أن مستندهم في ذلك هو هذه الرواية بالذات([1]).

فلماذا يرجح فهم البخاري وغيره على فهم أمثال هؤلاء؟

10 ـ إن هذا الإصرار من عمران، وهذا الكلام الجارح والقوي منه، إنما يناسب الإصرار على المتعة، إذ لا إصرار على متعة الحج. فقد اختار أهل الحديث التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو قول الشافعي وأحمد واسحاق..

وكنا نحب أن نناقشك في هذا الموضوع ـ موضوع تشريع المتعة ـ بصورة تفصيلية، لأننا نملك أكثر من مئة رواية في كتب أهل السنة وصحاحهم ومسانيدهم المعتبرة تفيد بصورة أو بأخرى استمرار هذا التشريع بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله». ولسوف لن تتمكن من اتهامنا، لا بالتحريف، ولا بالافتراء، ولا بالتأويل..

بل ستجد نفسك مضطراً إلى اللجوء إلى التأويلات الباردة الكثيرة جداً، كما تعودناه في هذه الموارد، أو إلى محاولة التشكيك في النوايا بغير حق.

والحمد لله رب العالمين.


 

([1]) راجع: الجامع لأحكام القرآن ج5 ص133 والمحبر لابن حبيب ص289 وتفسير النيسابوري (مطبوع بهامش جامع البيان) ج5 ص17 وأوجز  المسالك ج9 ص404 عن الثعلبي وغيرهم.

 

 
   
 
 

موقع الميزان