أو
(المرتضى من سيرة المرتضى)
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الأولى
1429هـ. ـ 2009م.
المركز الإسلامي للدراسات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الـصـحـيـح
(المرتضى
من سيرة المرتضى)
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة
والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولا سيما علي أمير المؤمنين والأئمة
من أبنائه الميامين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، من الأولين
والآخرين، إلى قيام يوم الدين..
وبعد..
فقد وفق الله تعالى في أوئل شهر حزيران سنة 2007م.. للشروع في تسجيل
بعض اللمحات من حياة
أمير المؤمنين وسيد
الوصيين، علي بن أبي طالب «عليه السلام».. نسأل الله
أن يجعل هذا الجهد خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به مؤلفه يوم لا ينفع
مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن يهدي بسيرة الوصي والولي
من شاء من عباده، إنه ولي قدير..
هذا وقد ارتأينا أن يكون تقديمنا لهذا الكتاب هو لفت نظر القارئ الكريم
إلى بعض الأمور التي سيلاحظها بنفسه في هذا الكتاب، وهي التالية:
1 ـ
إن هذا الكتاب غير قادر على عرض كل الدقائق، وتفاصيل الحقائق عن حياة
أمير المؤمنين علي «عليه السلام»، وإنما هو نقطة من بحر سيرته «عليه
السلام»، ولمعة ضوء من باهر دلالاتها، ورشحة من روائع مراميها
وغاياتها.. وباقة ريانة من أزاهير ملامحها وإشاراتها..
2 ـ
إن لحياته «عليه السلام» في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» طابعاً
ينسجم مع موقعه من رسول الله، ومع المهمات التي لا بد له أن يضطلع بها،
وكذلك مع طبيعة تعامله مع مقام النبوة الأقدس.
أما في عهد:
أبي بكر، وعمر، وعثمان، فقد اختلف الحال.. وأصبح له «عليه السلام» موقع
في سياسة الأمور، وفي مواجهة التعديات وحفظ المنجزات، والعمل لحفظ خط
الحق وأهله في موازاة، ومواجهة سياسات الترويج للباطل.. فلا بد من رصد
حركته «عليه السلام» في خضم الأحداث المتلاحقة بعناية ودقة.. واقتناص
الموقف ولملمة شراذمه، وبلورة معالمه..
ثم جاءت خلافته «عليه السلام» لتقدم النموذج الصحيح والصريح للحكومة
الإلهية على الأرض.. فالتعاطي مع هذه الحالات المختلفة لا بد أن يختلف
ويتفاوت، وفق توفر النصوص، وتنوع الخصوصيات في كل منها. وهذا ما ظهر في
هذا الكتاب.. فليلاحظ ذلك.
3 ـ
قد اعتمدنا كثيراً في القسم الذي يرتبط بحياته وسيرته «عليه السلام» في
عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» على النصوص التي أوردناها مع
مصادرها في كتابنا:
الصحيح من سيرة النبي
الأعظم «صلى الله عليه وآله»..
أما ما علقناه على تلك النصوص، أو أوردناه من مناقشات، فمعظمه قد أعدنا
تدوينه، أو أضفناه وألحقناه لاقتضاء المقام ذلك.
4 ـ
قد اعتمدنا في أكثر الموارد طريقة إيراد النص، ثم ألحقناه بفقرات لها
عناوين خاصة بها.. وقد تضمنت تلك الفقرات معالجات، أو انتقادات، أو
تحليلات لما جاء في ذلك النص..
5 ـ
سيجد قارئ هذا الكتاب الكثير من الموارد التي يصح أن تعتبر بمثابة
إعادة نظر، أو تصحيح أو توضيح، أو توسعة لما ذكرناه في سائر مؤلفاتنا..
