صفحة : 131   

عمل الأئمة بالتقية يمنع من إقامة الحجة على الناس..

السؤال رقم 111:

يقال للشيعة: أنتم تقولون بأنَّه لا يصح خلو الزمان من قائم لله بالحجَّة وهو الإمام، فإذا كانت التقية ـ عندكم ـ تسعة أعشار الدين، وهي له سائغة، بل مندوبة، بل منقبة وفضيلة، إذ إنه أتقى الناس، فكيف تتمُّ الحجة به على الخلق؟!

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

فإننا نجيب بما يلي:

أولاً: لسنا نحن الذين نقول: لا يجوز خلو الزمان (أو الأرض) من قائم لله بالحجة([1])، بل هذا هو المروي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

وقد ذكرنا أيضاً: أن حديث الثقلين يدلُّ على بقاء الإمام من أهل البيت «عليهم السلام» حياً إلى يوم القيامة، لأنه «صلى الله عليه وآله» قال عن الثقلين: «لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».. فلا يكفي التمسك بالكتاب وحده للأمن من الضلال.

ومن البديهيات أيضاً: أن الأرض لا تخلو من حجة..

ولا بد من أن تكون الحجة معصومة عن الخطأ، إذ لو لم تكن معصومة، فإن الحجة في مورد الخطأ تكون مفقودة، فتخلو الأرض من الحجة في هذا المورد، وهذا لا يجوز.

ثانياً: إن التقية التي لا يمكن أن تحصل من الإمام هي التي توجب ضياع معالم الدين، وعدم تمامية الحجة على الخلق، ولكن الأمر في تقية الإمام ليس كذلك.. فإن ما يحتاج فيه إلى التقية هو تلك الأحكام التي لو تجاهر الشيعة بها لتعرضوا للخطر من قبل الحكام الذين يرون أن ترويجها يضعف حكمهم وسلطانهم، أو يظهر جهلهم.. أو نحو ذلك من أسباب، فيحقنون دماء شيعتهم بتوجيههم نحو العمل بالتقية، ثم إنهم حين يرتفع الخطر، يعيدون الأمور إلى نصابها، ويصحِّحون المسار، دون أن يتعرضوا هم أو شيعتهم لأي مكروه..

وهذا إنما يكون في أحكام يسيرة جداً، فالعمل بالتقية فيها لا بد أن يصاحبه، أو يعقبه ما يضمن أن لا يحصل أي تضييع للحق، أو أي اختلال في بيان أحكام الشريعة.

ثالثاً: إنه بعد ثبوت مقام الإمامة لشخص، من خلال وسائل الإثبات الصحيحة، ويتولى هو هذا المقام، فإنه سيكون هو المسؤول عن حفظ الدين، وعليه هو أن يبتكر وسائل إيصال الحق إلى الناس..

وقد استخفى النبي «صلى الله عليه وآله» من قريش في دار الأرقم.. وكان في آل فرعون مؤمن يكتم إيمانه.. وفي جميع الأحوال لسنا نحن مسؤولين عن وظائف الأوصياء أو الأنبياء بعد ثبوت نبوتهم أو وصايتهم لنا بالدليل القطعي.. لأننا نحن الذين نأخذ ديننا منهم، ومنهم نتعلم، ولسنا نحن الذين نعلمهم، أو نحدِّد لهم وظائفهم.

والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله..


 

([1]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج10 ص368 وفيض القدير ج6 ص514 والبرهان للزركشي ج1 ص379.

 
   
 
 

موقع الميزان