تناقضات لا مبرر لها:
ونجده يقع أحيانا في تناقضات لا مبرر لها، وقد حصل له
ذلك في موردين:
الأول: نفاق الذين انتخبوا عثمان:
فنجده في حين يصف الذين تحيزوا إلى عثمان في الشورى،
وبايعوه. بالمنافقين. راجع ص106.
يعود في الصفحة نفسها ليذكر ما يشير إلى عدم كونهم من
المنافقين، بل هم من الأتقياء المؤمنين، فيقول: إنهم «عدلوا عن عثمان
/ صفحة 364 /
عندما رأوا طغيانه، وهتكه لأصحاب رسول الله، ومشورته في
أمور المسلمين مع كعب الأحبار، وتوزيعه أموال المسلمين بين بني مروان،
فبدأ هؤلاء الثلاثة بتحريض الناس على قتل عثمان».
ويقصد بهؤلاء الثلاثة:
طلحة، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وقد كنا نود أن نراه يضيف
إلى الأسباب التي ذكرها: أنهم لم يجدوا عند عثمان ما كانوا أملوه من
إشراكهم في الأمر، حيث آثر أقاربه بكل شيء دونهم. والكل يعلم: أن طلحة
قد حارب علياً «عليه السلام» أيضاً بسبب أنه لم يستجب لمطالبه التي
تغذي طموحاته، ولسعد بن أبي وقاص، موقف من علي بسبب ذلك أيضاً.
الثاني: من الذين انتخبوا عثمان:
وفي حين نجده يقول: «إن عثمان لم يأت إلى الحكم إلا
بوصية من عمر، وانتخاب ثلاثة من المنافقين فقط وفقط، وهم: طلحة: وسعد
بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف» ص106.
فإننا نجده يشكك في هؤلاء الثلاثة ويقول: «إنما انتخبه
ثلاثة، أو اثنين (كذا) منهم» ص61. مع العلم بأن عمر لم يوص بالخلافة
إلى عثمان كما زعم.
كما أن قوله:
إنه جاء بوصية من عمر، وبانتخاب ثلاثة غير منسجم ولا متوازن.
إلا أن يكون مراده:
أن عمر قد ركب الشورى بحيث يصبح انتخاب عثمان حتميا. فاعتبر ذلك بمثابة
وصية بالخلافة له.
/ صفحة 365 /
|