6 ـ
إن عدداً من المصادر التي أخذنا منها النصوص قد اختلفت طبعاته، وتعددت،
ولم نتمكن من الإعتماد على طبعة واحدة، بسبب الظروف التي واجهناها، ولا
سيما بعد تدمير منازلنا ومكتبتنا التي في بيروت، والجزء الأهم، والأثمن
من مكتبتنا التي في بلدتنا عيثا الجبل ـ عيثا الزط سابقاً ـ مع ملاحظة:
أننا كنا نرغب بالإسراع في إنجاز هذا الكتاب، بعد أن لاحظنا أن وضعنا
الصحي ليس في صالح التسويف أو التباطؤ فيه، فكنا ننجز في كل شهر أو
أقل، أو أزيد بأيام قليلة جزءاً من هذا الكتاب، رغم كثرة الصوارف،
ووفرة المعيقات والموانع في كثير من الأحيان..
7 ـ
إننا لم نلتزم بحرفية النص في خصوص الصلاة البتراء التي تستبعد آل
النبي عنها، بل التزمنا بصيغة واحدة وهي الصلاة الصحيحة، والتامة في
جميع الموارد، وهي عبارة «صلى
الله عليه وآله»..
والتزمنا أيضاً بكلمة «عليه
السلام» بالنسبة للإمام علي وسائر الأئمة.. فليلاحظ
ذلك.
8 ـ
إن هذا الكتاب لم يكتب مسودة، ثم تم تبييضها، بل كتب مسودة، ثم طبع
وصحح مرة واحدة.. فإن ظهرت فيه بعض الأخطاء، أو لوحظ أي خلل أو قصور في
بعض عباراته، فهو بسبب ذلك غالباً، فإن الكتاب الذي لا يحظى بعناية
كافية لا يسلم ـ عادة ـ من خلل كهذا..
9 ـ
لا بد أن نعترف: بأن ثمة مباحث لم توف حقها من البيان، ولم تستوف
نصوصها التي تحتاجها لاستكمال ملامحها أو لم نذكر لها من المصادر ما
يناسب أهميتها.. لأن همنا كان مصروفاً إلى فتح الباب، وإراءة الطريق،
ولم يكن بإمكاننا الأخذ بيد سالكيه إلى نهاياته، لأن ذلك قد يؤدي إلى
استطرادات واسعة، قد يصعب معها تحقيق الغرض من التصدي لتأليف الكتاب،
فليقبل القارئ الكريم عذرنا هذا، والعذر عند كرام الناس مقبول..
10 ـ
إن لنا الحق في أن نسجل هنا أمراً قد يفيد تسجيله في إثارة الرغبة لدى
بعض أهل العلم بالتصدي لمعالجته، وهو أن ما يرتبط بحياة أمير المؤمنين
ليس مجموعاً في كتاب تكفل بتبويبه وترتيبه، وتنسيقه وفق خطة بعينها، بل
وجدناه متناثراً، ومنتشراً في كل كتاب، وفي كل فصل وباب، ولو جمعت
سيرته «عليه السلام»، ورتبت، وبوبت حسب الأصول، فلربما تكون معالجتها
أوفى وأتم مما هي عليه الآن.
11 ـ
قد يلاحظ القارئ الكريم على مصادر هذا الكتاب أنها خلطت المصدر بغير
المصدر، وذكرت القديم والحديث، والآخذ، والمأخوذ منه. وقد يتخذ ذلك
ذريعة للطعن في سلامة الطريقة، وأن ينسب الخلل إلى معايير البحث، ونحن
نريد هنا أن نطمئن القارئ إلى أن هذا لم يغب عن بالنا، ولكننا قد
تعمدنا ذلك لعدد من الأسباب التي لا مجال لشرحها الآن..
ومنها:
التعريف بكتب علمائنا رضوان الله تعالى عليهم، والدلالة على تضمنها
لهذه الحقائق..
ومنها:
رفض الإلتزام بما يريد الآخرون أن يفرضوه علينا، من أن المعتبر هو
كتبهم ومصادرهم ، وادعاء أنها هي الصحيحة دون سواها.
