الإختصاص وكتاب سليم

   

صفحة :   

الإختصاص وكتاب سليم:

ومن المؤاخذات التي أشيعت: إن من بين المصادر التي اعتمدناها كتاب الإختصاص، وكتاب سليم بن قيس، وليس بالضرورة أن يكون هذان الكتابان معتمدين لدى أولئك الذين يثيرون هذه القضايا، مع رجوع أكثر الروايات الدالة على قضية الزهراء «عليها السلام» إلى هذا الثاني.

ونقول:

1 ـ إن المصادر التي سجلت الأحداث التي جرت على الزهراء لا تنحصر في هذين الكتابين، ولا تنتهي إليهما، وإن أدنى مراجعة لكتابنا: «مأساة الزهراء «عليه السلام».. شبهات وردود» ولأسانيد ومضامين الروايات التي أوردناها فيه، والتي رواها أهل السنة والشيعة..

كفيلة بإظهار خطل هذا القول وفساده. حيث يظهر للمتأمل أن الروايات متضافرة، ومتواترة، قد رويت من طرق مختلف المذاهب. وما روي عن كتاب سليم لا يزيد على نصوص يسيرة، ربما لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. واختلاف الروايات في سياق الخبر، وفي رجال الأسانيد شاهد صدق على أن النقل لم يكن من كتاب واحد، هو كتاب سليم الذي قد تجد لدى البعض حساسية خاصة تجاهه.

2 ـ أما بالنسبة لكتاب الإختصاص فنقول: إن نفس ذلك البعض قد اعتمد على هذا الكتاب مصرحا بنسبته إلى الشيخ المفيد([1]). وقد تحدثنا في كتاب المأساة عن الشبهات التي أثيرت وحوله وقد ظهر أنها كلها مما لا يصح الالتفات إليه.

3 ـ إن توثيق كتاب سليم بن قيس، وقبول رواياته لا يتوقف على توثيق الطريق إليه بصورة صريحة ومباشرة، إذ يكفي لقبول رواياته تلقي العلماء له بالقبول والرضا، والأخذ منه واعتمادهم الظاهر عليه مع عدم التفاتهم إلى ما يقال حول رجال الطريق إليه، شاهد قوي على أن هذا الكتاب فوق مستوى النقد، وأن له من الثبات، والقوة ما قد قامت القرائن عندهم على صحته إلى درجة أنه لم يكن ثمة أية شبهة يعتد بها يمكن أن تخدش عندهم في صحته.. وإذا ما ناقش بعضهم في إحدى الروايات فيه، فهو كمناقشاتهم في بعض الروايات التي في الكافي، أو التهذيب، كما صرح بذلك الإمام الخوئي رحمه الله في معجم رجال الحديث.

بل إن المعيار ـ بنظر نفس ذلك البعض، الذي نحن بصدد مناقشة مقولاته ـ هو الخبر الموثوق، لا خبر الثقة، فلا حاجة عنده إلى وثاقة الطريق. إذ يكفي وثاقة المضمون والاطئمنان إليه، وما ذكره مبررا للشك في المضمون من استحسانات عقلية، لا ينهض على مطلوبه كما أوضحناه في كتاب المأساة، وأشار إليه الإمام الخوئي في معجم رجال الحديث.

والحاصل:

إننا قد قلنا: إن كتاب سليم قد تلقته الأمة بالقبول والرضا. كما تلقت غيره من كتب الإمامية المعتمدة، وإن كان بعض العلماء قد ناقش ببعض ما ورد فيه من روايات..

وهذا هو ما قصده آية الله العظمى السيد الخوئي رحمه الله حين دافع عن مضمون الكتاب تارة، ثم حكم بضعف الطريق إليه أخرى وإنما صدر منه (ره) ما صدر باعتبار كونه قائلا بحجية خبر الثقة لا الخبر الموثوق.

ولعمري.. إن من يقرر الأخذ بروايات أهل السنة من دون تحفظ أو تدقيق في أسانيدها([2])، إذا حصل له الوثوق بصحة مضمونها وانعدمت في نظره دواعي الكذب فيها، لا يحق له النقاش في كتاب سليم الذي هو من أهم الكتب التي تلتزم أصول المذهب الحق، ولا تشذ عنها.

ثم إنه كيف يحصل له الوثوق بمرويات كتب أهل السنة في الأمور الفقهية بحجة أنه لا داعي للكذب فيها، ولا يحصل له الوثوق في كتب أهل السنة أيضاً وفي أمور ذكروها عن أشخاص لا يحبون إدانتهم في شيء، مع عدم وجود داع للكذب فيها أيضاً، بل الداعي يسوقهم إلى عدم التصريح بتلك الأمور، وعدم ذكرها؟!!!


 

([1]) راجع: تأملات في آفاق الإمام الكاظم «عليه السلام»: ص40.

([2]) كتاب النكاح: ج1 ص58.

 
   
 
 

موقع الميزان