صفحة : 326   

تعظيم القبور والتبرك

السؤال رقم 202:

ما حكم الطواف بالقبور وتعظيمها وطلب الشفاعة إليها، والله تعالى يقول: {فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً..} الآية؟ وما حكم التبرك بها؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

فإننا نعتقد بالقرآن، وبما جاء به رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ونؤمن بما قرره القرآن من أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون..

ونؤمن بأن الأنبياء «عليهم السلام» شهداء على الناس، وأن نبينا «صلى الله عليه وآله» شهيد على أنبياء الأمم السابقة وفقاً للنص القرآني الصريح في ذلك، ونؤمن باستحباب زيارة رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وباستحباب زيارة قبور المؤمنين أيضاً.

ونؤمن بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد زار بعض القبور أيضاً.. وأنه خاطب بعض الموتى، وأخبر أصحابه بأنهم يسمعون ما يخاطبهم به، ولكن لا يقدرون على رد الجواب.

من أجل ذلك كله.. وسواه مما ورد في كتب جميع المسلمين، وهو كثير.. صار المسلمون من أتباع أهل البيت «عليهم السلام»، وكذلك سائر المسلمين من غيرهم، باستثناء أتباع ابن تيمية ـ وهم شرذمة قليلون ـ يزورون القبور.

ثم رأينا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» يقبل الحجر الأسود، ويقبله عمر بن الخطاب، وجميع المسلمين، وإلى يومنا هذا..

ورأينا: أنه لابد من احترام المصحف الشريف، ولا يجوز تعريضه ـ حتى الغلاف ـ للنجاسة، أو لما يوجب التقليل من شأنه..

ثم رأينا: أن الله قد تحدث عن اتخاذ المسجد على أهل الكهف.

ورأينا: أنه تعالى قد عظم الكعبة، وشرفها، وأوجب الطواف حولها، وفرض على الناس تعظيمها، بل هو قد اهتم بالمساجد وكرمها.. وجعل لها أحكاماً، وأوجب على الناس العمل بها..

ثم إنه تعالى قد أحب للناس أن يزوروا قبر نبيه «صلى الله عليه وآله»، وأن يقصدوا قبره الشريف من بلادهم مهما بعدت.

ثم رأينا: أن عمر بن الخطاب يستسقي لأهل المدينة، ويتوسل إلى الله تعالى بالعباس عم النبي «صلى الله عليه وآله»، ولم ير ذلك شركاً ولا رآه الناس كذلك.

ورأينا: أن الله تعالى قد جعل بعض البقاع مباركة، وبعض الليالي مباركة أيضاً، وبعض الأشجار كذلك و.. و.. الخ.. ووصف الكعبة بذلك أيضاً، ووصف تعالى كتابه بأنه مبارك، ووصف عيسى «عليه السلام» نفسه بذلك أيضاً، إلى كثير من الأمور الأخرى التي صرحت الآيات القرآنية الكثيرة بكونها مباركة..

فلماذا لا نفعل كما كان يفعل رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! فنزور القبور، كما كان يزورها، ونخاطب الشهداء الأحياء عند ربهم فيها كما كان يخاطبهم، ونلتمس البركة من هذه الأمور التي باركها الله. فنتبرك، أي نطلب اكتساب البركة، بالكعبة، وبالبقاع، وبالأشخاص المباركين.. ونقتدي بذلك بالنبي «صلى الله عليه وآله» وبجميع الذين تعلموا منه، وأخذوا عنه، حين قبل الحجر الأسود، والتزم الملتزم بالكعبة، واستلم أركانها.

ونطلب البركة من تراب قبره، كما كان الصحابة يتبركون بتراب قبره الشريف، حتى ضربت عائشة عليه حائطاً، وجعلت فيه كوة، فصاروا يأخذون التراب من الكوة، فسدتها أيضاً.. ولعلها خافت من نفاد التراب لكثرة الآخذين منه..

ونحن نستشفع برسول الله «صلى الله عليه وآله» وبالشهداء، لأننا نعتقد أنه «صلى الله عليه وآله» حي، ويشهد على أمته، وأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون..

ونحن نجعل النبي «صلى الله عليه وآله» والأولياء «عليهم السلام» شفعاء إلى الله عز وجل، ووسائل لنا عنده، ليقضي حاجاتنا كما استشفع وتوسل عمر إلى الله تعالى بالعباس، لكي يستجيب تعالى له، وينزل المطر..

ونحن لا نرى أن عمر قد أشرك بذلك.. ولم يدع أن العباس إله مع الله..

 
   
 
 

موقع الميزان