صفحة : 254   

لا يُبكى على من عز الإسلام بقتله..

السؤال رقم 192:

هل خروج الحسين لكربلاء وقتله هناك عز للإسلام والمسلمين؟! أم ذل للإسلام والمسلمين؟!

إن قلت: عز للإسلام، سأقول لك: ولماذا تبكي على يوم فيه عز للإسلام والمسلمين؟! أيسوؤك أن ترى عز للإسلام؟!

وإن قلت: ذلاً للإسلام والمسلمين، سأقول لك: وهل نسمي الحسين مذل الإسلام والمسلمين؟!

لأن الحسين في معتقدك أيها الشيعي يعلم الغيب، ومنها يكون الحسين قد علم أنه سيذل الإسلام والمسلمين.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

فإنني أجيب على هذا السؤال بما يلي:

أولاً: هل كان استشهاد حمزة في حرب أحد، واستشهاد جعفر بن أبي طالب في حرب مؤتة عزاً للإسلام والمسلمين؟! أم كان ذلاً للإسلام والمسلمين؟!

إن قلت: كان عزاً للإسلام، فسأقول لك: لماذا بكى النبي «صلى الله عليه وآله» على يوم فيه عز للإسلام والمسلمين؟! هل ساءه أن يرى عز الإسلام؟!

وإن قلت: كان ذلاً للإسلام والمسلمين، فسأقول لك: وهل نسمي حمزة وجعفراً مذلِّي الإسلام والمسلمين؟! والحال: أن حمزة وجعفراً قد عملا بأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو مسدد بالوحي، ويعلم بالغيب، من خلال ما يخبره الله به بواسطة جبرائيل!!

ولابد أن يكون قد علم بأن الحمزة وجعفراً سيذلان الإسلام والمسلمين.

فما تجيب به أنت عن هذا، نجيبك به عن سؤالك عن البكاء على الإمام الحسين «عليه السلام».

وأقول أيضاً: هل كان موت رسول الله عزاً للإسلام أم ذلاً؟! فإن كان عزاً للإسلام، فلماذا بكاه الصحابة؟! وإن كان ذلاً للإسلام، فلماذا أماته الله تعالى؟! فهل يفعل الله ما فيه ذل للإسلام؟!

ثانياً: من قال لك: إن الشيعة يدّعون أن الإمام الحسين «عليه السلام» يعلم الغيب بالذات، بل هم يقولون: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان قد أعلم المسلمين، وأعلم الإمام الحسين «عليه السلام» أيضاً: بأنه «عليه السلام» سيقتل في كربلاء.. وكان «صلى الله عليه وآله» يبكي لأجل هذا الأمر.

ثالثاً: إن البكاء على الإمام الحسين «عليه السلام» لا يرتبط بالعز والذل للإسلام، بل هو عاطفة ومحبة، ومشاعر صادقة. وشوق وافتقاد.. وقد رويتم أن عائشة بكت على إبراهيم ابن النبي «صلى الله عليه وآله»، وبكت على أبيها. وقال عبد الله بن شداد: إنه سمع نشيج عمر بن الخطاب وهو يقرأ في صلاة الصبح: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾([1]). وليس في هذه الآية إشارة إلى عذاب، ولا إلى ثواب، ليقال: هو بكاء خوف أو رجاء.

كما بكى النبي «صلى الله عليه وآله» على ولده إبراهيم حين مات.

وكما تبكي أم الشهيد وزوجته، وابنه على ذلك الشهيد الذي أعز الله الإسلام بشهادته، وكما بكى رسول الله «صلى الله عليه وآله» على الشهداء: حمزة وجعفر وغيرهما..

رابعاً: لماذا لا تحتمل أيّها السائل: أن الشيعة يبكون لأجل أن بعض الناس المحبين لقتلة الحسين يسعون لتضييع فوائد وثمرات جهاد وآلام الإمام الحسين «عليه السلام»؟!

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله.


([1]) الآية 86 من سورة يوسف.

 
   
 
 

موقع الميزان