ومنها:
تيسير الوصول إلى الكتب التي دونت النص لمن لا يملك مكتبة جامعة..
ومنها:
..
ومنها:
..
12 ـ
إنني أتمنى على القارئ الكريم أن يتحفني بملاحظاته، وإقتراحاته،
وسيجدني إن شاء الله عند حسن ظنه، لأن المهم عندي هو إحقاق الحق،
وإبطال الباطل، وليس لدي أي مصلحة في غير ذلك.
والشاهد على ذلك:
أن الذي يلتزم جانب الحق، لن يكون مقبولاً عند أهل الباطل، وسيواجهونه
بمختلف أنواع الكيد، والمكر، والتجني..
وهذا هو ما واجهناه، ولا زلنا نـواجهه على مـر الدهور وكـر العصور..
13 ـ
قد يشعر البعض في بعض الأحيان ـ وإن كانت قليلة ـ: أن ما نأخذه على
البعض قد نقع فيه، فمثلاً قد نقول: إننا نشك في نص بعينه، لوجود نصوص
أخرى تخالفه.. مع أن ذلك قد يحدث لنا أيضاً.
ونقول:
إن غيرنا يدعي:
أن ما يقوله هو الصحيح، لأنه ورد في كتب الصحاح عنده.. وما عداه مكذوب،
فنحن نلزمه بقوله. ونقول له:
إن هذا النص موجود في كتبك، فإن كان مكذوباً، فالكذب قد صدر من علمائك
الذين تنسب إلىهم الديانة، وتصفهم بالوثاقة، فكيف تحكم؟!
أما نحن، فنقول:
كل رواية وردت في مؤلفات علمائنا تحتمل الصدق والكذب، لا لأن علماءنا
قد كذبوها.. بل لأن علماءنا قالوا: نحن ننقل لكم ما نقل إلينا، وكله
يحتاج إلى بحث وتمحيص منا ومنكم. فنحن وأنتم فيه شرع سواء..
وربما يكون المقصود هو بيان تناقض نصوص صححاهم نفسها، ليتبين لهم عدم
صحة هذا الإدعاء، لكي يتنازلوا عن العرش الذي وضعوها فيه.
أما نحن، فإننا لم ندعِ صحة جميع ما في كتبنا، ليطلب منا التخلي عن هذه
النظرة، التي من شأنها أن توقعنا في كثير من المشكلات.
14 ـ
وأخيراً.. نسأل الله سبحانه أن يلهمنا قول الحق، ويرزقنا نصرته،
وتقويته، والإلتزام به، وأن يزهق الباطل، ويفضح أهله، ويرد كيدهم إلى
نحورهم، ويحفظ أولياءه منهم، ويقوي عزائمهم، ويشد على أيديهم، إنه ولي
قدير..
وقد حرر هذا التقديم بعد أشهر من الشروع في هذا الكتاب، وذلك حين قرر
الإخوة المهتمون بطباعة الكتاب، أن يشرعوا في طباعة القسم الأول منه..
يبدأ من أحداث ولادة علي «عليه السلام»، وينتهي أول خلافة علي أمير
المؤمنين «عليه السلام» في سنة 35 للهجرة.
وكنا قد بدأنا في تدوين هذا الكتاب في أوائل شهر حزيران سنة 2007
للميلاد، وانتهينا إلى أول خلافة علي «عليه السلام» في أواخر شهر
حزيران سنة 2008 للميلاد. رغم أننا قد توقفنا عن الكتابة خلال هذه
الفترة نحو شهرين، بسبب سفرنا إلى إيران والعراق لزيارة العتبات
المقدسة.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده
الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.
عيثا الجبل (عيثا الزط سابقاً)
26/6/سنة
1429 هـ.ق الموافق 30/6/2008م.
جعفر مرتضى الحسيني العاملي |