4 ـ احتجاج الزهراء بما جرى!

   

صفحة :   

4 ـ احتجاج الزهراء بما جرى!

وأما بالنسبة للاحتجاج على القوم بما اقترفوه في حق الزهراء «عليها السلام» فإننا نقول:

أولا: إنه لا تصح مقولة: أن عدم الاحتجاج تلازم عدم وقوع الحدث، إذ أن الحدث يقع ثم تحصل موانع من ممارسة الاحتجاج به


/ صفحة 201 /

أحيانا، وبعبارة أخرى إذا حدث أمر، وشهده الناس وعاينوه، وتحققوه بأنفسهم، فلا تبقى ثمة حاجة إلى ذكره، ولا فائدة من الإخبار به، ولا سيما لمقترف ذلك الجرم نفسه، إلا إذا كان ثمة ضرورة أخرى كإلزامه بالأمر أو ما شاكل.

ثانيا: قد ذكرنا أنها «عليها السلام» لو جعلت هذا الأمر محور اعتراضها على الغاصبين للخلافة، فإنها تكون قد وقعت في محذور تضييع القضية المحورية الكبرى، وهي قضية الخلافة، لأنهم سوف يتمكنون من أن يصوروا للناس: أن النزاع معها «عليها السلام» نزاع شخصي على أمور صغيرة، ولن يعود نزاعا على الدين، أو على من هو أحق بالخلافة، أو على مصلحة الأمة.

وإذا صارت المسألة شخصية، فإن الواجب يفرض على الزهراء «عليها السلام» العفو عن المسيئين، حين جاؤا إليها، وطلبوا العفو منها، لأن العفو في الأمور الشخصية مما يفرضه الخلق الإنساني والاسلامي، وقد قال الله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ([1]).

وقال: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ([2])، وقال: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ([3]).

إن تحويل النزاع إلى نزاع على أمر شخصي هو أعظم هدية تقدمها الزهراء «عليها السلام» إليهم، مع أن القضية ليست شخصية، ولم يرجعوا الحق إلى نصابه، فلم يرجعوا الخلافة إلى صاحبها الشرعي، ولا فعلوا أي شيء يدل على انصياعهم للحق، إذن، فلم يكن من حق الزهراء «عليها السلام» أن تعفو عنهم، أو أن تهادنهم، وتظهر لهم القبول والرضا.

ثالثا: إنها «عليها السلام» قد ذكرت ذلك وذكره علي أمير المؤمنين «عليه السلام» أيضاً. فلنلاحظ معا النصوص التي ستأتي في القسم المخصص للنصوص والآثار.

ونشير هنا إلى بعض من ذلك أيضاً:


 

([1])  الآية 199 من سورة الأعراف.

([2])  الآية 22 من سورة النور.

([3])  الآية 85 من سورة الحجر.

 
   
 
 

موقع الميزان