دفن النبي صلى الله عليه وآله في بيت عائشة دليل حبه لها..

   

صفحة : 210   

دفن النبي صلى الله عليه وآله في بيت عائشة دليل حبه لها..

السؤال رقم 75:

كيف يُدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة «رضي الله عنها»؟! وأنتم تتهمونها بالكفر والنفاق والعياذ بالله؟! أليس هذا دليلاً على حبها ورضاه عنها؟!

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وبعد..

فإننا نجيب بما يلي:

أولاً: ذكرنا في الجواب على السؤال رقم (25): أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد دفن في بيت فاطمة الزهراء «عليها السلام»، وقد اثبتنا ذلك بأدلَّة قاطعة لا تقبل الجدل والنقاش.. لكن بعد إخراج الزهراء «عليها السلام» من بيتها بحجة أنها أزعجتهم ببكائها على أبيها استولت عائشة على ذلك البيت. وليس واضحاً إن كان هذا الإستيلاء قد حصل بعد استشهاد الزهراء «عليها السلام» أو قبله!!

ثانياً: قلنا مرات وكرّات: أننا لا نكفِّر عائشة، ولا نقول في حقها إلا ما قاله القرآن، وما ثبت عن رسول الله «صلى الله عليه وآله».. ولكنكم تريدون ان تمنعونا من ذكر ما صدر منها، ومن غيرها، فتتهموننا بأننا نكفّر الصحابة تارة، وبأننا نسبّهم أخرى..

وقد أثبتت الوقائع: أن أساليب الإرهاب الفكري، والإتهام بالباطل، والترهيب لا تجدي في المنع عن ذكر ما ذكره الله تعالى.. وجعله قرآناً يتلى، وما قاله رسول «صلى الله عليه وآله» حسبما رويتموه أنتم لنا، فإنه لم يقله لكي نخفيه، بل قاله ليكون في متناول أيدي الناس، ومن أسباب هدايتهم إلى الحق.

ثالثاً: إن دفن النبي «صلى الله عليه وآله» في بيت عائشة لا يدلُّ على حبه لها، ولا على رضاه عنها؛ لأن البيت ليس ملكاً لها، بل هو ملك له..

رابعاً: أنتم الذين رويتم لنا: أن الصحابة اختلفوا أين يدفن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ثم اتفقوا على أنه «صلى الله عليه وآله» يدفن حيث مات، لأن هذا هو الواجب في دفن الأنبياء([1])، فدلَّ ذلك على أمرين:

أحدهما: أن دفنه «صلى الله عليه وآله» في موضعه إنما كان لأجل تطبيق حكم شرعي ثابت بالنسبة لجميع الأنبياء..

الثاني: أنه لم يقرِّر هو «صلى الله عليه وآله» أن يدفن في بيت أحد، ليقال: إنه قد قرَّر ذلك لهذا الغرض أو لغيره. ولو انه «صلى الله عليه وآله» كان قد قرَّر شيئاً من ذلك لم يختلف الصحابة.

خامساً: ولو فرضنا أنه «صلى الله عليه وآله» هو الذي أمر بأن يدفن في موضع بعينه، فليس بالضرورة أن يكون ذلك لحبه لهذا أو لذاك، فلعله لأجل أن يرغمها على الخروج من ذلك المكان، أو لعله أراد أن يعرِّف الناس بأن الحجرة له هو وليست لها. أو لعله أراد أن يغيظها بذلك. أو لعله.. أو لعله..

سادساً: لو صح قول فريق من الناس: إن النبي «صلى الله عليه وآله» دفن في بيت عائشة، فإننا نقول: إن ذلك لا يدل على أن لأبي بكر وعمر فضيلة في دفنهما معه «صلى الله عليه وآله»، لأنهم قد رووا: أن عائشة هي التي أذنت بدفن أبي بكر وعمر في بيتها، مما يعني: أن دفنهما لم يكن بإذن الرسول «صلى الله عليه وآله»، ولا بأمره.

سابعاً: هناك روايات عن عائشة تقول: إن النبي «صلى الله عليه وآله» يدفن حيث يقبض([2])، ومعنى ذلك: أن دفنه «صلى الله عليه وآله» في موضعه لم يكن بقرار أحد، كما أنه لم يكن لأجل ملاحظة خاطر عائشة أو غيرها..

ثامناً: قد أثبتنا: أن الموضع الذي دفن فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يكن بيت عائشة، بل هو بيت ابنته فاطمة «عليها السلام»، ونحن نذكر هنا بحثاً لنا حول هذا الموضوع، فنقول:


 

([1]) راجع: سنن ابن ماجة ج1 ص521 والملل والنحل للشهرستاني ج1 ص24 وشفاء السقام للسبكي ص279 ونيل الأوطار ج2 ص139 وفتح الباري ج1 ص442 وعمدة القاري ج4 ص187 وعون المعبود ج6 ص22 ومسند أبي يعلى ج1 ص31 و 32 وشرح سنن النسائي ج3 ص200 وتحفة الأحوذي ج2  ص437 = = وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص39 وج17 ص218 ونصب الراية ج2 ص350 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج7 ص237 والمواقف للإيجي ج3 ص650 والمحصول للرازي ج4 ص369 والإحكام للآمدي ج2 ص66 وشرح المواقف للجرجانى ج8 ص376 والتمهيد لابن عبد البر ج24 ص399.

([2]) راجع: مجمع الزوائد ج9 ص112 والخصائص الكبرى للسيوطي ج2 ص486 ومسند أبي يعلى ج8 ص279 والبداية والنهاية ج7 ص397 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص394 والغدير ج7 ص189 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص693.

 
   
 
 

موقع الميزان