التسمية بعبد الحسين لا تصح..
العبودية لا تكون إلا لله وحده؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿بَلِ
اللهَ فَاعْبُدْ﴾
[الزمر:66]،
فلماذا يتسمى الشيعة بعبد الحسين،
وعبد علي، وعبد الزهراء، وعبد الإمام؟!
ولماذا لم يسم الأئمة أبناءهم بعبد علي وعبد الزهراء؟!
وهل يصح أن يكون معنى عبد الحسين (خادم الحسين) بعد
استشهاد الحسين «رضوان الله عليه»؟!
وهل يعقل أنه يقدم له الطعام والشراب، ويصب له ماء
الوضوء في قبره!!! حتى يصير خادماً له؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإن علينا ملاحظة الأمور التالية:
أولاً:
هناك فرق بين العبادة والعبودية، فالعبادة لا تصح لغير الله سبحانه،
ومن عبد غيره فقد ضل وأشرك..
ثانياً:
العبودية بمعنى المملوكية تكون لله تعالى بالأصالة، وقد تكون لغيره
تعالى بالتبع، بمعنى: أن الغير يملِّك غيره من خلال تمليك الله تعالى
إياه، فهو تعالى المالك الحقيقي لكل شيء، وهو تعالى يملِّك غيره من
عباده الأرض والشجر، والحجر، والحيوان، والإنسان أيضاً، وغير ذلك.. فقد
قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا
الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ..﴾([1]).
فيصير زيد ملكاً لعمر، وبتمليك الله تعالى بأحد الأسباب
الموجبة لذلك.
ثالثاً:
روي: أن حبراً من الأحبار قال لعلي «عليه
السلام»:
أفنبي أنت؟!
فقال «عليه السلام»:
«إنما أنا عبد من عبيد محمد»([2]).
ولعله قال ذلك «عليه
السلام»
بعد استشهاد رسول الله «صلى الله
عليه وآله»،
وإن كان قد قاله في أيام خلافته، فيكون قد مضى على استشهاد رسول الله
«صلى الله عليه وآله» أكثر من ربع قرن. فهل قصد «عليه السلام» أنه يقدم
للنبي «صلى الله عليه وآله» الطعام والشراب وهو في قبره؟!
رابعاً:
من كلمات لقمان لابنه: «يا بني كن عبداً للأخيار»([3]).
وقد ورد عن علي «عليه السلام»:
أنا عبد من علمني حرفاً واحداً، إن شاء باع، وإن شاء
أعتق، وإن شاء استرق([4]).
وقال
أمير المؤمنين «عليه السلام»:
من علمني حرفاً، فقد صيرني عبداً([5]).
وعن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه
قال:
من تعلمت منه حرفاً، صرت له عبداً([6]).
ومن الكلمات المأثورة:
من علمني حرفاً كنت له عبداً([7]).
خامساً:
إن أبرز خصوصيات العبد تجاه مولاه: أنه لا يقدر على شيء، وأن سيده هو
الذي يملك قراره ومساره، فإذا كان الله تعالى قد اعتبر نبيه ولياً
للمؤمنين، بل أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وإذا كان هذا بالذات هو حال
الإمام مع الناس، وفقاً لقول رسول الله
«صلى الله
عليه
وآله»
يوم الغدير: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟!
قالوا:
بلى.
قال:
فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه..».
فإن النتيجة هي:
أن الناس عبيد للنبي محمد «صلى الله
عليه وآله»
بالطاعة لمقام النبوة والإمامة، بمعنى لزوم طاعته والإنقياد له، على حد
طاعة العبيد لأسيادهم..
وقد روي:
أن الإمام الرضا «عليه السلام» قد بيَّن المراد بما حكاه الناس عنهم،
من أن الناس عبيد لهم، بقوله «عليه السلام»: «الناس عبيد لنا في
الطاعة، موال لنا في الدين»([8]).
وليس المراد:
أننا عبيد له بالخدمة والمعونة، فلا معنى لقول السائل: «هل يعقل أنه
يقدم له الطعام والشراب، ويصب له ماء الوضوء في قبره»؟!
وبعد..
فإن هذا يوضح لنا: الفرق بين العبودية بالمالكية، والعبودية في الطاعة،
فإن المالكية تدور مدار الحياة، وتنقطع بالموت.
أما العبودية بالطاعة، فلا يقطعها الموت، بل تتواصل
وتستمر بعده كما كانت قبله. فتجب طاعة الأسياد في الحياة وبعد الممات،
لبقاء العبودية بالطاعة.. أما العبودية بالمالكية، فتزول، لزوال الملك
عن العبد بمجرد موت سيده..
سادساً:
في الصحابة أناس كثيرين لهم أسماء تتوافق مع التسمية باسم عبد علي،
وعبد الحسين، ونذكر من ذلك على سبيل المثال بعض من ذكرهم صاحب الإصابة،
ولم يستطع أن يثبت لنا أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد غير أسماءهم..
مثل:
1 ـ
عبد رضا (أبو مكنف).
2 ـ
عبد شمس بن الحرث بن كثير بن جشم.
3 ـ
عبد شمس بن عفيف بن زهير.
4 ـ
عبد عمرو بن عبد جبل الكلبي.
5 ـ
عبد عمرو بن نضلة الخزاعي.
6 ـ
عبد عمرو بن يزيد بن عامر الجريشي.
7 ـ
عبد عوف بن الحرث بن عوف الأهمسي.
8 ـ
عبد قيس بن لاي بن عاصم.
9 ـ
عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث.
10 ـ
عبد يزيد بن هاشم بن المطلب.
11 ـ
عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفي.
12 ـ
عبد الجد بن عبد العزيز الأزدي.
13 ـ
عبد الحجر بن سراقة.
14 ـ
عبد خير بن يزيد.
15 ـ
عبد القيس اليمامي الحنفى.
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..
([1])
الآية 1 من سورة الحجرات.
([2])
راجع: بحار الأنوار ج3 ص283 والكافي ج1 ص90 وعوالي اللآلي ج1
ص292
والاحتجاج للطبرسي ج1 ص496 و (ط أخرى) ص313 ومستدرك سفينة
البحار ج7 ص64 وتفسير نور الثقلين ج5 ص233 وكتاب التوحيد
للصدوق ص174 والأمالي للصدوق ص534.
([3])
راجع: بحار الأنوار ج13 ص416 و 418 وج71 ص176 و 186 ووسائل
الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص156 و (ط دار الإسلامية) ج8
ص509 ونهج السعادة ج7 ص251 و 353 وقصص الأنبياء للراوندي ص194.
([4])
راجع: العلم والحكمة في الكتاب والسنة للريشهري ص421 عن آداب
المتعلمين ص74 بهامشه، نقلاً عن تعليم المتعلم طريق التعلم
للزرنوجي.
([5])
راجع: جامع السعادات للنراقي ج3 ص112.
([6])
راجع: عوالي اللآلي ج1 ص292 وبحار الأنوار ج74 ص165 ومستدرك
سفينة البحار ج4 ص404 وج7 ص360.
([7])
راجع: كشف الخفاء ج2 ص265.
([8])
راجع: بحار الأنوار ج25ص279 والكافي ج1 ص187 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل الـبـيـت) ج23 ص262 و (ط دار الإسـلاميـة) ج16 ص161 =
= والأمالي للمفيد ص253 والأمالي للطوسي ص22
وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج3 ص491 وتفسير نور الثقلين
ج4 ص52 وبشارة المصطفى ص119.
|