وقال ابن تيمية:
>إن الذي فاتته صلاة العصر، إذا كان مفرطاً لم يسقط ذنبه إلا بالتوبة،
ومع التوبة لا يحتاج إلى رد. وإن لم يكن مفرطاً، كالنائم والناسي، فلا
كلام عليه في الصلاة بعد الغروب.
وأيضاً،
فبنفس غروب الشمس خرج الوقت المضروب للصلاة، فالمصلي بعد ذلك لا يكون
مصلياً في الوقت الشرعي، ولو عادت الشمس<([1]).
وقال أيضاً ما ملخصه:
>إن تفويت الصلاة إن كان جائزاً، لم يكن على علي إثم، إذا صلى العصر
بعد الغروب، وإن كان التفويت محرماً، فتفويت العصر من الكبائر، فعلي
أجل قدراً من أن يفعل هذه الكبيرة، ويقره عليها جبرئيل ورسول الله.
وإذا فاتت لم يسقط الإثم بعود الشمس<([2]).
ونقول:
أولاً:
قد ورد
التصريح في روايات ردّ الشمس بأنه >عليه السلام< كان في طاعة الله
وطاعة رسوله >صلى الله عليه وآله<، وأن النبي >صلى الله عليه وآله<
قال: >إنه كان في طاعتك، وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس< فلا معنى
لاحتمال كونه >عليه السلام<، مذنباً ليحتاج إلى التوبة.
ثانياً:
لم يقل
أحد: إن عود الشمس كان لأجل إسقاط الإثم، بل هو لأجل التكريم الذي
استحقه >عليه السلام<، بسبب أنه كان في طاعة الله وطاعة رسوله.
ولأجل
إعلام الناس بفضله، وبمقامه، ودفع غائلة تشكيك المشككين، وإبطال كيد
المعاندين له، والجاحدين لإمامته..
ثالثاً:
قد
قلنا: إن بعض الروايات قد صرحت بأنه >عليه السلام< قد صلى صلاة المضطر
بالإيماء، ثم رد الله عليه الشمس ليستوفي أفعال الصلاة، للدلالة على
عظيم شأنه عند الله، وكرامته عليه.
رابعاً:
إن كلام ابن تيمية لو صح فإنه يرد على ما رووه من رد الشمس لداود،
ولسليمان >عليهما السلام< ولرسول الله >صلى الله عليه وآله< في الخندق،
وغير ذلك مما تقدم.
خامساً:
لو
سلمنا ـ جدلاً ـ صحة كلامهم هذا بالنسبة لرد الشمس بعد غروبها، فإن
كلامهم هذا لا يدفع الروايات التي تقول: إن الشمس كادت أن تغيب، لأنه
يدل على: أن الصلاة لم تفته >عليه السلام<، ليكون عاصياً، ويحتاج إلى
التوبة.
فإذا
كانت قد حبست من أجله، فتلك كرامة إلهية عظيمة له، وإن كان الله قد
ردها عليه من مكان إشرافها على المغيب إلى مكانها حين وقت فضيلة العصر،
فتلك فضيلة أعظم، وكرامة أجل، فإن مجرد أن يرجع الله الشمس له، لينال
فضيلة الصلاة في أول وقتها، فيه ودلالته على عظيم محبة الله له، وجليل
مقامه لديه، وبالغ كرامته عليه.
|