بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد
وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين، إلى
قيام يوم الدين.
وبعد..
فإنني كنت قد أعطيت وعداً بإجابة طلب وجَّهه إليَّ
أخ كريم في أن أكتب عن بعض ما يرتبط بالإمام السجاد صلوات الله وسلامه
عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين..
فاخترت إعطاء لمحة عن سياسة الحرب والقتال في دعائه
«عليه السلام» لأهل الثغور، وآثرت أن تكون موجزة قدر الإمكان..
فكان هذا الكتاب الذي نضعه بين يدي القارئ الكريم
هو ثمرة هذا الجهد.. غير أن عليَّ أن أسجل هنا الأمور التالية:
الأمر الأول:
إنني حين كتبت هذه العبارات والإشارات لم يتوفر لدي
سوى كتاب واحد، وجدته بعد أن أنجزت شطراً وافراً.. ألا وهو كتاب رياض
السالكين لِلْعَلَم العلامة، والفهامة السيد علي خان المدني «رحمه
الله» وقدس سره..
فإن وجد فيه القارئ فيما كتبته شيئاً من الخلل أو
التقصير، فليغض الطرف.. وليرشدني إليه، بارك الله فيه وعليه..
الأمر الثاني:
إن ما أوردته في هذه المطالعة يرتكز على مقولة مفادها:
أن دعاء الإمام السجاد «عليه السلام» وطلبه من الله
تعالى أن يحقق هذه الأمور هو من مفردات السعي إلى تحقيقها، ولو كانت
متحققة بالفعل لم يكن لطلبها معنى! وهذا يبرر العمل والسعي إلى الحصول
عليها بأيٍ من الوسائل المادية المتوفرة..
فكان عملنا في هذا العرض هو التأكيد على لزوم العمل
من أجل تحقيق ذلك كله، واعتباره جزءاً من سياسة الحرب، ومن المهمات، أو
الأهداف، أو الأساليب المشروعة، التي لا بد من وضع آليات عملية
وإجرائية لها..
الأمر الثالث:
إن هذا الكتاب ـ كما الدعاء ـ قد تضمن أربعة عشر
فصلاً، تكفل كل فصل منه بمعالجة ناحية أساس ورئيسة فيما يرتبط بالحرب
والقتال..
غير أن بعض الأمور الهامة والحساسة في هذا المجال
أيضاً ـ كالإعلام الحربي، والتربية الروحية، وما إلى ذلك ـ قد تداخلت،
وتوفرت الإشارات إليها في العديد من الفصول..
وربما يكون السبب في ذلك هو قصورنا أو تقصيرنا في
بلورة القواسم المشتركة للتبويب والتقسيم، أو يكون السبب فيه هو تداخل
هذا النوع من الجهد الحربي مع جميع الأقسام، أو مع أكثرها..
الأمر الرابع:
كنا قد عزمنا على أن نلحق كل فصل بخلاصات تتضمن
إعادة التأكيد على نقاط رأينا أنها هامة.. ثم أعرضنا عن ذلك، تاركين
هذا الأمر إلى القارئ الكريم.. علماً بأننا لم نحاول استقصاء كل ما
ألمحت إليه النصوص بصورة حاسمة.. لأن هدفنا كان هو إعطاء النموذج
والمثال.. تاركين أمر استخراج سائر النقاط إلى أهل الإختصاص، ومن يهمه
الأمر..
الأمر الخامس:
سيلاحظ القارئ العزيز:
أن الكلام في شرح هذا الدعاء لم يجر
على وتيرة واحدة، فقد جاء مقتضباً في عدد من المواضع، التي قد يكون
التفصيل فيها مطلوباً ومرغوباً..
وسبب ذلك هو إحساسنا أن الإفاضة في الكلام سوف تؤدي
بنا إلى إثارة بحوث لا يصح الإكتفاء فيها بالإشارة، لأن ذلك قد يسيء
إلى الفكرة، إذا كان يؤدي إلى عرضها بصورة منقوصة، أو فهمها على غير
وجهها..
الأمر السادس:
إن هذا الدعاء يعطي الإنطباع
عن أن ساحة كرم الله سبحانه وتعالى لا تضيق عن إفاضة ذلك السيل العارم
من العطايا على سبيل التفضل، والإعجاز، والكرامة لأوليائه، فإذا أوكل
الله تبارك وتعالى ذلك إليهم، كلاً أو بعضاً، فلا بد أن يكون سببه أن
مصلحتهم تكمن في ذلك..
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين
اصطفى، محمد وآله الطاهرين..
بيروت في 25 أيار 2007م الموافق 9 جمادى الأولى 1428هـ
جعفر مرتضى العاملي |